22 ديسمبر، 2024 2:14 م

موازنة 2017 .. وتوقعات الموظفين والمتقاعدين واغلب المواطنين

موازنة 2017 .. وتوقعات الموظفين والمتقاعدين واغلب المواطنين

للمرة الأولى منذ 2003 ولحد اليوم ، نجح مجلس النواب في تشريع أسرع موازنة اتحادية من حيث التوقيت الزمني ، فقد عقد جلساته ابتداءا من يوم الخميس الماضي للتصويت على مواد وفقرات مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2017 المقدم من مجلس النواب ، ورغم انه لم يستطيع أن يمرر جميع فقرات الموازنة عندما استعصى عليه التصويت على الفقرات الخاصة بتخصيصات إقليم كردستان وصادرات الاقليم والرقابة الاتحادية على الإنفاقات ، إذ تم تأجيل التصويت عليها إلى جلسة يوم غد ( الأربعاء ) ، إلا إن ما يسجل للبرلمان انه بهذا التوقيت استطاع إن يحقق السبق في مجال مواعيد المصادقة على الموازنات الاتحادية ، فقد كانت تنجز خلال الأعوام الماضية في آذار أو نيسان من السنة المالية اللاحقة ووصل الأمر إلى خلو العراق من موازنة 2014 التي أنجزت بطريقة السلف والترقيعات ولم يكن هناك مقصرا من عدم إصدار الموازنة والقضية ( لحد الآن ) مسجلة ضد مجهول ، ومن الأمور التي تسجل لمشروع قانون الموازنة لعام 2017 أيضا إنها خالية من الرؤى والأهداف الاستراتيجية وغيرها من المتطلبات الموضوعية بهذا الخصوص وقد تضمنت عجزا يزيد عن 20 تريليون دينار يتم تسديدها من القروض ، ولم تختلف الموازنة عن سابقاتها من كونها موازنة أبواب وأقسام لذلك لم تتطلب جهدا في الإعداد لان اغلب النصوص بقيت ثابتة والأكثر تغيرا هي الأرقام التي رتبت على أساس الأمر الواقع الذي لا يتيح مجالا كبيرا للاجتهاد .
ورغم إن العراق هو المتضرر الأكبر من هذه الموازنة لأنها موازنة ريعية بامتياز وتعتمد بشكل كبير إن لم يكن كلي على إيرادات النفط ، إلا إن المتضرر المباشر سيكون الشعب لأنها موازنة أكثر من تقشفية ومكرسة لتحقيق غايات محددة أبرزها تغطية رواتب الموظفين وتوفير نفقات الرئاسات الثلاث والهيئات المستقلة وغيرها من أجهزة الدولة وسد جزءا من متطلبات المعركة ضد الإرهاب ، فالإيرادات المحدودة بسبب النقص في إيرادات النفط ووجود التزامات وطنية وأخرى حاكمة جعلت من الصعوبة الاهتمام بالاستثمار وانجاز المشاريع ومعالجة الاختناقات في مجالات عديدة ، وتدل مؤشرات الموازنة بان أي من الشعارات والوعود التي طرحت سابقا لم تترجم إلى أهداف وبذلك بقيت مجرد طموحات من الصعوبة تحقيقها بشكل فعلي ، كما إن الموازنة تفرض اعباءا إضافية على المواطنين من خلال زيادة فرض الضرائب والرسوم ، رغم التصريحات يرددها البعض والتي تشير بان نسبة مهمة مما يفرض بهذا الخصوص تذهب إلى جيوب الفاسدين وليس إلى خزينة الدولة لتسجيلها كإيرادات ، ولو تم التمعن بالإيرادات غير النفطية لوجدنا إنها لا تشكل قيمة اقتصادية مضافة لان اغلبها تستوفى من رواتب الموظفين والمتقاعدين ، وهذه الرواتب تغطى بالكامل من إيرادات النفط والقروض أو حوالات الخزينة ، وهو ما جعل إسهامات القطاعات الاقتصادية في حالة غياب مستمر والفضل يعود إلى سياسات البنك المركزي التي تمول الاستيراد من خلال توفير الدولار .
