23 ديسمبر، 2024 3:28 ص

موت رهف موت السيد المسيح

موت رهف موت السيد المسيح

ويصلب السيد المسيح بعد جلد وتعذيب ، ويقول وهو مصلوب ، يا أبت ، اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ، وكان يقصد الجنود الذي عذبوه ، ويواصل ، يا أبتِ ، بين يديك أستودع روحي ،
يحدثنا الكتاب المقدس حول تعذيب السيد المسيح عن نزول قطرات عرق كقطرات دم نازلة على الأرض وهذه الظاهرة معروفة بأسم bloody sweat وهي ظاهرة نادرة تحدث نتيجة اندماج وتصاعد التوتر النفسي مع حدوث نزيف فى الغدد العُرقية مما يجعل بشرة الجسم واهنة وأكثر حساسية للالم وينزل العّرق محمرآ.
ويرى البعض أن سورة مريم “والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً”، تدل على أن السيد المسيح مات فعلا بعد ان عذب وصلب ثم بعث حياً من جديد، إلا أن روايات أخرى تقول أن المقصود هو أن الله رفعه إليه حياً ولكن خيل لمعذبيه بأنهم يعذبوه وأنه سيموت بعد نزوله إلى الأرض. “وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم”.
هذه المقدمه نسوقها مع مأساة حقيقية لطفلة ماتت معذبة ، رهف طفلة عراقية صغيره لم تكمل بعد السبعة اعوام ماتت قبل أيام ، بعد أن عذبت بوحشية حتى فارقت روحها الحياة في المشفى الذي نقلت اليه .
ماحدث من فضاعات وتعذيب وحشي مع هذه الطفلة فيه صور تتشابة كثيرا مع رواية تعذيب سيدنا المسيح عليه السلام ، وهنا سنسمح لأنفسنا بأن نقارن او نقارب بين الحالتين لان تفاصيل قصة رهف تخطت حدود التصور البشري ولان رهف طفلة صغيرة عمرها سبع سنوات فقط ، توفيت بسبب التعذيب الجسدي المفرط الذي مارسته معها العائله التي كانت تعيش معهم واستمر تعذيبها وحرق وايذاء جسدها لأشهر طويلة وبشدة وبشكل يومي ، وهذا يعني ان رهف ماتت أكلينيكيا حتى قبل وصولها الى المشفى، وهذا بحد ذاته يلخص لنا فضاعة ماجرى لها.
هذه الطفلة يتيمة الأم سجنت في غرفة صغيرة في البيت وكأنها صلبت في فراشها لعام كامل وكان تعذيبها يتم بشكل ممنهج وفي مكان واحد حتى لايطلع على تعذيبها احد ، التعذيب أخذ عدة اشكال وتفننت زوجة الاب خصوصا في ابتكار حالات عدة كالضرب بعنف وقسوة وصعقها بالكهرباء والحرق بملاعق الطعام الحارة والكي وحرق جسدها بالماء الحار والتكميم وتقييدها بوثاق حديدي لساعات طويلة، وتركها أياما مقيدة مكتوفة الايدي بلا طعام ولا ماء ، وكلما كانت توشك جروحها أن تندمل تقوم زوجة ابيها بفتح جروحها بملاعق الطعام الحارة حتى أصبحت قدماها من الاسفل متقرحة مليئة بالتجلطات الدموية المنتفخة ، كما أن الحرق والكي أمتد الى رجليها ويديها ووصل ضرره وتأثيره الفسيولوجي الى دماغها الذي كان اصلا متضررا من الضرب بآلات قوية وضرب رأسها بالحائط لكن الأشد فضاعة وتنكيلا بالطفولة هو أن تقوم زوجة ابيها بحرق أعضائها التناسلية بآلات حاره وبشدة.!!!
