((الحلقة الرابعة))
قدمنا في الحلقة الإولى من تعليقاتنا على مواضع بطلان قانون تعديل قانون المحكمة الإتحادية الصادر مؤخراً في ١٨ آذار ٢٠٢١ والمخالفة الصريحة للمادة ٩٢ من الدستور وحكم قرار المحكمة العليا رقم ٣٨ لسنة ٢٠١٥ كما علقنا في الحلقة الثانية عن بطلان قانون التعديل من الناحية الدستورية لحرمان دور ممثلي الشعب في إختيار أعضاء أعلى محكمة عليا في البلاد٫وفي وفي الحلقة الثالثة بينا كيفية منح رئيس مجلس القضاء الأعلى مهمة التَحكُم بإختيار أعضاء المحكمة خلاف الدستور وكل التشريعات النافذة ٫وفي هذه الحلقة الرابعة نعلق على ((حشر)) رئاسة الجمهورية في إصدار مراسيم تعيين قضاة المحكمة الإتحادية كان ليس فقط مخالف للدستور ومنطق خضوع رئيس الجمهورية للمحاسبة الجنائية أمام نفس المحكمة التي وقع على مراسيم تعيين القضاة المشكلين لها.
ولهذا فأن ادخال رئيس الجمهورية في إصدار المراسيم لتعيين الرئيس ونائب واعضاء المحكمة الاتحادية وإدائهم ليمين القسم الدستوري أمامه مخالف للدستور الذي حدد اختصاصات الرئاسة بالمادة ٧٣ منه ولم يشير الى أي مجال للإضافة عليها إلا إذا كانت منصوص عليها بمواد الدستور التي منعت الإضافة إليها إستنداً لقانون سابق أو لاحق ٫كما أن منح الرئيس هذه الصلاحية تخالف منطق الدستور وقانون التعديل نفسه الذي منح هذه المحكمة محاسبة الرئيس الذي يستطيع سحب مرسوم تعيينهم مثلما حصل مع آخر قاضي للمحكمة السيد محمد رجب الكبيسي حيث تم إصدار مرسوم تعيينه وسحبه بناءاً على شكوى جنائية هدد بها رئيس مجلس القضاء الحالي غريمه السابق المحمود وبرهم صالح وكل الطواقم التي تورطت بإصدار المرسوم قبل سحبه ٫والحقيقة يمكن ان يكون هذا الإختصاص الرئاسي (مزحة دستورية ) مثل التي كنا نسمعها أيام دراسة الحقوق من مفارقات أساتذة الدستور ضمن تعليقاتهم عن الرئاسات في الانظمة الشمولية الدكتاتورية وليس صيغة دستورية إجرائية في دولة اقسمت قيادتها على احترام الدستور وفصل السلطة القضائية عن السلطات التشريعية والتنفيذية لرئاسة لم يمنحها الدستور إلا صلاحيات تشريفية ٫أضف الى ذالك فأن منح (شخبوط) المادة ٤ من قانون التعديل الخيار لرئيس المحكمة ونائبه والأعضاء الأصليين والإحتياط لإداء القسم أمام رئيس مجلس النواب ثم يصدر (أمر) نيابي بتعيينهم إذا تعذر أدائهم لليمين أمام رئيس الجمهورية أو تعذر إصدار المراسيم الجمهورية لأي سبب ليس فقط معيب من الناحية الدستورية والقانونية وحتى اللغوية وإنما قد تضمن نسف القيمة الدستورية والقانونية والإجرائية للمراسيم الجمهورية في تعيين القضاة وكل موظف عمومي في الدولة العراقية٫
وبالعودة للمادة ٤ من قانون التعديل التي خالفت الدستور وإصول التشريع ٫السؤال من يصدر كتاب ترشيح قضاة المحكمة الإتحادية ومتى يتقرر حالة (التَعذّر) بالحصول على إصدار مراسيم التعيين وإداء القسم الدستوري من رئيس الجمهورية ؟هل هو مكتب رئيس مجلس القضاء الأعلى الحالي أو مكتب رئيس المحكمة الإتحادية المحال على التقاعد أم مكتب رئيس رئيس الإدعاء العام أو الإشراف القضائي ٫اذا علمنا بان رئيس المحكمة العليا رئيس مجلس القضاء الاعلى ورئيس جهازي الإدعاء العام والاشراف القضائي هي مكونات السلطة القضائية منحها الدستور وقوانين تنظيماتها نفس الاوزان الدستورية والقانونية والوظيفية ،وغياب التنظيم الواضح المعلن للترشيح والتعين يجعل أعلى محكمة قضائية في الدولة الإتحادية الوحيدة من كل مؤسسات الدولة الإتحادية والمحلية في العراق التي لا يعرف من المسؤول عنها وكيف يتم الترشيح والتعيين فيها في دولة نظمت قبل قرن من الزمان حتى التشريعات التفصيلية لدوائر البريد والبرق والهاتف المحليه٫
وقبل هذا وذاك ٫ هل رئيس الجمهورية حر بإصدار المراسيم أو الإمتناع عن إصدارها وقبوله أو عدم قبوله بإداء القضاة القسم أمامه وفقاً لمزاجاته ومنافعه الشخصية أم هو مسؤول بدولة وعليه تقديم أسباب دستورية أو قانونية تبرر قبوله أو إمتناعه عن إصدار المراسيم أو تنفيذ مراسيم القسم ؟ خاصة وأن نص قانون التعديل المطعون فيه لم يمنح الرئيس حق مناقشة أسماء المرشحين ولا الإعتراض عليهم ٫حيث حددت صلاحية رئيس الجمهورية بإصدار المراسيم خلال ١٥ يوما فقط؟ كل هذه الأسئلة تدلل دلالة قاطعه بأن قانون التعديل هو صيغة خارجة عن الدستور والإصول التشريعية الغرض منها تمكين فائق زيدان بالتحكم بتعيين قضاة الإتحادية وبإمضاء مراسيم جمهورية .
ويتبع بالحلقة القادمة…