وكما اطلع الجمهور الذي شاهد جلسات مجلس النواب بخصوص مناقشة قانون الموازنة التي لم تبث بشكل مباشر وكامل في الفضائيات على وفق مبدأ الشفافية ، فان المواد الخاصة بالاستقطاع من رواتب الموظفين والمتقاعدين أو التي تمس حياة اغلب المواطنين كانت تمرر بسهولة بالغة ومن دون أي عناء وأكثرها حظيت بالأغلبية المطلقة ، ومن الأخطاء الكبيرة التي وقع بها البعض إنهم تبجحوا بتخفيض نسبة الاستقطاع للحشد الشعبي والنازحين، فقد قالوا بأنه تم تخفيضها من 4,8% إلى 3,8% والصحيح إنها رفعت من 3% إلى 3,8% لان النسبة كانت 3% في موازنة 2016 وباقتراح من مجلس النواب في حينها ، وندرج في أدناه الفقرات والمواد التي مررت بالسهولة التي اشرنا إليها :
. استقطاع 3,8% من الرواتب الكلية ومخصصات الموظفين والمتعاقدين
. فرض ضريبة 20% على كارتات الموبايل والانترنيت ولا نعلم كيف تدفع الضريبة للشركات
. فرض ضريبة 25 ألف دينار عن كل بطاقة سفر
. فرض ضريبة مقدارها 10 آلاف دينار عن كل قدوم للمطارات
. إيقاف الحذف والإحداث في حركة الملاك لمنع ترفيع الموظفين
. إعادة الحاصلين على الشهادات الأعلى إلى راتب الشهادة التي حصلوا عليها
. إيقاف التعيينات بإشكالها كافة
ورغم إن هناك المزيد من الملاحظات على مشروع قانون الموازنة الذي سيبصر النور من بداية العام القادم ، إلا إننا لم نخوض في التفاصيل في هذه المقالة ولكننا نود أن نسال المسؤولين عن إعداد مشروع القانون واللجان المعنية في مجلس النواب ، هل تم احتساب تأثير الموازنة على نسب الفقر في ظل انخفاض الأداء الحكومي في مجال الصحة والتموينية والنقل والاتصالات وغلاء الأسعار وانخفاض قيمة الدولار ، وفرض أعباء جديدة تتضمن تمييع التعليم المجاني والتوجه نحو التعليم الأهلي أو الاعتماد على العوائل في توفير متطلبات الدراسة ، وهل تم حساب إنتاجية الدينار ومقارنتها مع الدول الأخرى غير المتقدمة وهل تم الربط بين الانخفاض في المستويات المعيشية والاجتماعية كزيادة حالات الطلاق والعزوف عن الزواج وضعف القدرة في توقير متطلبات المعيشة على الأمن المجتمعي والإجراءات الوقائية التي يتوجب اتخاذها لمواجهة الأفكار المتطرفة والعنف ، وهذه الأسئلة نعرضها لان الموازنات المالية لا تحمل أهدافا اقتصادية فحسب وإنما أهدافا اجتماعية وسياسية وغيرها ، كان من الواجب المشاركة بها مع الجهات المعنية في الجامعات والمراكز والمؤسسات المختصة للوصول إلى ما يمكن تحقيقه منها ، فموازنة بحجم 100 تريليون دينار ليست موازنة فقيرة كما يعتقد البعض لأن بإمكانها أن تحقق العديد من الأهداف المتنوعة عند تجريدها من الجوانب السياسية ، والعبرة بما تحققه الموازنة من منفعة للجميع في مختلف المجالات عند إنفاق محتوياتها خلال السنة المالية ، التي تمثل جزءا من ثروات العراقيين وليست منة من المخططين والمنفذين وغيرهم ،ويفترض أن يتم البحث بعد نهاية كل سنة مالية على ما تحقق من انجازات بما يتوافق مع النفقات والاحتياجات الفعلية للشعب التي تحل مشاكله وتوفر له العيش الكريم ، ونتمنى مخلصين أن تشهد السنوات القادمة موازنات لا تكرر الماضي وتعيد الأساليب وانما تلبي الاحتياجات الفعلية للشعب وهي امنية نكررها كل عام .