18 ديسمبر، 2024 7:35 م

موت الشعر وموات هوية الامة

موت الشعر وموات هوية الامة

ماحصل في تشييع الشاعر الكبير الراحل مظفر النواب من خروج سافر عن الاخلاق وعن التقاليد ، هو مصداق لماقاله احد المثقفين بان رحيل مظفر يعني رحيل الشعر العراقي وقد ثلمت ايقونة الارث الحضاري لبلدنا برحيله .
انا واثق ان الشباب والفتية الذين حولوا التشييع الى تظاهره ضد السيد رئيس الوزراء وضد الطبقة السياسية . انا واثق الا احد منهم سمع بمظفر النواب ولا يحفظ له سطرا واحدا من شعره ،او كحد اقصى ما يعرفه هو ان اغنية (الريل وحمد) هي قصدة الراحل النواب .
ان تحول التشييع الى هرج ومرج وتقاذف بالسباب والاحذية والنعال . هو سقوط اخر عتبة في سلم تفكك وتداعي الهوية العراقية .
الفتية اصحاب الاحذية والنعال لم يحترموا مزية ومناسبة فريدة وهي ان النواب هو الشاعر الوحيد الذي يدفن في تراب العراق بينما البقية من جيله من شعراء العراق كلهم دفنوا في الغربة .

فتية الاحذية، مؤكد انهم مدفوعون ومدفوع لهم من طرف سياسي . وهذا الطرف السياسي اكيد لا يحترم النواب ولا الشعر العربي ولا يقر بعلياء الشعر العراقي على ناصية الشعر العربي .
ولكن .. فتية النعال لا يختلفون ابدا عن ضحالة جميع الانظمة التي حكمت العراق من 1921 والى اليوم . انظمة تتذكر الشاعر والفيلسوف والعالم والمبدع والمفكر والفنان العراقي ، فقط حينما يموت ..
الشعوب والدول الاخرى تبدع في ابراز وتعظيم وتكريم شعراءها وعظماءها وذلك لانها تعتبر اولئك العظماء جزءا من الهوية الوطنية والقومية وانهم مبعث فخر للامة .وبالتالي الامة تشترك مع تلك الانظمة في احياء وتعظيم وتخليد مبدعيها وصانعي ارثها الثقافي والحضاري .
في ايران وتركيا وتركمنستان وطاجيكستان وافغانستان . تقيم كل دولة من هذه الدول مهرجانات سنوية لاحياء مناسبة مولد الشاعر جلال الدين الرومي .
حكومات ونخب ثقافية واعلامية في ايران ودول اسيا الوسطى تتصارع من اجل اثبات عائدية وقومية الشاعر عمر الخيام اليها .
ايران لا تترك شاعرا وعالما ومبدعا في تاريخها ( صغر ام كبر ) . الا وتقيم له المناسبات والندوات والمؤامرات الدولية التي تنفق عليها مئات الاف لاستضافة شعراء ونخب من عشرات الدول لمشاركتها تخليد هذا الشاعر او ذاك المبدع حيا او ميتا .
في الصين ، اقيمت مسارح صخمة في قرى نائية وسميت باسماء شعراء الريف ممن لهم مساهمة في تعضيد وترسيخ الهوية الوطنية .
والمؤام هو ما علمته بان النخب الادبية والمؤسسات الاعلامية في تونس والجزائر ولبنان وسورية ودول عدة ، كانت تتوقع ان يقيم العراق مراسيم ضخمة لتوديع الشاعر مظفر النواب وان تقام احتفاليات تنقل عبر محطات التلفزة مباشرة .ولم تتوقع ابدا ان يتفرق العراقيون ويختلفون على هذا الشاعر الكبير وان يتحول اختلافهم الى تصافع بالاحذية والنعال وتقاذف بالحجارة .
… الى اين ننحدر ايتها الامة المريضة ؟؟؟؟؟
.. مؤخرة فاشنيست عراقية من الدرجة الهابطة ، تحصل على مليون اعجاب ، وجنازة شاعرنا وشاعر العراق والعرب والثورات والاجيال .. تودع بالاحذية . ؟؟؟؟؟؟!!! .