تحقيق
على الرغم من إنها لم تكن موجودة فيما سلف ألا أنها شكلت انعطافا في أخلاقيات مجتمعنا المحافظ والسبب الثورة التكنولوجية التي فتحت الأبواب على مصراعيها لتتدفق تلك الأجهزة التي لم تترك للحياء مكانا وجعلت من الخجل مجرد كلمة دون معنى وأظهرت كلما يخدش بالحياء بذرائع مختلفة وبأسماء منها الثقافة الجنسية والجرأة والتحرر وكثيرة هي الأسماء المصطنعة لتبرير الجريمة والتي لا اسم لها سوى وقاحــــة و انحطاط أخلاقي .
ان صالات الانترنت التي علقت لوحات تمنع دخول تلك المواقع لم تكن الا مجرد عبارات قد كتبت لإبعاد الشبهة عن ذلك المكان الذي لا يرتاده إلا الشباب ممن هم بحاجة الى التواصل مع تلك المواقع والتغذي نفسيا على ما يتم مشاهدته لساعات طويلة . إن نسبة الذين يقصدون مقاهي الانترنت كبيرة جدا والفضل للشباب كما أسلفنا ذكرا عدا بعض الحالات الاستثنائية لهدف حقيقي كالتواصل مع بعيد او إرسال مستمسكات أو التقديم على الوظائف التي أصبحت عن طريق المواقع الالكترونية الوزارية . عدد كبير ممن شاهدوا المواقع الإباحية لمرة واثنين اجبروا على امتلاك الانترنت في المنزل للتواصل الدائم مع المواقع الإباحية وان كانت تسبب لهم مشاكل مع إفراد عائلاتهم فهو الإدمان الذي لا يترك لمتعاطيه فرصة للتفكير . بدا الشباب في الآونة الأخيرة قصد مقاهي الانترنت على شكل مجاميع مما شكلت زخما كبيرا على عدد أجهزة الحاسوب المتوفرة لينتظر أولئك الشباب وقوفا على إقدامهم ربما قد تخلوا إحدى تلك الأجهزة لغرض التصفح وإشباع الغرائز الذاتية من خلال لقطات لفتيات أو فتية عراة أعدتهم شركات غربية بوظائف متنوعة لأهداف اجتماعية واقتصادية ومنها سياسية لا يعرفها ألا صناعها .
لم تقتصر حالات الإدمان الاباحي على المدنيين فحسب بل لأفراد قوات الأمن من الجيش والشرطة وحتى عدد من الموظفين في الدوائر الرسمية يقدمون على زيارة تلك المواقع والتفاعل معها من خلال مراسلة أفرادا في دول أخرى ومن الجنسين وفق أسماء وصفات متعددة وعلى الأرجح أسماء مستعارة وما سهل الأمر أكثر هو تواجد مواقع تواصل اجتماعي استثمرها البعض لإنشاء مجاميع تتواصل فيما بينها لتتواصل في علاقات مشبوهة على ارض الواقع بعيدا عن المكان الافتراضي ألا وهو الموقع الالكتروني .
صالات الانترنت
إن 90% ممن يقصدون مقاهي الانترنت يقصدونها بهدف الاطلاع على المواقع الإباحية ومشاهدة مقاطع فيديو تتضمن أفلام جنسية وان اغلب من يرتاد تلك المقاهي دون السن القانوني او من فئة الشباب ويقول ياسر محمد وهو صاحب مقهى انترنت ” إن جميع من يحضرون إلى المقهى هم يرومون مشاهدة أفلام الجنس وأنا على علم بذلك لكن ما الذي افعله إن منعتهم من ذلك فان عملي سيتوقف ولا استطيع دفع إيجار المحل واشتراكي للمنظومة بمبلغ معين ولابد لي ان اعمل ويكون لي وارد مالي لاستطيع دفع تكاليف المقهى وان أردت حجب تلك المواقع فهذا يعنى إنني لن اعمل ولن استطيع تسديد فواتير المقهى ” ويكمل ” ان أولئك الشباب الذين يجلسون لساعات طويلة هم من ينعش المقهى حيث ان من يحضر لإرسال مستمسك دوليا او يتصل بأحد أقربائه أمر نادر قد يكون في الشهر حالة او اثنتين وذلك ما يجبرني ان أوافق على جعل مقهاي مكانا لمشاهدة الأفلام الإباحية وإنا على علم بذلك لكنى أغض النظر لأنعش عملي وأحافظ على رزقي .