تذكر رواية تعذيب السيد المسيح بأنه جلد بالسوط الروماني الذى كان عبارة عن قطعة من الخشب مثبت فيها سيور جلدية وينتهي كل منها بكرتين من العظم أو الرصاص حتى يكون على أقسى درجة من الأيذاء ، وقبل الجلد يربط المعذّب بعمود رأسي ، ويجلدونه على الظهر والمقعد والساقين ، ويتبادل الضرب جنديان على اليمين واليسار وينتج عن هذا الجلد تمزق الجلد وما تحته من أنسجة ، ونتيجة تكرار الضرب تتمزق العضلات أيضا وتأخذ شكل شرائح مهترئة، وتحدثنا الرواية انه بعد الجلد ، ألبسوه رداءآ قرمزيا ثم عادوا فنزعوه عنه.
وهذا الرداء ألتصق بتجلطات الدم التى تكونت مسببة آلاما لا تطاق ونكأت الجروح مرة أخرى مما ينتج حالة ما قبل الصدمة عانى السيد المسيح من عدة آلام ، وهذا يعني ان كامل جسده قد طالته يد التعذيب.
الطفلة رهف وحسب الصور التي رآها كل العالم لم يبق اي جزء او مكان في جسدها لم يطاله التعذيب ، وجهها ، رقبتها ، عينيها المتورمتان ، أنفها ، يديها ، رجليها المحروقتان ، كفيها ، قدميها ، أصابع رجليها ويديها ، ظهرها ، بطنها ، حتى اعضاؤها التناسيلة لم تسلم من التعذيب ،!!! وهذا مايجعل هذه الجريمة ضد الانسانية وتشبه قصص الأنبياء المعذبين ، كل الأماكن المتضررة في جسدها صبغت باللون الأزرق والاحمر والاسود نتيجة تجلطات الدم ، فأفضت الى ان تصبح رهف فقط جسد صغير ممدد ، وهذا معناه أنهم كانوا يعاملونها معاملة دون الآدمية.
رهف كانت وحيدة لايعلم بتعذيبها أحد ، أرادت رهف من معذبيها أن يرأفوا بها ، يراعوا عمرها ، طفولتها ، لكنهم لم يستمعوا الى توسلاتها ، صرخاتها وعذاباتها ، خصوصا زوجة ابيها التي قست وتفننت في أبتكار طرق عديدة لتعذبيها وكأنها كانت تعذب وحشا كاسرآ.
راح أموت .. بعبارة التوسل والاستغاثه هذه وببراءة طفلة لخصت رهف عذابها ، حتى أنها في آخر شهر فقدت اولا القدرة على المشي بسبب تورم وتقرح قدميها من الأسفل نتيجة الحرق ، فأصبحت عاجزة عن النهوض والسير على قدميها ، وبعد ايام ونتيجة لاستمرار التعذيب بصورة اشد ، فقدت رهف القدرة على الحركة تقريبا وفقدت الرؤيا شيئا فشيئا نتيجة لتورم عينيها،
ظللت رهف ممدة في فراشها لايام طويلة بلا طعام ولا ماء ، وهي شبه ميتة ونتيحة لضرب رأسها بقوة قد تكون بآلات خشبية أو ضرب راسها بالحائط ؛ تضرر دماغها وطال الضرر جمجمتها ، وحدث نزيف داخلي في دماغها وأرتجاجات عنيفه في الراس،
وهنا نذكر حرفيا التشابه في طريقة التعذيب وحسب النشرة الطبية لجامعة أريزونا بالولايات المتحدة حيث تقول في تقاريرها :
بعد صلب السيد المسيح حدث خلع في مفصل كتفه وتدريجيا بعده بفترة وجيزة حدث خلع في مفصلي الكوع والمعصم. ونتيجة لخلع تلك المفاصل فإن الذراع سحبت وطول الذراع بهذا قد أصبح أكثر بـ9 بوصات (14.5سم) عن الطول الطبيعي، أخذ التعذيب شكلا اخر ، أكثر قساوة ، تتفتح الجروح عند ربطه على الصليب ليثبتوا يديه ورجليه عليه ، عند دق المسامير بجسده يمر المسمار بين عظم الرسغ وعظام الكعبرة وأربطة المفصل والأغشية المحيطة بتلك العظام مسببا ألام لاتحتمل ، وقد يخترق العصب الأوسط مسببا آلاما أشد فى الذراع وقد ينتج عنه شلل كامل أو جزء من عضلات اليد نتيجة نقص الدم .
