لم أرغب في الكتابة أو التعليق على حادثة انفجار الطيران.. لأنني دُهِشت وصُدِمت من مشاهد الرؤوس وقِطع اللحم والجثث التي كان يحاول الناس جمعها، ولأننا اعتدنا مشاهدة هذه الجرائم البشرية .
جاءت من هنا وهناك الصور والتحليلات والتعليقات والتصريحات كان بعضها أشد بشاعة من الحادثة نفسها.. راح البعض يخبرنا حول جنسية الإنتحاري، فالبعض قال أنها عملية أمريكية واضحة والبعض الآخر قال أنها عملية إيرانية أو مليشياوية في ظل سيطرة بعض الجماعات على سير المسارات نحو بلد آمن ومستقر ، ولم يشغلهم المواطن المتفجّر بقدر ما شغلهم الإنتحاري المفَجّر هل هو سني أم شيعي؟ !!! .
منذ مدة وأنا أشعر أن هناك شيئاً مخبئ.. رغم الوضع الأمني المستتب، فالقلق يذهب برجعة.
لقد عادت التفجيرات التخريبية التي طالت ومازالت تطال المواطن العراقي ذلك البائع الفقير البسيط الذي يستقيظ في الصباح مثل مايقال: من “غبشة الله” ، لكي يكسب لقمة عيش عائلته بالحلال.. ذلك الرجل أبو عمر أو أبو علي ترك الفساد والفاسدين وتغاضى عن الحكومات والحوكمات والسياسة والساسة شاعراً بفقدان الأمل بوطن ضاعت فيه المواطنة، فصَمَت واتجه نحو باب رزقه… لكن هؤلاء لم يتركوه في حاله سالماً على عمره وبسطيته أو عربته أو محله بقرب الساحة .
لحظات وتحولت من ساحة الطيران الى ساحة الدم .. كان متوقعاً أن تتفجر لدينا مأساة أخرى ويعود لنا هكذا يوم بتلك الوحشية التي تتكرر دائما مع قرب مجيء سيادة الإنتخابات، علَّقتُ وقتها بعبارة واحدة فقط: “جانت عايزة التمت” .
الحكومة لم تكشف قتلة المتظاهرين ولم تحقق مطالب المنتفضين، وساد اليأس والملل بعد حركة تصفية الناشطين دون معرفة أو محاسبة الجناة!، لحقت بنا أيضا ً أزمة ارتفاع الدولار وغرقت البلاد بحفرة مالية جديدة.
يبدو أن كل ذلك لم يكفي لبث القلق والهم بقلب المواطن العراقي، زادوا عليها التفخيخ والتفجير ليكون المواطن أقل سعراً وأقل أهمية وروحه بلا ثمن .
صدق أحدهم حين كان يصنع التماثيل …
صنع تمثالاً وأسماه #مسؤول”ووقف في السوق ينادي:
المسؤول بدولار .. المسؤول بدولار
سأله الضابط: لما هذا الرخص،،، مما صُنع؟
الفنان : من ماء ورمل ووحل سيدي
فأعتُقل الفنان وحُبِس وضُرِب وعُذِّب!!
واطلقوا سراحه بشروط .
رجع الفنان الى السوق ، ونادى : المواطن بدولار…
رآه الضابط نفسه واقترب منه وقال: ممتاز، مم مصنوع؟
الفنان : من ماء ورمل سيدي
الضابط : ولماذا لا يوجد وحل؟؟؟
الفنان : إذا وضعناه بالخلطة يصبح مسؤولاً .. سيدي ! .
عاد الفنان للسجن .. ومايزال المواطن بدولار أو دينار أو للبيع بدون ثمن .