في كل مرة يثبت البعض من البرلمانيين أنهم مع إقرار القوانين والتشريعات التي تخدم مصالحهم الشخصية والحزبية فهؤلاء يدهم كريمة وممدودة للتشريعات التي تزيد من ثرواتهم ومميزاتهم في الوقت نفسه ذات اليد بخيلة وشحيحة على القوانين التي تصب في صالح المواطن والمجتمع وخير دليل على ذلك عدم إقرار قانون البنى التحتية وقانون النفط والغاز وقانون التقاعد وتأخير قانون منحة الطلبة وغيرها من القوانين التي تساعد على النهوض الاقتصادي والاجتماعي والعمراني والمعيشي .
من هنا لم يكن هناك جدلاً كبيراً على إقرار الموازنة الخاصة للبرلمان كما حصل من جدل حول الموازنة الاتحادية التي تعطلت إلى شهور نتيجة الصراع والخلاف والابتزاز من بعض الإطراف ، إذ يبدو أن المصلحة الخاصة تتقدم على المصلحة العامة حيث يعلم الجميع أن تأخير الموازنة العامة معناه تأخير حركة العمل والاقتصاد فضلا عن توقف المشاريع الاستثماري وهذا يعني تعطيل مليون وستمائة من العمال فضلا عن إن تأخير إقرار الموازنة يكلف الدولة العراقية مليارين دولار شهرياً ، هذه الخسائر كانت غير مهمة من قبل البرلمانيين في حين كانوا أكثر مثابرة عندما كان الموقف يتطلب إقرار الموازنة الخاصة التي تضمنت بنودا مثيرة رصدت لها مخصصات مالية ضخمة بمليارات الدنانير. إذ احتوت هذه الموازنة على عشرات أبواب الإنفاق الروتينية كمخصصات الخطورة والضيافة والسفر والإيفادات، والسكن والعلاج، والاتصالات،فضلا عن المخصصات الليلية والنفقات الرأسمالية ومخصصات لشراء الدراجات الهوائية والبخارية، بالإضافة إلى مخصصات لشراء سيارات الحمل (اللوريات)، كما تضمنت الموازنة مخصصات لشراء الأفلام الروائية والتسجيلية والسينمائية بالإضافة إلى الصحف والمجلات والملابس وملابس الموظفين والملابس الأخرى. ناهيك عن شراء بيوت للأعضاء وبدلات الإيجار والسيارات المصفحة إذ تجاوزت هذه النفقات 500 مليار دينار في حين ما خصص من أموال للأرامل واليتامى لم يتجاوز 12 مليار دينار والجميع يعلم كم عدد أعضاء البرلمان وكم إعداد ضحايا الإرهاب والعنف ، إذ أشارت التقارير الرسمية في وزارة التخطيط أن نسبة الأرامل في العراق 861 إلفا وعدد الأيتام (470) إلف يتيم في العراق .
وعلى الرغم من الاعتراض الشعبي فضلا عن اعتراض المرجعية على أبواب الصرف للموازنة الخاصة بالبرلمان لأنها تضمنت أبواب صرف تشتمل على تبذير لا مبرر له، وكان أول المعترضين عليها ائتلاف دولة القانون الذي رفض تمرير موازنة مجلس النواب ما لم يجر تعديل فقراتها وإلغاء بعض أبواب الصرف فيها، إذ دعا هذا الائتلاف الى مناقشتها بشكل تفصيلي وعدم الاكتفاء بنقاش عام حولها، حيث رفض ان تتضمن الموازنة فقرة لشراء سيارات مصفحة لأعضاء البرلمان لان ما يخصص لهذه السيارات مبالغ طائلة لابد من الاستفادة منها في موارد أخرى .
أن إقرار الموازنة الخاصة بالبرلمان في ظل بنود الصرف الحالية يعد تبذيراً وهدراً كبيراً للمالِ العام لان هناك أبوابا غيرَ مبررةٍ ومنها تخصيصُ اكثرَ من ثلاثةِ ملياراتٍ للايفاداتِ فضلا عن شراءِ دراجاتٍ هوائيةٍ لا يُعرَفُ الغرضُ منها، ناهيك ان الموازنةَ تضمنت زيادةً عن العامِ الماضي بمائة وواحدٍ وأربعين مليار دينار بالرغمِ من ان دورةَ البرلمانِ مشارفةٌ على الانتهاء . وبالتالي لابد من تقليل هذه النفقات وتخصيصها الى شبكة الحماية الاجتماعية لاسيما شريحة الارامل والايتام وخيراً فعل ائتلاف دولة القانون باعتراضه على هذه الموازنة لحين تعديل بنود الصرف فيها وتقليل الهدر للمال العام .