قد يستغرب المتابع للزوبعة المفتعلة في المركز الثقافي الملكي بعمان بعدما اقتحمت مجموعة من الاشخاص المركز بعد مرور ساعة من الاحتفال الذي اقامته السفارة العراقية باحياء اليوم الوطني للمقابر الجماعية واشاعوا اجواءاً تصعيدية من السب والشتم بغية التأثير على الاحتفالية ولم يفلح الحوار معهم بضرورة اخلاء القاعة و جرى اشتباك بينهم وبين طاقم السفارة بعد تأخر وصول قوات الامن ، واضحت ردود الافعال مبيتة بعدما توضحت الاهداف والنوايا باشتراك جهات أمنية من جهازي المخابرات والامن العام الاردني وعدد من المحامين وعلى راسهم (زياد النجداوي ) محامي الدفاع عن صدام وجماعة من الاخوان المسلمين وزمرة من انصار حزب البعث . ومارست جهات موالية للاردن الضغط على الحكومة العراقية للاعتذار قبل نتائج التحقيق وفعلاً تسرعت الحكومة وقدمت الاعتذار الرسمي ، الا ان الاحتجاجات الرسمية والشعبية الغاضبة استمرت وتم الاعتداء على عدد من العراقيين المقيمين وحرق بيوتهم وسياراتهم بمرأى ومسمع الاجهزة الامنية والبعض منهم يحمل هويات ( باجات ) الانتساب لها ، واعطت الضوء الاخضر لمثل هذا الاعتداء و قادتها شخصيات اردنية تكُن العداء جراء تغيير النظام ، فيما اطلقت الحكومة العنان لهؤلاء بمحاصرة السفارة والدعوة لحرقها وتقديم طاقمها الى المحاكمة . في المقابل عقد البرلمان الاردني جلسة أفتتحها بقراءة سورة الفاتحة على روح صدام بطلب من النائب ( مازن الجوارنه ) فضلاً عن تعليق صورته تحت قبة البرلمان . بينما راح الاعلام الاردني يُشبه الاشتباك الذي حدث بـ (شبيحة السفارة العراقية تعتدي على نُخب اردنية ) ،وتدعو لطرد السفير وطاقم السفارة وتقديمهم للمحاكمة . نعتقد ان تشبيه هؤلاء المهاجمين بالنخب هو تجني على الحقيقة والا كيف يُسمح لمجموعة تدخل المركز عنوة ووجود احتفال فيه ، فضلاً عن تمتمع المركز الثقافي الملكي باعراف وتقاليد لا يمكن العبث بها من قبل المهاجمين . اما ردود الافعال غير المتوازنة جاءت بفعل مكيدة دبرت لاشعال حرباً دبلوماسية بين البلدين لافشال التعاون الذي ارسته الحكومة العراقية والعمل على انعاش الاقتصاد الاردني المتراجع . فبدلاً ان تتبنى هذه الجهات الهدوء عمدت الى التصعيد ولم تراعٍ العلاقات الاخوية وموقف العراق حكومة وشعباً لدعم الاردن في محنته الاقتصادية وشحنات النفط التفضيلية .امام هذه المواقف السلبية التي تتبناها الجماعات الحاقدة الرسمية والشعبية ، نقولها بصدق حتى وان قدمنا العسل المصفى لهؤلاء سيبادروننا بالسم الزعاف لانهم ركبوا موجة الطائفية ووصلت الى نُخاع عظامهم ، ولن يتوقفوا في طرح سؤالهم التقليدي انت ( سني ام شيعي ) لاي عراقي يزور المملكة ، وحسبنا بالقول ( ان لم تكن لدينا ذاكرة فلنصنع ذاكرة من ورق ) .