وأهم ما يعانيه المصلوب يتمثل بآلام التنفس حيث انه عند محاولة التنفس يتحرك ظهره محتكا بالخشبة فيستمر النزيف ويشتد آلام ويصاحب محاولة التنفس رفع الجسم بالضغط على القدمين.
كما أن ثني الكوعين وتقريب الكتفين يزيد الألم واحتكاك الظهر الممزق بخشبة الصليب ونتيجة لصعوبة التنفس تزيد نسبة ثاني أوكسيد الكربون فى الدم مما يسبب تقلص العضلات وانقباضات تشنجية ويؤدى الى الاختناق.
أما رهف فقد ارادت فقط ان يوقف جلادوها تعذيبها ولو لايام لساعات ، حتى تلتقط أنفاسها ، تاخذ قسطا من الراحة لكنهم لم يرأفوا بها ، والكارثه أن ابوها كان موجودا ويعيش معها في نفس البيت وكان يشاهد كل شيء أمامه ولكنه لم يفعل شيئآ لوقف تعذيب الطفلة ، حاولت رهف ان تستنجد بأختها الكبرى غير الشقيقه عدة مرات ، تشكوا حروق جسدها ، لكن اختها لم تكن اقل قسوة من زوجة ابيها ، لم تستمع اليها ابدا بل بالعكس كانت تشارك في تعذيبها ،
لم يصمد جسد رهف النحيل اكثر فلفظت أنفاسها الأخيرة ودموعها واضحة على خديها ، ماتت رهف وآثار التعذيب فوق جسدها ستظل شاهدا على ماساة يندى لها جبين البشريه وجسدها الصغير مسجى الان في المستشفى ، ماتت رهف ولسان حالها يقول أن دمي سيكون عارا على من قتلني وعارا على من يسكت على قتلي وسيلاحقه الى الابد ،
رهف لم يستمع الى صرخاتها احد ، فقط الله هو من كان يستمع الى مناجاتها ، تماما كما كان يناجيه السيد المسيح .
وهنا يعجز العقل البشري عن تفسير كيف لطفلة صغيرة بعمر رهف ، نحيلة الجسد ، ان تتحمل كل هذا التعذيب الوحشي ولأشهر طويلة امتدت لاكثر من عام !! لكن تفسيرنا لهذه الحالة أن الله كان رحيما بها فقد خفف عنها التعذيب وربط على صدرها ، أو ان الله جل شأنه رفعها اليه حتى قبل ان تموت فخفف عنها قسوة التعذيب فأذا كانت طفلة صغيرة بعمرها لن تتحمل ضربة تأديبية على وجهها فكيف يمكنها أن تتحمل كل هذه الفضاعات ، وهنا يحق لنا التشبيه والقول أن طفلة بريئة بعمر سبع سنوات فقط ماتت تماما كما مات السيد المسيح .
سيدنا المسيح الآن بين يدي الله ، آمنا ، وكذلك الطفلة رهف هي الان وديعة عند من لاتضيع ودائعه .
رهف طفلتي الصغيرة ، انا شخصيا لم اراك يوما ، لم استمع الى صرخاتك ، لكن ماحدث لك اثر بي وبنا كثيرا ، أدمى قلبي ، أبكاني ، نحن جميعا مسؤولون عن ماساتك ، وعن الطريقه الوحشية التي كانوا يعاملونك بها ففارقتي الحياة وأنت بعمر الورود ، ياطفلتي ، أرتاحي الآن وغادري مرفوعة الرأس ، فأنت الان بين يدي العادل الجبار ، نامي قريرة العين ، فلا عذابات بعد الان ولاضرب ولاصراخ ولا احد سيعذبك أو يسجنك ، وقدماك الجميلتان المحروقتان سيحملناك في الجنه ، أقبل يداك الصغيرتان المعذبتان اللتان ستكونان جناحاك هناك وانحني أمام صبرك ، نامي بسلام ، ايتها الملاك البريء الذي لاينتمي الى عالمنا المليء بالحقد والنفاق والكراهيه ، في رعاية الله حبيبتي ..