متزوج لكنه مدمن
إن الرقابة التي يفرضها ضباط ومسؤولون في دوائر الدولة ومنها الأمنية على وجه التحديد لم تضع حدا للمواقع الإباحية التي تزار يوميا وعرض مضامينها لتشاهد من قبل منتسبين في قوى الأمن الداخلي او وحدات وزارة الدفاع لتلهيهم عن واجباتهم حيث أكدت مصادر إن ثلثي تلك المؤسسات تحتوي على عناصر ومنهم ضباطا أدمنوا بشكل كامل عليها وهم على تواصل يومي مع تلك المواقع ومنهم من ضبط من قبل مسؤولين كبار أثناء جولات ميدانية متلبسا وهو يشاهد تلك المواقع لكنه بدوافع إنسانية واجتماعية اعفي عنه . ويقول احدهم وهو شرطي ما زال في عمله رفض ذكر اسمه ” من المستحيل أن تكون أمامك شاشة تتطلع من خلالها إلى كل ماهو مرغوب ولا تشاهده وعلى الرغم من إني متزوج ألا أني بدأت أتصفح على الانترنت تلك المواقع بشكل يومي حتى أدمنت عليها وفي اليوم الذي ليس واجبي ألجا إلى مقاهي الانترنت لإشباع رغباتي ! ولأني متزوج فان خروجي من المنزل لساعات طويلة عرضني لمشاكل عديدة وذلك ما أجبرني على شراء حاسوب (لابتوب) وسحب خط الانترنت والتواصل لساعات طويلة أمام الجهاز ما أثار استغراب زوجتي في المنزل لكوني منعزلا في غرفة بمفردي وموصد الباب وأنا أشاهد تلك المواقع التي حفظت عناوينها مع اني لم احفظ رقم جوالي ” وأكد الشرطي انه مازال ورفاقه يشاهدون تلك المواقع على أجهزة الدائرة التي ينتسبون إليها لقضاء الوقت وإشباع الذات بمقاطع وأفلام أعدت لهذا الغرض وهدفها استقطاب العدد الأكبر من المشاهدين .
بعض رجال الدين !!
يروي لنا ( فرقد سامي) وهو فني عمله صيانة أجهزة الحاسوب وبرمجتها إضافة إلى تصميم المواقع وفك الشيفرات السرية وتنصيب البرامج يقول فرقد ” شاهدت مواقف كثيرة ومتنوعة ومررت بقصص شبه غريبة لكن أغربها ما حدث ولأكثر من مرة فحين حضر رجل دين يعمل في إحدى دور العبادة وفي يده جهاز حاسوبه كان قد تعطل ومن حسن الحظ انه لم يكن يعرف مضامين الملفات وكيفية معالجتها من خلال إضافة ملف أو حذفه أو إعادته وكان قد وضع في ملف ما شيفرة سرية وكان مضمون الملف بعد إن فتحته سهوا هي مشاهد خليعة ومقاطع جنسية أوربية كان قد وضعها الرجل في ملف خاص وكتب عليه (ملفات خاصة) وكان قد حذفها قبل جلبها للصيانة والغريب أيضا انه قد حملها من مواقع شهيرة عبر الانترنت ولم اصدق حينها عيني وبعد أن انتهيت صيانة الجهاز وحضر سألته دون أن أشعره بمكنوناتي عن موعد شرائه للجهاز أو أن كان مستعملا فأكد لي أن الجهاز غير مستخدم منذ شرائه إلا على يده وانه لا يعطي جهازه لأحد وفي ذلك الحين تأكدت من إن المشاهد الإباحية خاصته وقد حفظها في ملف خاص لئلا يتطلع عليها احد ولكن أخبرته بعدها أنى شاهدت مضامين الملف فصدم ولم يجبني بشيء لأني أبلغته بأنه حرام وانه رجل دين وهذا نفاق لا أكثر ! !
ولم تكن هذه القصة الأولى ولا الأخيرة فقد جاء أكثر من رجل مسن ومتزوج ورجل امن ودين وفي أيديهم شرائح ذاكرة (فلاش رام ) يريدون ملئها مقاطع جنسية خاصة وسؤال ما انفك يراودني ماذا يفعلون بهذه الأفلام والمقاطع إن كانوا متزوجين ؟؟؟؟
أماكن خاصة أم عامة ؟
أما بسام ذلك الذي لم يتجاوز العشرة أعوام فان جواله لم يكن مجرد هاتف فحسب بل انه مملكة عارية متنقلة وشريحة الذاكرة التي وضعها في جواله تجاوز أعداد مقاطعها الخمسمائة مقطع وفيلم تنوعت بين أوربية وتركية وحتى عربية وحين رأيناه صدفة أثناء إجراء التحقيق وهو يقدم على إضافة المزيد من الأفلام الإباحية إلى جهازه لدى احد أصحاب المحال التي تقوم بتزويد الأجهزة بنغمات وأغاني وما شابه فلم يكن رده علينا هينا على سؤال طرحناه عليه لماذا تضع هذه المقاطع ؟؟
ورده كان ” هل أنا من يخطئ ام من سمح لأصحاب هذه المحال بيع المقاطع علنا إمام الناس ان كانت هناك رقابة وحرص حكومي لماذا يعرض هؤلاء هذه المقاطع والصور بشكل عادي وأمام الجميع الكل يدرك ذلك ” ويصمت ثم يكمل ” قبل أن تسألوني اسألوا هؤلاء الشرطة الذي يحضرون يوميا إلى هنا ويضعون هذه المقاطع أليسوا رجال دولة ؟
أما صاحب محل الأقراص والمقاطع الذي واكبناه لساعات خلال تزويده البعض بتلك المقاطع يؤكد عدم وجود مراقبة من أي جهة على عملهم الذي ازداد بشكل ملفت في الفترة الأخيرة وازدادت معها محلات بيع الأقراص مقاطع الفيديو التي يتم تخزينها وعرضها على شاشات الهواتف النقالة وعزا ازدياد الطلب على هذه المقاطع نتيجة الانفتاح الملحوظ والانفلات الأخلاقي وعدم وجود رقابة تضع حد لمثل هذه المهن المشبوهة ان تواجدها بات أمرا طبيعيا ومشاهدتها تكون دائما بشكل جماعي .
