11 أبريل، 2024 9:41 ص
Search
Close this search box.

مواقف الصين غير الحيادية

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا شك إن الصين أخذت عن جدارة حقها في التقدم وان تكون من بين الدول العظمى خصوصا بعد التحولات العظيمة التي جرت فيها منذ الربع الأخير من القرن العشرين فتحولت من دولة منغلقة على نفسها بما تحمل الى دولة منفتحة تتعامل بتكامل وتنافس مع كل دول العالم خصوصا وإنها تمتلك كل مقومات التطور واهم ما فيها أنها امتلك قيادة حكيمة واعية ومخلصة رعت مصالح شعبها ودولتها بصدق فتطورت بشكل مذهل تستحق الوقوف عنده والاستفادة من تجربتها أو على الأقل التعاون معها وقد حصل هذا عند البلدان العربية والإسلامية فالكل يحاول التعامل والتعاون معها وهذا بلا شك حق طبيعي ونحن العرب والمسلمين بشكل عام من بين تلك الدول وليس من الخافي على احد المشاريع العملاقة التي خصصت لها رؤوس أموال ضخمة جدا والتي تنفذها الصين في بلداننا وخصوصا في دول الخليج العربي وليس من الضروري الحديث عنها بشكل تفصيلي وما نريد الحديث عنه بالذات لأنها على مساس مباشر في مجريات الأحداث الحالية التي تكاد أن تجعل المنطقة على صفيحة ملتهبة بعد الشد والجذب الحاصل بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية رغم أنها بإذن الله ذاهبة الى الانفراج خصوصا بعد الإعلان عن النية في عقد قمة إيرانية أمريكية بين الرئيس الإيراني السيد روحان والرئيس الأمريكي السيد ترامب يقال كما سمعنا أنها ستتم بوساطة فرنسية في مقر الأمم المتحدة وليس هذا محور حديثنا.

بشيء من الصراحة ونتمنى أن لا يثير هذا الموضوع حفيظة احد من المعلوم إن اغلب بل جميع دول منطقة الخليج العربي ترتبط باتفاقيات أمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية وهذا لم يأتي عن فراغ بل بناءا على تبادل المصالح كما نحاول أن نقنع أنفسنا به بينما هو حقيقة في مصلحة أمريكا في الغالب لأنها المنتفع الأكبر من الأموال العربية ندفعها لها بطريقة أو بأخرى على الأقل من خلال صفقات الأسلحة التي نشتريها منها وهذا موضوع يطول الحديث به وذو شجون مؤلمة وقد انتفعت من هذه الاتفاقيات الكويت أثناء أزمتها مع العراق مع الملابسات التي حصلت وطبيعة التدخلات الدولية والآن في عهد ترامب لازالت أمريكا ملتزمة بهذه الاتفاقيات ولكن بفائدة أمريكية قصوى من الناحية المادية فأموال الخليج ودائع في البنوك الأمريكية ولنا كعرب استثمارات مهمة فيها لدعم اقتصادها بمبالغ رهيبة وصلت حد استنزاف موازنات دولنا وهي تقدم الحد الأدنى من التزاماتها ولا تعير اهتماما لقضايانا القومية ولا نتحدث عن غزو العراق وما حصل فيه نتيجة ذلك ويكفي إن نشير الى إن الرئيس ترامب قد تجرأ على نقل سفارة بلاده الى القدس وهذا وحده بمثابة طعنة في خاصرة العرب وسابقة لم يتجرأ عليها غيره من الرؤساء الأمريكان على الأقل للأهمية الدينية للقدس بالنسبة للمسلمين والعرب ولك أن تعد الدور الأمريكي وإمكانية الحسم في كل الأحداث التي تجري في العراق وفي اليمن وسوريا ولبنان وحتى السودان وليبيا والقائمة تستمر.

