23 ديسمبر، 2024 4:34 ص

موعد الانتخابات المقبلة وتأثيره في نوعية الانتخابات ونسبة المشاركة الجماهيرية

موعد الانتخابات المقبلة وتأثيره في نوعية الانتخابات ونسبة المشاركة الجماهيرية

قرر مجلس الوزراء أواخر شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي تحديد يوم 15 ايار/مايو 2018 موعدا لاجراء انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات بعد اقتراح مجلس المفوضين السابق تاريخ يوم 12 من نفس الشهر موعدا للانتخابات ، ثم عاد ليصوّتَ على تعديل قراره أعلاه بتحديد موعد الانتخابات يوم 12 أيار 2018 بدلا من 15 أيار 2018.
هنالك عدة ملاحظات على هذا الموعد ، أولها أنه سيتزامن مع بدء شهر رمضان المبارك ، وثانيها تداخله مع الامتحانات التحريرية النهائية للصفوف غير المنتهية للدراستين المتوسطة والاعدادية والتي جرت في السنة الدراسية الماضية 2016-2017 يوم 17 مايو 2017 وقد سبقتها الامتحانات الشفوية باسبوع تقريبا ، وقد يكون هذه الموعد مماثل أو مقارب لمواعيد السنة الماضية. أما ثالثها : فهو مزامنة الموعد مع الأجواء الحارة التي تبدأ في العراق ولاسيما في الوسط وحتى الجنوب قبل حلول شهر أيار من كل عام. جميع هذه العوامل وغيرها ترافقها أعلى درجات عزوف تواجهها الانتخابات العراقية في عموم البلاد منذ إجراء أول انتخابات مطلع عام 2005 لأسباب لايتسع المجال لذكرها هنا . ولعل المتتبع لمواعيد الانتخابات التي جرت منذ ذلك العام يجد أن أغلبها قد أقيمت في أجواء باردة أو معتدلة سهّلتْ على الناخب التوجه الى مراكز التصويت كما ساعدت موظفي المفوضية من العمل بنشاط ومطاولة أكبر . فانتخابات الجمعية الوطنية ومجالس المحافظات الأولى جرت يوم 30 كانون الثاني/ يناير 2005، والاستفتاء على الدستور جرى يوم 15 تشرين الأول/أكتوبر 2005 ، وأول انتخابات لاختيار أعضاء مجلس النواب جرت في 15 كانون الأول / ديسمبر 2005. في حين جرت انتخابات مجالس المحافظات الثانية في 31 كانون الثاني/ يناير 2009، وانتخابات مجلس النواب الثاني في 7 آذار / مارس 2010، وانتخابات مجالس المحافظات الثالثة في 20 نيسان/أبريل 2013 ، وآخر انتخابات لمجلس النواب وهو الثالث جرت يوم 30 نيسان /أبريل 2014.
وهكذا يتبين لنا أن مواعيد الانتخابات أخذت بالزحف بدءا من موسم الشتاء مرورا بفصل الربيع – المفضل لإجراء الانتخابات – حتى وصلت فصل الصيف !! ولعل المدة بين مطلع شهر شباط وحتى منتصف نيسان هي الفترة الأفضل لإجراء الانتخابات ولاسيما إذا ما جرت في العطلة الربيعية مع إعتدال الجو وإستقرار الطاقة الكهربائية التي تحتاج اليها كافة دوائر ومكاتب ومراكز اقتراع المفوضية ومرافقها الأخرى.
ومن الجدير بالملاحظة أن عوامل الصيام في شهر رمضان أو الاستعداد له ، كذلك الانشغال بالامتحانات ، فضلا عن الأجواء الحارة سوف لا يقتصر تاثيره في يوم الاقتراع كما يعتقد كثيرون ، إذ أن أكثر من 90% من المدرسين والمعلمين يعملون كموظفي مراكز ومحطات اقتراع في الانتخابات وقد تصل أعدادهم في الانتخابات المقبلة الى أكثر من 350 ألف موظف اقتراع ، ولابد لهم من الحصول على تدريبات قبل يوم الاقتراع بمدة تتراوح بين 7-10 أيام وهي نفس الفترة التي قد تتزامن مع الامتحانات التحريرية للمدارس الابتدائية والامتحانات الشفوية للمدارس المتوسطة والاعدادية. ومن جانبٍ آخر فإن عمل موظفي المفوضية بدءا من أعلى الهرم في المكتب الوطني مرورا بموظفي مكاتب المحافظات وصولا الى موظفي المراكز الفرعية الذين تبلغ أعدادهم بالآلاف ، هو لا يقتصر على ادارة وتنفيذ الانتخابات في يوم الاقتراع بل يعقب ذلك أعمال واسعة في مركز تبويب النتائج ولجان الشكاوى والطعون ومراكز العد والفرز للتصويت الخاص – القوات الامنية والنازحين وبقية الفئات المشمولة – فضلا عن الاعمال الواسعة في المخازن لحفظ أو فتح صناديق الاقتراع لدى الحاجة الى تدقيقات، وغيرها من الأعمال التي قد تمتد الى عشرين يوما لتصبح في قلب شهر رمضان .
وفضلا عن موظفي المفوضية ، فإنّ هناك جهات أخرى مشاركة في دعم العملية الانتخابية سوف تتأثر أيضا بالعوامل المشار اليها أعلاه ، ومنها القوات الامنية التي تؤمن الحماية للمكاتب الانتخابية ومراكز الاقتراع والمخازن وحركة نقل المواد الانتخابية ، ناهيك عن الهيئة القضائية التي تنظر أعداد كبيرة من الطعون.جميع هذه الأعمال ستجهد الموظفين وبقية الداعمين والمشاركين وتقلل من كفاءة أداءهم بسب الحر والصيام ، فضلا عن أنها قد تقلل من نسبة المشاركة الجماهيرية فيها.
وعلى الرغم من اننا نتحدث عن موعد غير مناسب للانتخابات ، فإنّ مسألة عدم صدور قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات لغاية اليوم ، تُعطي جرس انذار حول احتمالية تأخير اجراء الانتخابات أو ربما تأجيلها أصلا – كما يجري الحديث عن ذلك في الإعلام – وهو ما سنتحدث عنه في مقالٍ لاحق بعون الله.