يبدو إن الذين إعتقدوا بأن النوايا المتجهة لإلغاء الاتفاق النووي مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية هو شأن أمريکي بحت عقب التغيير الذي حدث في السياسة الامريکية بعد إنتخاب الرئيس ترامب، في طريقهم للتيقن من إن هذه النوايا في طريقها لتتسع دائرتها و تشمل دول الاتحاد الاوربي ذلك إن مجمل الخطوات و الاجراءات السياسية و الاقتصادية المتخذة من قبل دول الاتحاد تتجه للتضييق على طهران وهي تغمز بصورة أو بأخرى من قناة الاتفاق النووي.
دول أوربا التي لها تجربة سابقة غير موفقة مع إيران عندما وقع وفد الترويکا الاوربية المکون من بريطانيا و ألمانيا و فرنسا في عام إتفاقا مع إيران توضح بأن الاخيرة لاتتجه للإلتزام ببنوده وهو ماأدى لکي ينتهي مفعول هذا الاتفاق، وإن الاتفاق النووي الاخير الذي تم إبرامه بين دول مجموعة 5+1 و التي تشارك فيها أيضا الدول الاوربية الثلاثة آنفة الذکر، لايبدو هو الاخر سيمضي قدما لنهاية المطاف خصوصا وإن التجارب الصاروخية المکررة لإيران والتي تراها الدول الغربية إنتهاکا صريحا للإتفاق، صارت تشکل ماهو أکثر من القلق للغرب، وهو مايتم لمسه بصورة جلية من نمط و صيغة التعامل السياسي و الاقتصادي مع طهران.
المؤشرات الأولية على تغيير الموقف الأوروبي بشأن هذا الاتفاق بدت واضحة من خلال تمديد الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على إيران حتى العام 2018 بسبب الانتهاكات الخطيرة التي يرتكبها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية لحقوق الإنسان. ومدد أيضا لمدة عام حظر السفر، وتجميد الأصول على 82 إيرانيا، وكذلك حظر تصدير معدات لمراقبة الاتصالات ومعدات أخرى “قد تستخدم للقمع داخليا” وزادت علاقة الاتحاد الأوروبي مع إيران تعقيدا منذ أن أصبح ترمب رئيسا للولايات المتحدة واتخذ نهجا تجاه إيران أشد من نهج الإدارة الأمريكية السابقة، کما إن إرتفاع وتيرة حملات الاعدامات ولاسيما في عهد روحاني ذاته قد زاد من شکوك أوربا تجاه روحاني و عدم الثقة بوعوده و نواياه.
نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي لم يکن مشروعه النووي في يوم من الايام يبعث على الإطمئنان خصوصا وإنه لولا المقاومة الايرانية التي بادرت في عام 2002 للکشف عن الجوانب السرية منه، فإن العالم کان مستمرا في تصديق کذب هذا النظام و الثقة به، لکن يبدو إن الصبر الدولي بات ينفذ رويدا رويدا تجاه طهران ولم يعد في الامکان التحمل أکثر من ذلك ولهذا فإن تضييق الخناق و ممارسة الضغوط الدولية بقوة أکبر على إيران و جعلها في زاوية ضيقة جدا ستکون من أهم معالم المرحلة القادمة التي لو تم تمزيق الاتفاق النووي فيها فإنه ليس هناك سوى خيار واحد وهو أن يقرأ على روح النظام سورة الفاتحة!