في كافة الحروب والمعارك السابقة وحيثما واينما كانت , فكانت هنالك اخطاء قد وقعت , لكنّ هنالك من الأخطاء القابلة للحدوث , والأخرى غير القابلة لذلك .! ويمكن القول أنّ هنالك من الأخطاء الممكن ان تُغتفر , وأخرياتٌ غير قابلةٍ للغفران او المغفرة
منذ انطلاق معركة الموصل في 17 \ 10 \ 2016 والى غاية فترةٍ قصيرة , فقد فقدنا عدداً كميّاً ونوعياً من الصحفيين الذين استُشهدوا في ميدان المعركة , بالإضافة الى عددٍ لا يستهان به من جرحى الإعلام , فضلاً عن مقتل عددٍ من الصحفيين الأجانب الذين يغطّون سير المعركة وخصوصاً من الصحافة الفرنسية , وأحد الأسباب الجوهرية في مقتل هؤلاء شهداء الصحافة , هو عدم وجود جهة اعلامية رسمية ومتخصصة في ادارة شؤون المراسلين الأجانب , فطوال ومن خلال الحكومات المتعاقبة في العراق كانت في وزارة الإعلام التي حلّها بول بريمر , وابتهجت ورقصت لها حكومات ما بعد الأحتلال , كانت ضمن تشكيلات تلك الوزارة < دائرة الإعلام الخارجي > ومن ضمن مهام تلك الدائرة هي ادارة شؤون الصحفيين والمراسلين الحربيين في اوقات الحرب والسلم , كما أنّ كوادر وملاكات تلك الدائرة تتكوّن من اعلاميين اكاديميين ومتخصصين ويجيدون لغاتٍ عدّة , ويمتلكون من الخبرة والتجربة في ادارة ومتابعة شؤون الصحافة الأجنبية في اوقات الحروب , ويقدمون لهم اقصى التسهيلات وبكل جزئياتها , ومع تنسيقٍ متكامل بين وزارة الإعلام ووزارة الدفاع لأجل الحفاظ على سلامة هؤلاء الصحفيين , والتأكّد من سلامة موقفهم الأمني , وحتى مرافقتهم اثناء المعركة , وكلّ هذا لم يحصل بالطبع في معركة الموصل , ممّا ادى الى فقدان واستشهاد وجرح البعض من رجال الإعلام المحليين والأجانب .. ثمّ بجانب ذلك وبموازاته , كنّا نلاحظ ونراقب بأندهاشٍ وتعجّب منذ بدء معركة التحرير , أنّ بعض مراسلي وموفدي عددٍ من القنوات الفضائية العربية والأجنبية الذين يبثّون افلاماً حيّة اثناء المعركة , فقد كانت تتضمّن صوراً ومشاهداً لبعض مواقعٍ خاصة وحسّاسه لقواتنا مّما يستفيد منها العدوّ الداعشي , وما يلبث لقصفها بعد دقائقٍ من عرضها وبثّها .! ومن المؤلم والمؤسف أنّ قيادة العمليات والجهات الأستخبارية لم تنتبه لذلك إلاّ مؤخراً وقبل نحو شهرٍ ونيف ! فمنعت على أثره كلّ الفضائيات العربية والأجنبية من التصوير الحيّ اثناء المعركة بأستثناء القنوات العراقية الرسمية , وكان ذلك خطأً آخراً للأسف , فكان يتوجّب عرض الأفلام الفيديوية للقنوات الرسمية على الجهات الأمنية العسكرية لحذف اية لقطات او صور قد يستفيد منها العدو !
الجانب المحزن الآخر في معركة التحرير , وهو جانبٌ مخجل ايضاً , فطوال شهور المعركة فقد بثّت الفضائيات العراقية والعربية والأجنبية عشرات اللقطات ” إنْ لمْ نقل اكثر ! ” صوراً ومشاهداً ولقطاتٍ لمقاتلين عراقيين وهم يرفعون بنادقهم من فوق اسيجة او جدران ويطلقون نيرانها من دون تسديدٍ او تصويبٍ على العدو , من دون رفع رؤوسهم لمشاهدة الهدف .!! , وهذا ما يمسّ بسمعة الجيش العراقي العريق , ويجعل من هذه اللقطات ” غير النظامية ” موضع تندّر من بعض فئات الرأي العام المحلي والعربي والعالمي , وشخصيّاً : أشكّ بأنّ القيادات العسكرية العليا والأدنى لم تشاهد مثل هذه اللقطات التي تتكرّر علينا في الإعلام .! ولكن لماذا سكتت عن ذلك ! ولمْ تبالي له .!!
وتحتَ أيّ اعتباراتٍ وظروف , فأنّ ما حصل قد حصل , ولا يمكن حذف اللقطات المتميزة ” سلباً ” من الأذهان .! , ثُمّ وبرأينا المتواضع , فأنّ اهمّ ما في الحروب ليس بنتائجها فحسب , ولكن بالإستفادةِ من تجاربها ودراستها , كما أنّ الأهمَّ من المهم , فتنتظرنا معاركٌ اخرى لنعتبر مما نعتبر! , والمعارك القادمة ليست مع الدواعش فقط ! , ولا اقصد القوات الكردية التي احتلت كركوك وسواها , فَلَم نوحي او نومئ بذلك .!