القسم الرابع عشر
من غريب نصوص القانون ، الدعوة إلى أن ( يلتزم موظف الخدمة الجامعية بالقوانين والأنظمة والتعليمات المقررة وبما تقتضيه الأعراف والتقاليد الجامعية ، ويتجنب كل ما من شأنه الإخلال بواجبات وظيفته العلمية والتربوية والإدارية المنصوص عليها في هذا القانون ) ، حسب نص المادة (13) منه ، ولربما يكون المشرع محقا ، حين تؤخذ التعهدات الشخصية بوجوب ذلك في أكثر من حالة ، لغياب المصداقية في الأفعال قبل الأقوال ، ومنها عدم الإلتزام بالدوام لمدة (30) ساعة في الأسبوع ، وهي أقل أوقات العمل المقرر بساعات الدوام ، وحالات التحايل والألتفاف على التشريعات من أجل الحصول على المكاسب المادية لا تعد ولا تحصى ، وأولها ما نص عليه القانون موضوع البحث ؟!.
*- في تنافس غير محمود ، تسعى كل وزارة إلى منح منتسبيها من المخصصات ، ما يكون سببا في التمييز المخل بين الموظفين العاملين بذات الأعمال في دوائر الدولة ، المؤدية إلى عدم إستقرار الملاك في كل منها ، نتيجة توجه الموظفين بطلبات النقل للعمل فيما يسمى بدوائر الإمتيازات ؟!. بالإستناد إلى قواعد قانونية لا تنطلق من أسس الإستحقاقات المنبثقة من واقع الأعمال الحقيقية ، ومنها ما نصت عليه المادة (14) من القانون ، حيث (أولا– يمنح الموظفون الفنيون العاملون في الوزارة ومؤسساتها مخصصات بنسبة (100%) مائة من المائة من الراتب ) و (ثانيا– يمنح الموظفون الإداريون الذين يتطلب وجودهم مع موظفي الخدمة الجامعية مخصصات الخدمة الجامعية بنسبة (75%) خمس وسبعين من المائة من الراتب ) .
وقد حددت ضوابط وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المشمولين بأحكام المادة المذكورة ، على أنهم حملة شهادة الدبلوم العالي والبكالوريوس والدبلوم الفني ، والشهادات المهنية العالية والشهادات الفنية الواردة عناوينهم الوظيفية في ( رابعا وخامسا وسابعا وثامنا وأربعة وعشرون ) من الجدول رقم (2) الملحق بقانون الملاك ، وتعتبر العناوين الأخرى كوظائف إدارية ، إلا أن المذكورين من غير موظفي الخدمة الجامعية ، ويخضعون لأحكـام المادة (16) من قانون رواتب موظفي الدولة رقم (22) لسنة 2008 ، القاضية بعدم جواز منح المخصصات بما يزيد على (200%) من الراتب ، وعليه فإن من الخطأ أن تنص المادة (14/ثانيا) من القانون ، على منح الموظفين الإداريين (مخصصات الخدمة الجامعية) ، الغير خاضعة للحد الأعلى لنسب المخصصات الممنوحة ، حيث كان الأولى في النص على منحهم المخصصات بنسبة (75%) من الراتب ، كما هو حال صياغة نص البند (أولا) من المادة ذاتها ، تجنبا للخلط والالتباس عند منح المخصصات .
*- أما المادة (15) من القانون ، فقد نصت على أن (1- يمنح معاونو العمداء ورؤساء الأقسام العلمية في الكليات والمعاهد ، مخصصات منصب مقطوعة شهريا (250000) مائتين وخمسون ألف دينار ) و (2- يمنح مقررو الأقسام العلمية مخصصات منصب مقطوعة شهريا (150000) مائة وخمسون ألف دينار ) و ( 3- يمنح مسؤولو الأقسام الإدارية في مركز الوزارة والجامعات والكليات والمعاهد مخصصات منصب مقطوعة شهريا (100000) مائة ألف دينار ) . في الوقت الذي لا يشغل المذكورون أي منصب في المفهوم الإداري للوظائف الحكومية ، كونهم من موظفي الخدمة الجامعية الموصوفين في البند المادة (1/ثالثا) من القانون ، وعليه فأن منحهم مخصصات المنصب على أساس المبلغ المقطوع ، قد يقل أو يزيد عن مقدار مخصصات المنصب الممنوحة على أساس النسبة المئوية حسب أحكام المادة (10) من قانون رواتب موظفي الدولة ، وبذلك يكون منح المخصصات على أساس ما يحقق الأفضلية في المقدار (أيهما أفضل) ، مادامت مخصصات موظف الخدمة الجامعية مستثناة من الحد الأعلى المسموح به للصرف ، إستنادا إلى أحكام المادة (17) والمادة (18/ثانيا) من قانون الخدمة الجامعية . إضافة إلى ما يترتب على تولي موظف الخدمة الجامعية لتلك الوظائف ، من تخفيض لنصابه التدريسي ، وزيادة مالية إلى وارده الشهري ، وبهذا نجد القانون ذو فوائد مزدوجة ، مثلما هو نشر البحوث المستحصل عنها مكافأة (4) أربعة ملايين دينار ، وهو من الجهود الشخصية لإستيفاء شروط الترقية العلمية ، التي ينال عنها الموظف فيما بعد مخصصات اللقب العلمي ؟!، تحت عناوين التشجيع والدعم المتساوي ، دون تمييز بين متطلبات بحوث الإختصاصات العلمية الصرفة وبين الإختصاصات الإنسانية ؟!.
