18 ديسمبر، 2024 6:43 م

مواقف الاخوال التي لا تنسى

مواقف الاخوال التي لا تنسى

جلسة عائلية ضمت مجموعة من الاخوان وكان الوقت ليلا والفصل شتاء .
تحلقوا جميعا حول المدفأة التي راح يتصاعد سنا لهيبها موزعا الدفء والضوء في محيط ضم تلك المجموعة من الاخوان.
افاضوا في احاديث مختلفة تناولت احداث المجتمع والاقتصاد والسياسة واحتدم بينهم النقاش فلا يكاد اثنان يتفقان على رأي واحد, لذا انتهت النقاشات والتحليلات الى نهايتها المحتومة وهي التمسك بالرأي الخاص وعدم امكانية القبول بالرأي الآخر ولما كان الود يجمعهم انتهوا الى ان عدم الخوض في النقاش وانقطاعه هو السبيل الوحيد والاسلم لحفظ الود والمحبة دائمين.
اجل هكذا انتهت نقاشاتهم تلك وراحوا يتداولون احداث زمن مضى وسرد ذكريات خطرت على اذهانهم كان لها اثرا بينا في طريق الحياة والتوجهات او سببا في تغيير واقع فتحدث احدهم قائلا:-
سأحدثكم عن امر حدث لي حين كنت صبيا لم اتجاوز الثالثة عشر من سني العمر اذ رافقت الوالدة الى مدينة اخرى زائرا بيت خالي الاكبر لأمر ما وجدت الوالدة انه من الضروري ان تزور بيت شقيها وتستعلم رأيه ,من مدينتا ركبنا المركبة بعد الظهر ووصلنا المدينة المقصودة عند الغروب وكان علينا ان نستقل سيارة اخرى للوصول الى بيت الخال الذي يبعد عن الكراج العام مسافة اخرى طوت وقتا اخر فما وصلنا البيت الا والليل في ساعة متقدمة فطرقنا الباب وتم استقبالنا في غرفة الضيوف كما يستقبل اي غريب ثم قدم لنا شيء من الطعام وقبل ان ننتهي منه توجه الخال لي بكلمة لم تزل جرحا بليغا لم يندمل في نفسي حيث قال :-
ان امك ستبيت الليلة هنا وانت …؟
ماذا…؟
انت اين ستبيت…؟
!!!!!!!!!!!
سأذهب الى اي فندق ابات فيه.
كنت اظنه سيعترض او سيعرض علي امرا آخر لكنه لم يفعل ولم يبد اي ملاحظة .
نهضت من فوري وخرجت الى الشارع واستوقفت سيارة تكسي اقلتني الى منطقة الكراج الذي كنت قد ولجته قبل ساعتين ولكن لم تكن من سيارة في الكراج لذا توجب علي ان ادخل احد الفنادق القريبة واطلب اليهم المبيت وكان الامر صعبا على طفل لم يتجاوز الثانية عشر من العمر لكن صاحب الفندق كان ذو خلق ونبل إذ شعر بضرورة مبيتي عندهم خوفا مما يمكن ان اتعرض له من مكاره المبيت في الشارع بعد ان فهم السبب الذي الجأني الى المبيت في فندق وان كنت في تلك السن.
……….
كلما مرت بي تلك الذكرى اشعر بالغضب من ذلك الموقف الذي واجهني به الخال والذي كما يقال في الامثال (الخال والد) ليس هذا فحسب لكني اعجب من موقف امي التي لم تعترض على الأمر وكيف اطمأنت نفسها على خروجي ليلا في بلد غريب وانا في ذلك السن الصغير وكيف لم ترافقني بالخروج من البيت مادام الخال لم يقبل ان ابات في منزله…
انها ذكرى مؤلمة تثير التساؤل ولكني ابدا لم اواجه بها أيا من امي او خالي رغم مرور تلك السنوات خوفا على المشاعر وتجنبا لخدش مثال الاحترام.