لكي لا نبتعد كثيرا وندخل في متاهات جانبية نعود الى صلب موضوعنا فان الولايات المتحدة الأمريكية لم تترك لغيرها ومن بين هذا الغير الصين إلا بما تسمح به هي من الجانب الأمني ولكن هذا لا يعني إن الصين لم تدخل حياتنا الاقتصادية لا من حيث الاستثمارات المهمة كميناء الصباح في الكويت مثلا لا حصرا أو في تصدير بضائعها بمختلف جوداتها من الرديء الى المتطور الى بلداننا وبهذا يمكن أن نعتمدها من بين الدول التي استفادت من ثرواتنا والتي يمكن اعتبارها مباحة للجميع فماذا قدمت لنا مقابل هذا؟

إن من حق كل الدول الانتباه الى مصالحها ومراعاتها بالطريقة التي تريد ومن حقها أن تنحاز الى هذه الجهة أو تلك استجابة لما تقتضيه مصلحتها فلا احد يستطيع أن يعيب ذلك على أية دولة ولكن خلال الفترة الماضية كانت الصين داعمة لمواقف إيران في المحافل الدولية ولم تستجب كغيرها من دول العالم حتى الكبرى أو القوية الى الحصار الأمريكي بل قالتها علنا مع روسيا أنها لن تتعاون مع أمريكا وهذا يجعلنا نتساءل خصوصا إذا عرفنا إن أكثر دول الخليج ترغب في تحديد التغلغل الإيراني في المشرق العربي بكل الوسائل أي بمعنى آخر إن القيادة الصينية تدرك إن التحرك الأمريكي ضد إيران هو بضغط عربي إضافة الى المصلحة الأمريكية فلماذا وقفت ضد التيار العربي لصالح إيران وهي مستفيدة أيضا من الأموال الخليجية ربما أكثر من فائدتها من استثماراتها في إيران فهل تشعر إن إيران مظلومة ووقفت معها نصرة لها ولحقها المغتصب مثلا أم إن موقفها هذا نكاية بأمريكا أم أنها أي الصين لا تعير ما يكفي من الاهتمام للمواقف أو المصالح الخليجية أم إن هناك شيء مخفي لا نعرفه جعلها تقف هذا الموقف وفي كل الأحوال خيارها حقها ولا احد يستطيع أن يعترض طبعا خصوصا وإنها الصين العظيمة وليست الصومال أو جزر القمر أو حتى أي دولة أخرى بدون تحديد ولكن من حقنا أيضا كعرب أن نتعامل مع الآخرين بما يخدم مصالحنا الوطنية والقومية وهذا لا يعني أبدا الدعوة للوقوف بوجه الصين ومقاطعتها وإنما فقط التذكير.

بالتاكيد لا احد يريد الضرر بأحد لا إيران ولا غيرها والجميع يسعى الى أن تسير الحياة في كل شعوب الأرض بسلام واستقرار وان يساهم الجميع في بناء حضارة عالمية إنسانية ترقى الى مستوى مصطلح الإنسانية وبالتأكيد أيضا إن لكل دولة خياراتها المبنية على مقتضيات مصالحها والعرب إذا كانوا امة هم جزء من امة اكبر هي الإسلام وكل هذا وغيره لا يلغي المصلحة الوطنية أو القومية الخاصة ولنا مصالحنا التي ينبغي علينا مراعاتها ولا نطلب من احد الانحياز الى احد ضد احد ولكن في اقل احتمال الوقوف أو التعامل مع القضايا المطروحة بحيادية فإذا كانت إسرائيل البنت الأمريكية أو الأوربية المدللة ولا احد يستطيع أن يعترض على ما تراه وتريده بما فيهم نحن العرب والمسلمين بصورة عامة لكن نحن أيضا نمتلك من مقومات القوة ما يكفينا للضغط على الآخرين بما يخدم مصالحنا وهذا حقنا ومن المؤكد إن لنا ما نقوله في كل شيء على المستوى العالمي أو الإقليمي أو الوطني وليس من المناسب لنا أن تكون معاملتنا بشيء من الدونية أو التعالي علينا وهذا حقنا الطبيعي إذا أحسنا التعامل مع الآخرين وحافظنا عليه والا فإننا سنجد أنفسنا مجرد شعوب دائما مكاننا في الصف الأخير من بين شعوب العالم وحقيقة هذا ما يحصل الآن مع شديد الأسف فدماء شبابنا ارخص الدماء وحياتنا يستهان بها بكل الوسائل وخياراتنا غير محترمة وليس من المهم أن ننظر الى تاريخنا وحضاراتنا السابقة ودورنا في بناء ما وصلت إليه الحضارة العالمية لكن أيضا من حقنا وواجبنا أن يكون لنا دور في الحاضر والمستقبل ولعلنا ننتبه الى أنفسنا ومع من نتعامل وكيف إن كان هناك من يسمع.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب