بعد إن كانت وكالة الأنباء العراقية ، المصدر الأول للاخبار في العراق قبل أعوام 2003 ، إضافة الى الوكالات الاجنبية المهمة الاخرى، مثل رويترز والفرنسية ووكالتي( أب , يو بي) الأمريكيتين ، ود.ب .أ الألمانية و.أش.أ المصرية ، لم يعد الاهتمام بتلك الوكالات ، هي الغالب، واختفت وكالة الانباء العراقية تماما بأمر من بريمر، بعد إن أصدرت الحكومة العراقية منذ عهد مجلس الحكم وما بعده قرارات ألغت مؤسسات الاعلام الحكومية ومنها / واع / المؤسسة الاعلامية العريقة التي كانت مصدرا مهما لتزويد وسائل الاعلام العراقية مثل الصحف والقنوات التلفزيونية (الأرضية) ، إذ لم تكن هناك فضائيات قبل عام 2003 الا ما ندر، واقتصر إستخدامها لاغراض حكومية فقط!!
وشقت وكالة (موسوعة العراق) طريقها لتكون رافدا مهما لكل الوكالات والفضائيات والصحف العراقية والمواقع الاخبارية، وهي من بقيت ” تهيمن ” اليوم على عالم الاخبار، وربما ” تحتكر” توزيع الخبر وليس صناعته، فمهمتها لم تكن على شاكلة وكالة الانباء العراقية / واع / ، بل ان المهمة الأساسية لها هي تناقل اخبار المصادر الاخبارية والوكالات الفرعية والثانونية ، عبر أبواب إستخدام سياسية واقتصادية واعلامية وثقافية واجتماعية، ولو بدرجة أقل ، وطغى عليها الجانب السياسي، وهي تعد الان الوكالة الاخبارية الأولى في العراق، من حيث شمولية وحجم التغطية الاخبارية، التي لا تترك صغيرة وكبيرة الا واهتمت بها وضمتها الى حقلها الاخباري، حتى بضمنها الاخبار باللغة الانكليزية، وعدت اليوم الوكالة الاخبارية الأقوى والأكثر هيمنة في عالم صناعة الاخبار في العراق، وتعتمد عليها عشرات الجهات الاخبارية والفضائيات ومؤسسات حكومية ومؤسسات ومراكز البحوث ، ولم يكن بمقدور وكالات عراقية مستحدثة أخرى منافستها، وسرعان ما اختفت أخريات، وبقيت (موسوعة العراق) تتربع على عرش الصحافة، بلا منازع!!
إن أهم مايميز وكالة ” موسوعة العراق ” هو سرعة تناقلها للاخبار المهمة أولا بأول ، وشمولية تغطيتها للاحداث، وسرعة تغطية الاحداث المهمة، وكثرة مجالات اهتماماتها الاخبارية ، هي من منحها تلك الريادة الصحفية، ومن حقها ان تتفاخر ، بأنها بقيت هي ” المهيمنة” على عالم الاخبار في العراق!!
أما ماقيل عن وجود مشروع لاحياء مشروع وكالة الانباء العراقية / واع/ فهي محاولة ولدت ميتة، ولن يكون بمقدورها ان تعود كوكالة اخبارية يعتمد عليها، لأن الاعلام لم يعد حكوميا او موجها، من جهة، ولأنها لاتمتلك خبرات ومهارات صحفية كثيرة كالتي كانت تمتلكها وكالة الانباء العراقية في أوج تألقها الذهبي، وقد عدت في وقتها من أكثر من هيمن على صناعة الخبر لعقود طويلة، وكان فيها خيرة العاملين في الحقل الصحفي والاعلامي، ومن لهم باع طويل في صناعة الخبر، ولهذا لن يكون بمقدور / واع / الجديدة ان تجاري ولو نسبة 20 % مما كانت عليه وكالة الانباء العراقية أيام زمان!!
وما نلاحظه الان عموما هو ضعف صناعة الخبر الى حد كبير وتردي أحوال تلك الصناعة ، بعد ان راح كل من هب ودب ممن لاصلة لهم بالاعلام وأسسه ومبادئه ، ليقود كل على هواه مواقع اخبارية أسموها وكالات اخبارية، وهي لاتحمل من مضامين الاخبار الا شكلها الهيلامي، أما مضامينها وصياغاتها فهي ركيكة في الأغلب، ويعتريها الفوضى والاضطراب والاخطاء اللغوية وعدم الاعتماد على أسس بناء الخبر وصناعته، وذهب طعم الصحافة وعبقها مع عصر الانترتيت ، وراحت مئات المواقع الاخبارية كل يضع لها موقعها ، تعتمد فيه الاخبار على (السرقات) في المقام الأول، وكل موقع (يسرق) مايريد من الموقع الاخر، بلا (ضوابط) أو (محددات) أو ( معايير) ، تضع سياقات عمل لصياغة الاخبار او لمضامينها، وفقدت نكهتها، وراحت الفضائيات هي التي تهيمن على توزيع الاخبار المهمة، وهي من طغت اخبارها المعززة بالصور والافلام التي تنقل لك الحدث أولا بأول، وبعضها لايعطي اي اهتمام لأسس صناعة الخبر، بل المهم تناقل الخبر وسرعة ايصاله الى الجمهور، وفقدت الصحافة العراقية بريقها ولم تعد لها تلك الهيبة التي فرضتها على نفسها لعقود طويلة!!
وتبقى (موسوعة العراق) الوكالة الاخبارية الاولى في سرعة اقتناص الخبر وتوزيعه ، ولولاها لتلاشت صحف وفضائيات ومواقع اخبارية كثيرة، كونها مصدرا مهما للاخبار ، وهي تتربع الان على مملكة الصحافة وقصورها الرحبة، وهي من بقيت الاكثر قدرة على ان تبقى ” الأولى” في توزيع الخبر ، وبقيت ” السباقة في إيصال الاخبار الى من لديه اهتمام بتلك الصناعة الخبرية، ولن يكون بمقدور أخريات مجاراتها، كونها بقيت الرائدة في تلك المهنة العريقة، حتى وان اختفى بريق الصحافة، بسبب مترتبات الزمن الاغبر، وما خلفه من مآس وكوارث ونكبات أصيب فيها الأسرة الصحفية، وفقدت مكانتها، وهي تراوح مكانها، وسط أزمات قاتلة، وترى روحها وهي تنازع الموت وتصارع اقدارها ، عله يكون بمقدورها ان تسمح للحياة ان تمنحها زمنا اطول ، في وقت خلت ساحة السلطة الرابعة وقصور صاحبة الجلالة من اؤلئك الرواد والمخضرمين الذين اشادوا لنا تلك القصور ، وراحت تتحول الى اطلال دارسة، وكأنها من مخلفات التاريخ القريب، ليس إلا!!
أمنياتنا لـ (موسوعة العراق) أن تدخل صناعة الخبر بنفسها، وتوسع ميادين عملها، لتبقى هي الرائدة ومن تتحكم في مسارات صناعة الخبر وتوزيعه ، وليكون لها قصب السبق، في اعلاء شان الصحافة، عله يكون بمقدورها اعادة هيبتها وبريقها ، الذي فقدته السلطة الرابعة منذ عقود الاحتلال البغيض، حتى الان..ولها منا باقات ورود تفوح بعطرها العذب الفواح ..وأمنيات بالتقدم والازدهار ، ولها ولكوادرها ..والقائمين عليها ..كل الاحترام والتقدير!!