23 ديسمبر، 2024 11:34 ص

مواسم الانتخابات

مواسم الانتخابات

هنالك تقاليد وأعراف تعتاد الشعوب على احياءها في المواسم الانتخابية وتتباين هذه التقاليد بين بلد وآخر تبعا للمستوى الثقافي، وقوة القانون واحترامه من السلطات المسؤولة عن تطبيقه، وينفرد العراق من بين هذه الدول بتقاليد غريبة ليس لها مثيل في أية بقعة من هذا العالم الكبير، فالأسواق تزدهر في هذه المواسم، والرياضة تنشط بشكل ملحوظ والنفاق يزداد، والاموال تُتفق بلا وجع قلب، ويكثر اصحاب القلوب الرحيمة، واذا اصيب مواطن بمكروه أو أقام فرحاً فأن سيارات الدفع الرباعي تتنافس للوقوف في بابه لتقديم الهدايا او التعازي.
لقد شهدت السنوات المنصرمة بعد الاحتلال الامريكي ترسيخ قيم ليس لها وجود في المجتمع العراقي، فبعض المضايف العربية تحولت إلى محلِ لمساومة المرشحين وشراء الأصوات ودفع الأتاوات، وزعيم القبيلة يَقسمُ بأغلظ الايمان للمرشح بأنه  وعشيرته سينتخبونه، كما يمتدحه وينشر صوره لتملأ المكان الذي يجتمعون به، وحال مغادرته تزال تلك الصور وتعلق بدلا عنها أخرى لمرشح آخر، وتستمر العملية طيلة موسم الأنتخابات أنه موسم الخير والشطارة.
ويكثر في هذا الموسم النصابون والمتلونون وباعة الكلام، كما تكثر الوعود التي يطلقها المرشحون، وحين تستمع لهم تشعر أن ثورة عمرانية كبيرة ستحدث في البلد حال فوزهم، لكن هذه الأحلام تتبدد بعد انتهاء موسم السباق الانتخابي لأن الفائز منهم سيرمي شريحة الهاتف التي استخدمها في الانتخابات ويعود إلى طبعه الحقيقي.
وبعد إعلان النتائج مباشرة تبدأ ردة فعل الناخبين أزاء ممثليهم، وترتفع وتيرة الشتائم بحقهم، في حين يرد الفائزون على الناخبين:”لا فضل لكم علينا لاننا اشترينا أصواتكم بأموالنا”.
وقد يتفق بعضهم أن الفساد يكمن في الشعب واختياراته الخاطئة لشخصيات فاشلة مقابل اشياء زائلة وهدايا تافهة، لذا فالقول لهولاء الذين يبيعون مستقبل بلادهم برصيد نقال أو بطانية أو مائة ألف دينار أو مقابل وعود لا يمكن لها أن تكون حقيقة في يوم من الأيام: انتم أُساس الفساد وأصله لانكم قبلتم الرشى وبعتم الأمانة لذا لا تلوموا هولاء لانهم تخرجوا من مدرستكم.