*- كما نصت المادة (16) من القانون ، على ( التنسيق بين مؤسسات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والوزارات والجهات الأخرى غير المرتبطة بوزارة يتم من خلالها ما يأتي :
أولا – تكليف بعض التدريسيين أو الباحثين في مؤسسات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، بإجراء البحوث والتجارب والقيام بنشاطات ذات علاقة بإختصاص الوزارات والجهات الأخرى غير المرتبطة بوزارة ، بهدف تطوير الجوانب الإنتاجية والخدمية فيها مقابل أجور متفق عليها بين الجانبين ، وتخصص نسبة لا تزيد عن (80%) ثمانين من المائة من هذه الأجور للمشاركين فيها ، وتخصص النسبة المتبقية منها للجامعة أو الكلية أو الهيأة أو المعهد وفق تعليمات يصدرها الوزير .
ثانيا – الإستعانة بالملاكات العلمية والفنية التي تعمل في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة ، للقيام بالتدريسات النظرية والعلمية والتطبيقية والميدانية والتدريب والإشراف على رسائل الدراسات العليا لقاء أجور أو مكافآت تحدد بتعليمات يصدرها الوزير .
وهكذا نجد ما من خطوة يخطوها موظف الخدمة الجامعية إلا وبمقابل أجر ، وإن كانت من صميم واجباته الرئيسة ، أو على حساب أوقات الدوام الرسمي وعدد ساعات النصاب التدريسي الأسبوعي فيها ، التي يتقاضى عنها ما يتقاضى من الراتب والمخصصات ؟!. وكأنه يعمل على بيع إمكانياته الشخصية وعلى حسابه الخاص ؟!. متناسيا مساهمة الدولة المادية والمعنوية في صناعتها ، وقد يكون ذلك هو السبب في تظاهره من أجل منافعه ومصالحه المادية الخالصة والشخصية البحتة ، التي إعتاد الحصول عليها في ظل قانون لم يترك له مجال المشاركة في التعبير عن معاناة الشعب وهمومه ترفعا واهيا وموهوما ، إلى حد قول أحدهم ومن على شاشة إحدى القنوات الفضائية : ( جعلتمونا مضطرين للتظاهر مثلما هم – العربنجية … ؟!. ) ، الذي سمي وقتها ( أستاذ الدمج ) ، ولربما يمنح موظف الخدمة الجامعية ( مخصصات إزعاج ) أو ( مخصصات رد التحية والسلام ) … ؟!.
*- ونصت المادة (17) من القانون ، على أن ( تستثنى المخصصات المنصوص عليها في هذا القانون من الحد الأعلى للراتب والمخصصات المنصوص عليها في أي قانون آخر ) ، وبهذا الإطلاق تتوسع مساحة المنح المفرط وغير المنضبط بأي حد يوقف التجاوز على حقوق الآخرين في الأموال العامة ، التي لا يجوز تملكها لغير النفع العام . إلا إن شدة الطمع والجشع والشراهة والنهم في الإستحواذ على المزيد من المغانم في ظل غياب العدالة والمساواة ، التي طغت على توجهات التشريعات الخاصة ، على الرغم من كونها من شواذ القواعد الإدارية والمالية والتربوية ، التي تجيز إطلاق منح مقادير المخصصات إلى الحد الذي تصل فيه إلى أضعاف مقادير الرواتب الأساسية ، جعلت من إستساغة الموظف على قبضها والتمتع بها مسرورا ، وإذا إنخفضت مقاديرها أو ألغيت إنقلب إلى أهله وهو يدعو ثبورا ، ونرى في هذا أن تنظم إستحقاقات المخصصات بموجب نظام خاص بكل وزارة ، يأخذ في الإعتبار مهام وواجبات وتخصصات موظفيها ، مع توحيد مقادير المخصصات الممنوحة للأعمال المتشابهة في كل منها .
*- ولعل من غريب نص المادة (18/أولا) من القانون ، على أن ( تطبق أحكام قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رقم (40) لسنة 1988 ، وقانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960، وقانون إنضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 ، وقانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 ، والأمر المرقم (6) لسنة 2005 تعديل قانون الخدمة الجامعية رقم (142) لسنة 1976 ، فيما لم يرد به نص خاص في هذا القانون ) . هو أن يتضمن تطبيق أحكام ( الأمر المرقم (6) لسنة 2005 تعديل قانون الخدمة الجامعية رقم (142) لسنة 1976 ، فيما لم يرد به نص خاص في هذا القانون ) ، في الوقت الذي نصت المادة (20) من القانون ذاته على أن ( يلغى قانون الخدمة الجامعية رقم (142) لسنة 1976 وتعديلاته … ) ، وما الأمر رقم (6) لسنة 2005 إلا من تعديلاته ؟!.