الإحسان:
هذه الكلمة تدل على مخرجات منظومة عمل فكرية أو فعل محسوس، حينما تدقق في جملة تكتبها وتتأكد مما تحمل في معناها فهو إحسان، الإحسان هو الإجادة في التوجه الإيجابي لان المفكر الذي يجهد نفسه لتغليف الحقائق أو يصر على خطأ بسبب الانا فهو لا يحسن صنعا، بل يظن انه يحسن صنعا، أولئك وصفهم الله ﷻ بالأخسرين أعمالا، والإحسان في الحقيقة معيار أخلاقي في جانب منه لانه يعبر عن كفاءة المنظومة الآدمية في عمارة الأرض وإقامه السلالة والعمل على استثمار الموارد إيجابيا من أجلها، تماما عكس ما يحصل في واقعنا من محاولات لتدمير السلالة البشرية وقفل المنطق في النظر إلى الماهية البشرية مما جعل الإنسان يبدو وكانه عبارة عن طفرة سيئة وليس مخلوقا بقضاء ولا قدر له، ومن الإحسان هو الرغبة والتوجه بهمه دؤوب إلى الحقائق والتعلم مهما كان علمك، هنالك أمور يخلط بها الناس بين الراي والثابت من الوقائع، فالراي هو راي ليس ثابتا البتة لانه في المراجعة إلى أن ينتج عنه عمل فيحكم عليه كواقع إن كان حسنا أم قبيحا، لكن احترام الراي هو احترام المعتقد وتوجه الناس، أما ما هو دارج الآن الاختلاف لا يفسد للود قضية فهو في مسائل المعتقدات وليس تشكيل الافكار والانطباعات مهما كانت وفي درجة من الفاعلية البشرية، تبيان المساوئ بما يظن أنها مساوئ دون دراية فهذه افعال وأقوال ليست محترمة وإنما تخضع لقوانين تفكيك السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، وهذه النظرة الخاطئة تكون خطرة إن استقرت في عقل صاحب قرار أو سياسي أو مدير، عندها سيفقد موقعه اهم ما به من المرونة المطلوبة في سياسة الظرف وإدارة الأحوال.
من اجل هذا سنتطرق هنا إلى موضوع الإحسان في القيادة والإدارة ومنها السياسة وما يعنيه الإحسان في وصفها وتثبيت أركان السليم منها وهذه ليست إلا زاوية نظر لمفهوم الإحسان الواسع.
الإحسان سمة الإداري الناجح:
الإداري الناجح هو إنسان يحمل السمو في معايير الأخلاق، لكن في ذات الوقت هنالك إداريون مستمرون في قيادة المنظومات وهم ليسوا يحملون سمو السلوك ومعايير الأخلاق ومنها الإحسان الإيجابي وان كانوا مبدعين في الجوانب السلبية.
الأنانية أولى معالم الإبداع في الإضرار بالموقع الإداري لانه لن ينتج إيجابية واستمرار للارتقاء بالمنظومة إلى مطاف الأمان وتمتلك الصيرورة أي القدرة الآمنة على التقدم أثناء عملية التحول الإداري بين الأزمان أو الأشخاص أو الظروف الصعبة في متغيرات المعطيات البيئية أو الموارد البشرية أو نوعية التحديات التي تواجه المنظومة، وهذا يتطلب برنامجا تدريبا وتأهيليا للأسف ما انفك فقدانه واضحا في دول العالم المتخلف، رغم وجود تسميته وهياكله لكن بلا رؤية أو إحسان في العمل بهذا الاتجاه، رغم أن هنالك نوع من السيطرة الظاهرة، لكن نتيجة عدم الاطمئنان من المدير أو القائد الميداني، وعدم الاطمئنان هذا يخنق الإبداع ويلغي حالة الاندماج الإيجابي بين المستويات الوظيفية المتعددة أو التكاتف بين المستوى الوظيفي الواحد لأداء العمل فالسلطة ليست كل الإدارة أنما بالإدارة ترسّخ السلطة وان الأنانية توظف مواصفات القائد ومواهبه نحو العدمية في النظرة إلى المستقبل والدمار لمؤسسة أو وحدة عسكرية أو مدنية
إن القائد الصالح لمهمته بالإحسان يعتبر نفسه في كينونة المؤسسة ولا يمتلكها بل ينتمي لها وسعادته عندما يكون فيها أو يحقق نجاحات جزئية هو أو يشجع عليها ويكون نوعا من التكامل بين المواقع، ومنها القيادي أو المدير القائد، وهذه الصفاة لا تتوفر في مدير يطبق اللوائح ويحسن استغلالها ويحقد ويتصيد الفرص للانتقام ممن يعتبره متجاوزا عليه أو يخاف على كرسيه منه، بل على العكس يرتب ويطور من يحتمل أن يكونوا البدلاء لتستمر بعده في نجاح مستمر، لا غيرة من مبدع ولا حسد على مكافأة مادية تأتي لمن معك ولا تشملك فيعيق هذا عن استحصالها كحق للزملاء ممن يعملون في المؤسسة أو الوحدة أو الشركة، وعندما يكون هذا باعثا للارتياح عند المدير فهو مدير ناجح وقيادي.
البخل على المبدع أو التخلف عن الدفاع عنه يعني أن المدير أو القائد ليس محسنا وإنما يتجه إلى السلبية ولو كان إنصافا لقيّم سلبا لانه تجاهل دعم كادر مهم تحسبا لمنصبه بلا اهتمام لمصلحة المؤسسة أو المنظومة أي كانت وهو إعدام للإبداع بينما المدير المحسن هو من يسعى لنجاح كل فرد من أفراد مؤسسته وإبرازهم وتقديمهم والسعي لان يكون عملهم مثمرا كل حسب طموحه وتوجهه وسيكون هذا النوع من الإحسان مفيدا للقائد والسياسي والمدير، فالنجاح لم يك أبدا بذات الإنسان وإنما بإدارة الطاقات وتوجيهها واختيار المفكرين والمبدعين وتمكينهم من الإحسان في مواهبهم وطاقاتهم لتستمر وليس ومضة وتخفت أو انه يتأذى منها فيموت في الحياة.