نتائج سلبية كثيرة تخلفها تلك المحفزات النفسية المثيرة للاندفاع ومنها ما تطورت فعليا على ارض الواقع وأدت إلى جرائم كالاغتصاب واللواط وغيرها من الجرائم اللااخلاقية وكمما معروف إن البعض مما يتفاعلون مع هذه الأفلام واللقطات يقلدون ذلك في المنزل أو العمل أو غير ذلك أن هذا الانجراف لا يستثني طفلا أو بالغا أو حتى مسنا فهناك أكثر من حادثة مشبوهة يصعب ذكرها الآن تركت شقا في المجتمع يصعب تداركه .
منازل مهددة
إن المقاطع الجنسية والأفلام الثقافية بحسب البعض لم تمنح المدمن عليها وقتا للتفكير او العودة إلى الذات بل أنها تؤثر بشكل كبير على سلوكياته إزاء الآخرين وخصوصا أهل منزله فالانفعال والصراخ والعصبية الدائمة هي من ابرز علامات المدمن وان هذا النوع من الإدمان كإدمان المخدرات بالضبط لان له نتائج معروفة منها اجتماعية وصحية وجنائية أيضا , وان الرغبة في الاستمرار بمشاهدة الحركات الغير طبيعية والأجساد الخليعة ليست الا مجرد وسيلة لإفراز الرغبات والتمتع ولو بصريا ونتيجة هذه الرغبة الدافعة لجا عدد من الأشخاص إلى شراء جهاز (دنكل ) لأجهزة (الستلايت ) الموجود في كل بيت اليوم والهدف استقبال قنوات إضافية مشفرة تبثها عدد من الدول الأوربية والتي لها دينها ومجتمعها وقوانينها والغريب في الأمر وبحسب ذو مهنة فنية أنهم يشاهدون هذه الأفلام الإباحية والتي تحتوي لقطات مقززة أمام زوجاتهم بل ان البعض منهم يقلد ما يقوم به ممثلوا الدعارة أثناء علاقته الحميمة مع زوجته وان كانت الحركة محرمة شرعا أو لها أضرار طبية ومنها ما تؤثر على سلوكيات الزوجة خصوصا إذا ما شاهدت علاقات جنسية جماعية كما يحدث في القنوات الأوربية . وهو نوع من الإدمان أيضا.
مشاهدة تعطش فجريمة
إن عدم وجود رقابة من ذوي الاختصاص لهكذا موضوع خطير يعتبر الأساس في نشوء جريمة أي كان نوعها فبداية كل جريمة دافع نفسي أو دافع اجتماعي و الدافع الجنسي من أكثر الدوافع نشاطا بحسب أهل العلم وإشباع الذات لابد منه بطريقة أو بأخرى وان مثيرات اللذات هي من تدفع الشخص إلى ارتكاب أي جنحة أو جريمة وإذا ما أزيلت كل تلك المثيرات فان أساس الجريمة سيزاح ما يدفع المدمنين إلى تعويض فراغهم اليومي إلى اللهو بوسائل لهو أخرى كالكتابة او العمل او اكتشاف المواهب المكنونة وإذا ما أشبهنا المدمن بالسارق فلا فرق بينهما فحين يسرق اللص يكون هناك دافع ألا وهو الحصول على المال لسد حاجته المادية والمدمن كذلك يلجا إلى المواقع الإباحية لسد حاجته النفسية وخصوصا في هذه الظروف التي تعصف بالبلاد ما أجبرت الشباب على العزوف عن الارتباط الرسمي (الزواج) بسبب البطالة و الأمن المتردي وأزمة السكن وتفاصيل كثيرة يدركها المجتمع العراقي دون ذكر . والسؤال هنا أن كانت هناك شعبة آداب في مراكز الشرطة هدفها البحث عن هكذا أماكن مشبوهة تنشر المنكرات في المجتمع وتجعل الجرائم في ازدياد مستمر وبعدها تشغل مراكز الشرطة ودور العدالة دعاوى مختلفة لماذا لا نعالج الداء منذ بدايته لئلا يستشري في الجسد .
الحل ابسط مما نتصور فشعبة الجريمة الاقتصادية موجودة وشعبة مكافحة المخدرات تقوم بواجبها على قدم وساق وإدمان المخدرات هي تؤامة لإدمان الاباحيات وان كلاما يقودان إلى الهلاك ومن واجب السلطات مكافحة كل ما يهدد المجتمع والهدف تطهير المجتمع ووضعه في مساره المعتدل .