رغم نشر موازنة عام 2018 في الجريدة الرسمية يوم الثالث من الشهر الجاري واصبحت نافذة ،الا ان النقاش والجدل بشانها لم ينتهي ، بل انه تطور واحتدم الصراع وانتقل الى اروقة المحكمة الاتحادية ليس من قبل المواطنين الذين هم اولى بالدفاع عما فرض عليهم وزاد من ثقوب جيوبهم ، وانما الى الحكومة . فرئيس الجمهورية الذي لم يصادق عليها واقام دعوى قضائية على رئيس مجلس النواب بحجة خرقه للدستور في عدد من مواد الموازنة الى جانب رئيس الوزراء الذي كان مستعجلا الطعن فيها ، كل له اسبابه واستناده للدستور ودفاعا عن برنامجه وليس على المواطنين .
وليس بين الدعوتين المقامة من يدعو الى تخيض الضرائب الثقيلة على كاهل المواطنين في زمن التقشف الممتد منذ اربع سنوات ،فالحكومة تريد الحصول على 13 ترليون دينار من الضرائب والرسوم في وقت لم ترد فيها فرص عمل حقيقية عن الموازنة ، بل أن بعض اعداد الموظفين سيتم تقليصها اذ كل خمسة موظفين يحالون على التقاعد سيحل مكانهم موظف واحد ما يوفر 600 مليار دينار لخزينة الدولة . ولم تنفع محاولة الحكومة التغطية والتعمية التي لجا ت اليها مع مجلس النواب بالغاء الاستقطاع البالغ 8ر3 % من الرواتب والاجور المخصص الى المجهود الحربي بعد انتهاء ه واعتبرته مكسبا ، فيما ستحصل بدلا عنه على 13 نوع من الضرائب قديمة وجديدة منها ضريبة الدخل للموظفين والمتقاعدين والكسبة 3-15% و ضريبة استيراد السيارات 15% وضريبة خدمات تعبئة الهاتف والانترنت 20% ضريبة رسم المطار بنسبة 25 الف للتذكرة الخارجية و10الاف للتذكرة الداخلية ضريبة الفنادق والمطاعم 15% و ضريبة الوقود 10% و ضريبة المشروبات السكرية 10 سنت للترو ضريبة المشروبات الكحولية 200% وضريبة السكائر والالبان والمعسل 100% وضريبة خدمات امانة بغداد 10% للعقار او قطعة الارض وضريبة صيانة الطرق والجسور 8% من قيمة المركبة وزيادة اجور الماء والكهرباء بنسبة 5% ، الى جانب تسليع الخدمات الصحية والتعليم وغيرهما اضافة الى تقيدات في تخصيصات العمل الاضافي والمكافات .
وكل هذه الانواع ذات مساس بمعيشة المواطنين ولاسيما الفقراء منهم ، والامر من ذلك بعض القطاعات الاقتصادية تعاني من ازمات حادة كالسكن والخدمات العامة يفترض تخفيف الضرائب عنها ان لم نقل الغائها كي تنتعش اوالتميز على اساس ما تقدم للمواطنين مثل السيارت الانتاجية والنقل الجماعي والوقود والطاقة التي تستهلكها المرافق الصناعية والزراعية وتؤثر ببقية القطاعات وترفع من اسعارها وهي بحاجة الى الدعم لمنافسة سياسة الاغراق منقبل بلدان الجوار .
ان بلد مثل العراق تستشري فيه البطالة التي تصل بين بعض الفئات الى 50 %
لابد من حساب تاثير الضرائب على مفاقمة معاناة مواطنيه وعدم السماح باستمرار الركود الاقتصادي والعمل على توليد فرص عمل جديدة .
و ومع ذلك استمر صندوق النقد الدولي بضغوطه في تقرير نشره حول ”العراق“ لتحميل الاعباء على الفئات الفقية والمتوسطة وتتم الاستجابه الى وصفاته سيئة الصيت حيث قال إن ”حصيلة الرسوم الكمركية في العراق قليلة جدا مقارنة بحجم الوارادات التي يعتمد عليها الاقتصاد لتلبية الاحتياجات المحلية“، مبينا أن ”العراق يعتمد على الكثير من السلع الاجنبية لاستيفاء احتياجاته الاستهلاكية ويدفع فاتورة ضخمة سنويا عن الواردات قدرت بنحو 53 مليار دولار العام الماضي“.
ان وصف الموازنة بانها موازنة قروض وضرائب بامتياز صحيح تماما وينبأ بمزيد من التوترات الاجتماعية التي تاخذ اشكالا مختلفة ومتطورة واتسعت رقعتها الجغرافية مثلما نشهدها في اطراف بغداد المحرومة من الخدمات ومصادر العيش اللائق .
ورغم ارتفاع اسعار النفط والذي يباع باكثر من 15 دولار عن تسعيرته في الموازنة وانه سيغطي العجز الافتراضي ، فان الحكومة مصرة على المبالغة في فرض الضرائب التي ستزيد من التضخم ومشاكل الاقتصاد الوطني .