18 ديسمبر، 2024 3:35 م

موازنة العراق إنتصرت لجزر القُمُر وخذلت “حسنة أم اللبن”

موازنة العراق إنتصرت لجزر القُمُر وخذلت “حسنة أم اللبن”

يحتاج العراقيون إلى مفكر مثل غاندي أو ساخر مثل برنادشو أو حتى تنبؤات “حسنة أم اللبن” التي إعتدنا سماع إنتقادها للسلطة وهي تبيع الحليب في أحد أسواق بغداد الشعبية، ليُجيبنا أحدهم عن سؤال مُحيّر للعقول وهو ماذا يحدث للعراقيين؟ وأين وصل بهم الزمن؟، دموعهم التي ذرفوها عند سماع أخبار الموازنة لا تُعرف إن كانت للحزن أو للإستهزاء.

في كل يوم يستيقظون صباحاً على حكاية من حكايات زمنهم الذي إستحكم منه مجموعة من الغرباء مفاتيح السلطة ليتحكّموا ويحكموا بلداً تجاوز عمره أكثر من ستة آلاف عام تحت سياط الجهل والنهب والسرقة.

العراق الذي سقط صريعاً في عشرينيته التي جثمت على صدور أولاده بعد إحتلال بلدهم عام 2003، موازنات إنفجارية وثروات هائلة مهدورة لا يرى منها المواطن سوى الأرقام والأصفار التي تتزايد مع إرتفاع أسعار النفط عالمياً دون أن ترى حياته ومستقبله ذلك الأمل المنشود والخير الموعود.

دعونا نسأل حسنة أم اللبن لماذا حكوماتنا السابقة واللاحقة تُنذرنا بالويل والثبور وتكبيل أجيال العراقيين بقروض يدفع أثمانها جيلاً بعد جيل في محاكاة الإقتراض المستمر بحجة توفير لقمة الخبز ورواتب القطاع العام، ويستمر الإقتراض حتى بعد أن يرتفع سعر برميل النفط (الملعون) لتضاف إليه ضرائب تُستقطع من أرزاق المواطنين وتنهك حياتهم المنهكة أصلاً؟.

آخر نكتة تسجل إلى النكات غير المضحكة في العراق جعلت المواطن يضرب كفاً بكف هو تخصيص الملايين من الدولارات لبلدان مثل الصومال وجزر القُمُر وفلسطين، ربما كان بالإمكان إيجاد التبرير للأخيرة في مساعدتها لمواجهة الإحتلال الإسرائيلي، ولكن من هي جزر القُمُر ليتم وضع حصة لها في الموازنة العراقية لمساعدتها؟ أكثر من ثمانية وثلاثين مليار دينار هي قيمة الهبات التي ستُقدّم إلى تلك الدول في بلد ينام العاطلين على أرصفة الشوارع بإنتظار من يرأف بمستقبلهم بوظيفة.

بلد لا زال يعاني من إنقطاع الكهرباء وإنعدام الماء الصالح للشرب، وطن مدارسه لا زالت من الطين التي تشهد إنهيارات سقوفها كلما لاحت الغيوم بأمطار الشتاء، كم نتمنى أن نستيقظ صباحاً ونجد نفطنا وقد تحول إلى ماء تغتسل به الوجوه بدل العطش الذي نعيشه من جراء جفاف نهري دجلة والفرات، كم تمنينا أن يصبح نفطنا ماءً نتوضئ به أو يروينا بدل لعنة الزمن التي رافقتنا من جراء إكذوبة “نفطنا لنا”.

أضخم موازنة في تاريخ العراق وضعت ضمن إلتزاماتها مُساعدة الصومال وجزر القُمُر وفلسطين والجامعة العربية وإستغفلت المواطن وخنقته بضرائبها وقروضها.

آخر صيحة من صيحات بنود الموازنة تضمنت إطفاء الديون وتسوية القروض لجميع السياسيين وزعامات السلطة والمسؤولين الذين إقترضوا من مصارف العراق مبالغ تقدر بأكثر من 100 مليار دولار منذ عام 2003 ولغايه 2023 ليخرج إقرار الموازنة إلى النور بتسوية تلك الديون التي هي ملك الشعب وإطفائها ولتذهب أدراج الرياح كل تلك الديون المفروضة معلنة تصفيرها.

يتبجّحون ويتصارخون عن جريمة سرقة القرن التي خسر العراق فيها ما يقارب المليارين ونصف المليار دولار، فماذا نسمي هذه السرقات التي نسمع عنها ونشاهدها، ليت حسنة أم اللبن تُخبرنا؟.

للتوضيح “حسنة أم اللبن” هو الإسم الحركي لإمرأة عراقية غاية في الشرف والعِفّة تناضل من خلال عملها في هذا الزمن الرديء من أجل إعانة أطفالها اليتامى في بلد تسلّط عليه حفنة من الأوغاد.