23 ديسمبر، 2024 9:33 م

موسى الصدر والخطاب الإنساني

موسى الصدر والخطاب الإنساني

قبل رحلتي الأخيرة إلى بيروت لحضور معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في نسخة هذا العام كنت متحمساً للغاية خصوصاً أنها الزيارة الأولى لي إلى عاصمة الثقافة والمقاومة ، وأن تلك الزيارة تأتي بعد أسابيع قليلة من معرض القاهرة الدولي .في حقيقة الأمر كانت بداخلي تصورات مسبقة عن لبنان أرضاً وشعباً ،هذا الشعب الصامد المقاوم المبدع الذي يزخر بالمبدعين في شتى المجالات بالفعل كان المعرض بعنوان بيروت لن تنكسر ، لن تنكسر برجالها وعقولها وقاماتها.

من أكثر الشخصيات كاريزما وتأثيراً ليس في لبنان وحده بل في وطننا العربي ومحيطنا الإسلامي الإمام موسى الصدر ؛ولذلك كنت حريص أشد الحرص على زيارة جناح مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات ،الإمام موسى الصدر رائد من رواد الفكر ومدرسة سلوكية نهضوية تنويرية بكل المقاييس.

لفت انتباهي عديد الكتب والإصدارات في الجناح التي حرصت على اقتنائها ، ولكن وجدت الأكثر تعبيراً عن تراث الإمام الصدر الذي يتسم بالإنسانية هو كتاب (موسى الصدر والخطاب الإنساني) ، دأبت على قراءة هذا الكتاب الممتع والمميز بقلب وعقل منفتح لكي أستلهم معاني هذه التجربة الانسانية الفريدة حيث أن تراث الإمام الصدر ليس مجرد خطب أو دروس بالرغم من أنه خطيب مفوّه فهو معانٍ ومواقف حقيقية جسدتها سيرته ،وشهد له بها العدو والصديق ، ونستطيع أن نقول أن أهم سمات الخطاب الإنساني لموسى الصدر كانت المصداقية ،والوحدة الوطنية والقومية والإسلامية ،ولم تكن الطائفية والمذهبية حاضرة في خطابه إلا بالانتقاد وكان حريص أشد الحرص على ترديد خطاب وحدوي ويظهر ذلك في مفرداته وأسلوبه وحتى الحكم والأمثال بل و المصادر التي كان يرجع إليها وأهمها المصادر الإسلامية ، ومن بساطته وتواضعه أنه كان حريص لوصول خطابه لكل الفئات وكل المستويات فكان يضرب الأمثال من البيئة المحيطة ومن الطبيعة ومن الحياة الاجتماعية اليومية فكان قريباً من الناس فأحبوه وظلت سيرته حية بينهم .

الكتاب موجه بالأساس للإصلاح والإحسان حيث انتقد الطبقية في لبنان وحرمان بعض الطوائف والمناطق على حساب أخرى وتلك
لا زالت مشكلتنا حتى الآن في لبنان و الوطن العربي ،حيث تستأثر فئة دون غيرها بالثروات والخيرات والمتقدمات بمساعدة اتفاقات سياسية أو ارتهانات خارجية وبالتالي ولاء وانتماء للخارجي الأجنبي الدخيل على حساب الوطن وأبنائه ،وكان خطابه متضمناً هذه المعاني والأفكار وهو ما نقتقده بشدة اليوم على الساحة السياسية والإعلامية ، وأهم ميزة في خطاب موسى الصدر الإنساني أنه جاء نابعاً من الإسلام القرآني الأصيل وبالتالي جاء مدافعاً عنه مؤمناً بأفكاره معبراً عنه ضمن الإطار الوحدوي النهضوي الذي وضعه الإمام كبديل حضاري لكل ما هو قائم في بلادنا من أوضاع خاطئة ، استلهم العدل والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية الإنسانية من هذا النهج القرآني ، وكانت شخصيته وأفعاله متسقة مع هذا الطرح لذلك اكتسب الاحترام والمصداقية ، وكانت دعوته ومحاضراته وأسفاره ورحلاته دليلاً على ذلك ،و محاضراته لغير المسلمين وبالأخص في كنائس لبنان تأكيداً على هذا المفهوم ، وزيارته لمصر ولقاءه بالزعيم جمال عبد الناصر محفورة في ذاكرة كثير من المصريين.

وأهم العناصر والمواضيع التي احتوى عليها الكتاب :الإنسان والدين ،مأساة رجل الدين ، إنسانية الإسلام ، مولد وهجرة الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ،الدين والعلم ، دور الطلاب والشباب في بناء المجتمع ، الطائفية في لبنان ، الإسلام والأسرة ، الدين وحركات التحرر في العالم العربي ،حركة المحرومين ، العدالة الاجتماعية والاقتصادية في الإسلام ،الأخلاق ، مقام المرأة الإنساني ،من مفهوم لا إله إلا الله ،ثورة النبي محمد صلى الله عليه وآله.

كان وسيظل تراث الإمام موسى الصدر جديراً بالبحث والدراسة لأنه متجدد ومتفاعل مع العصر حيث كان الإمام من القلائل الذين رسموا لأنفسهم خطاً وسار عليه وألزم نفسه به فكان من أصحاب الرأي والقضية، سلاماً عليك فوق كل أرض وتحت كل سماء فإن زرعك أثمر وطناً.

 

الاسم :كريم محمد الجمال
التخصص :كاتب وباحث
الجنسية:مصري
نبذة عن الكاتب :
من مواليد الإسكندرية ، صدر له 5 كتب
ظل الإله وهراوة الرب
نساء لا يدخلن الجنة
صخرة الكونين وبرزخ البحرين
بالإضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان عين الوردة ، رواية بعنوان صبح الأعشى .
صدر له بعض الكتب المشتركة ، بعض المقالات في مواقع إليكترونية متنوعة

 

الصفحات على مواقع التواصل
https://www.facebook.com/kmelgammal/

https://www.facebook.com/رابطة-الكُتَّاب-والمُثقَفِين-العرب-216818670330058/

https://www.facebook.com/adel.kamal.399

Clubhouse:
https://www.clubhouse.com/@karimmelgammal?utm_medium=ch_profile&utm_campaign=e0mD5kUEY67vrB8oXSRPsw-183583

Twitter :Karim Egypt
@karimMelgammal