{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
ولد صفاء الحافظ، في آب 1923، بمدينة “هيت” لوالد يعمل في المحكمة، توفي وله من العمره 4 سنوات وأخوه الوحيد عدنان، بعمر سنة واحدة؛ فتكفلهما عمهما أحمد، منتقلين للعيش في “الحلة” حيث يعمل معلماً بمدارسها.
عاش حياة قاسية؛ كي يكمل دراسته في كلية الحقوق / جامعة بغداد.. 1946، حاصلا على بعثة الى فرنسا على نفقة الدولة؛ لأن ترتيبه الثاني على الدفعة.
حصل من “السوربون” على شاهدتي ماجستير.. في الإقتصاد والقانون، مختزلا الزمن لإستحصال دكتوراه القانون الدولي، متلقيا عرض مؤسسة فرنسية حكومية، للعمل براتب مغرٍ، رفضه مصرا على العودة لخدمة العراق، سنة 1953، مدرسا مادة القانون الدولي في كلية الحقوق / جامعة بغداد.
جنسية
أودع التوقيف وأسقطت عنه الجنسية العراقية، من قبل السلطات الملكية؛ لأنه معارض لسياستها، تاركا العراق وعاش متنقلا (بطرق غير شرعية) بين فرنسا وسوريا ولبنان، ولكنه لم يتمكن من الحصول على عمل في هذه البلدان لأنه لايملك اية اوراق ثبوتية الى ان إشتغل في إحدى الصحف السورية، بدوام يبدأ من الساعة الثانية عشر ليلاً وينتهي في الساعة السادسة صباحاُ.
بعد ثورة تموز العام 1958رجع الى العراق واعيدت له الجنسية مدرسا في كلية الحقوق ومحاضرا في كلية التجارة لحين انقلاب ٨ شباط 1963؛ إذ طارده الحرس القومي، لكنه تمكن من الإفلات، مختفيا خمس سنوات، في منزل ليلى البياتي.
أعيد الى الوظيفة وسكن علنا في “الداوودي” بالمنصور، وبقى استاذا، حتى 1971، نقل بعدها الى وزارة العدل، مدونا وعضوا في مجلس شورى الدولة وعنصر مهم في دائرة الإصلاح، منجزا قانون “الرعاية الإجتماعية” المعمول به لحد الآن، خادما شريحة كبيرة من الشعب خصوصا عديمي الدخل.
جاندرا
حصل على شهادة دكتوراه هابيل من جامعة لايبزك في المانيا وهي أعلى شهادة دكتوراه في العالم ليصبح لقبه بروفيسور. وفي فترة مكوثه في المانيا اتصلت به الحكومة العراقية طالبة منه الرجوع الى بغداد وتعيينه وزيراً للعدل، فرفض، ماكثا في المانيا، الى حلول العام 1974، عائدا لعراق يرزح تحت وهن أجواء الجبهة الوطنية، حتى سنة 1979، إذ تسلم صدام حسين السلطة بعد احمد حسن البكر وبدأت الإغتيالات والإعتقالات للعناصر المعروفة بنشاطها الوطني؛ وإعتقل في الأمن العامة، مدة 35 يوماً، وإطلق سراحه بتدخل رئيس مجلس السلم العالمي.. جاندرا، مهيكلا الحزب، بعد ان حطمه الفخ البعثي.
بتاريخ ٤ شباط 1980 إختطف أثناء إيصاله زوجته الى مقر عملها في شارع الرشيد، ولم يعد بعدها.. الى حد الان لاتعرف اية معلومة عن مصيره: هل اعدم؟ ام توفى؟ ولايعرف له قبر مثل جميع البشر، مما ألحق إنهيارا وجدانيا، في مشاعر عائلته أولاً ومحبيه ثانياً ووطنه ثالثا.