صنف علماء النفس وأغلب العلماء المعاصرين ان شبكات التواصل الاجتماعي منذ بروزها واعتبارها كإحدى الأنماط المعهودة للتواصل بين البشر وتؤثر على سلوك المستخدم وتؤدي بالحد الأدنى الى تعزيز التوتر والضغوطات النفسية بسبب طبيعتها الزمنية والمكانية ولارتباطها المباشر بتشكيل عاداتنا وانماط تفكيرنا.
ولم يعد يخفى على الجميع ان الشركات الكبيرة المالكة لهذه الأدوات تخصص مبالغ طائلة لأقسام الأبحاث المختصة بدراسة السلوك البشري وتطوير الذكاء الصناعي بما يتلاءم ويتفاعل مع البشر والتكنلوجيا، فضلا عن البيانات الضخمة التي يتم جمعها كل لحظة جرّاء استخدام التطبيقات والمنصات والمواقع والبرامج بهدف دراسة سلوك المستخدمين.
ومع تحول اغلب الافراد إلى اقتناء الهاتف الجوال واستخدامه بدلا عن الحاسوب في إنجاز مختلف الأعمال، فبات يطلق على هذا الاختراع ” مرسل الإشارات” وهذه عوامل تؤثر على صحتنا النفسية لو دققنا بها علميا.
وصنف علماء النفس الأمريكيين ان الاستمرار في التركيز على عمل كل شيء يدور بداخلنا ونطبقه في تلك المواقع او بالخصوص منصة الإنترنت.. فهذه هي “أمراض واضطرابات نفسية” ، وقد تصل الى اختلال العقل او الأعراض الجسدية والعقلية والعوامل العدوانية.
وأكد الخبراء في جامعة “هارفرد” ان مشاركة المرء للمعلومات الشخصية عن نفسه كما يحدث على مواقع الشبكات الاجتماعية ينشط انظمة المكافأة في الدماغ بالطريقة نفسها التي يفعلها الغذاء والجنس.
كما أكد الباحثون في بريطانيا ان المشاركين في هذه التجربة كانوا على استعداد للتخلي عن المكافآت المالية مقابل الحصول على فرصة اكبر للحديث عن أنفسهم او الانتقاد من الآخرين او مدحهم.
كل تلك المظاهر التي نشاهدها الآن في مواقع التواصل ومنصات “السوشيال ميديا” انها عبارة عن (عقد نفسية) وشعور البعض بالنقص او الظهور بشخصية (وهمية) بعيدة عما يدور بداخله او واقعه “المرير” فلذلك فسر اساتذة علماء النفس في جامعة ” كامبردج” ان هناك خطوات يجب ان تحذر منها اثناء استخدامك لمواقع التواصل وهي (عدم نشر الامور الخاصة والعاطفية ، والابتعاد عن المحادثات الخاصة على الملأ ، والتخلي عن الخلافات الشخصية التي تجعلك عدوا لأشخاص قد يبدوا انهم كانوا مستهدفين من قبلك ، وأهم شيء ان يجب ان تحذر منه هو نشر النميمة والنفاق والتشهير بالآخرين).
جميع مما ذكر من نقاط وتفاصيل متعلقة بالسلوك الشخصي في شبكات النت هي موجودة الآن وهناك من يريد ان يكون (بطلا من ورق) ويعيش الوهم الذي يجعله محاربا للجميع دون ان يشعر .
فلذلك نرأى الان (حرب هوجاء) بين أفراد المجتمع فمنهم المثقف المزيف والمتخلف فكريا وانماط عديدة نشاهدها اليوم تبث عبر شبكات الانترنت التي تجعل الفرد يتصرف كأنه (قائد) يحكم مملكة كبيرة من الحلم والوهم، وهذا ما جعل البعض يتجه للتصرفات العدوانية التي تزيد من التفكك وعوامل النفور والعزلة لبعض العلماء والشخصيات المثقفة.
في ضوء ذلك وبعد ثورة المعلومات الحديثة أصبحت اهمية تناول دراسة وأبحاث تتعلق بشرح مفصل لمزايا مواقع التواصل وسلبياتها والحد من ألسنة المتلونين والمصطنعين، الذين يعيشون في (عالم إفتراضي) ، جعلهم يتصورن بأن (كثرة الاصدقاء والتعليقات والاعجاب) في صفحاتهم الشخصية هي محط تفاخر وإعجاب لانفسهم.. فمنهم من ولد جديدا في هذا العالم وعاش يومه برفاهية الخداع الفكري وتصور انه اصبح نموذجا مميز في الحياة، ولقى ضالته في التواصل مع غيره في تلك المواقع، التي من المؤكد ان من اخترعها وأسسها لايطيق الجلوس فيها لمدة بسيطة، عكس مجتمعنا اليوم الذي يود خوض الدخول في هذا العالم والابحار به والوصول الى الخمول الجسماني والعزلة والميل للوحدة والعيش في بحر من الخداع والكذب.
السرد في هذا البحث يتطلب منا الكتابة والتطبيق والإفادة منها على ارض الواقع وان نطبقها على أنفسنا قبل الآخرين.
فكم من “بطل فيسبوكي” يظهر اليوم علينا بسيارته الفاخرة وطعامه الفخم وصورته في احدى المقاهي كأنه يقول (انا البطل المقدام)، وكم من شخصية تطل علينا بالحقد والغل من تصرفات اقرانها او المحيطين بهم، مع العلم ان الحرب في هذه المواضيع هي بين الأصدقاء في المنصة الواحدة.. فلغة التسقيط اصبحت اللغة السائدة في تلك المواقع ولعل النقص الذي يعيشه البعض منهم جعلهم أداة للانتقاص من افعال الآخرين دون ان يمسهم ضرر من ذلك.
ان كنت (طبيبا او مهندسا او محاميا او موظفا حكوميا او استاذ جامعة او فلاحا او طيارا او فنانا) ، هذه وظيفة خاصة بك وعليك تطويرها بنفسك دون ان ان تنتقص من غيرك او تجعل الغيرة تلبسك وانت لاتشعر بها ايها المغامر.!
نتمنى النظر بضرورة تطبيق الجانب المشرق الإيجابي وليس الجانب المظلم وان نتحلى بصفات الانسانية التي خُلقت قبل الأديان فالحياة قصيرة والخلود لمن يعمل صالحا.