23 ديسمبر، 2024 10:48 ص

مواجهة الحشد الشعبي في حقيقتها مواجهة المرجعية الدينية

مواجهة الحشد الشعبي في حقيقتها مواجهة المرجعية الدينية

لقد مثلت الفتوى الجهادية للمراجع العظام  خلال فترة العصر الحديث الكابوس المقلق للقوى الكبرى في العالم وخصوصاً البريطانيين ومن ثم الأمريكان وكان من قبلهم الروس ، هذه الفتوى التي تمثل ضمير الأمة النابض والفاهم لكل مايدور من حوله من قضايا والحامي الحقيقي لثروات الشعب وأعراضه وأرواحه وأراضيه ، فقد واجهت المرجعية الدينية أطماع وظلم الطواغيت والمحتلين والقوى الكبرى بكل قوة وحزم ولم تنثني عن أداء واجبها الديني والإنساني في الدفاع عن المظلومين بمختلف مذاهبهم وأديانهم ونصرتهم بكل ما أوتي من قوة ، وأصبحت المرجعية الدينية العقبة الكبرى أمام مطامع المحتلين و القوى العظمى في تنفيذ مخططاتهم العدوانية ضد الأمة بمختلف أنواعها وما تحمل من عناوين مختلفة حسب مقتضيات المرحلة وظروفها ، فقد واجهت المرجعية الدينية الغزو الروسي لإيران حوالي عام 1826 بكل حزم  وقوة فقد اصدر السيد المجاهد فتوى الجهاد مع مجموعة من العلماء وقد سافرة بنفسه من كربلاء الى إيران لمواجهة هذا الغزو وقد توفى اثناء هذه المواجهة ، وقد تصدت المرجعية الدينية من سامراء لأطماع البريطانيين في إيران الذين أرادوا السيطرة على حق بيع وشراء التبغ الإيراني عام 1890 فأفتى السيد حسن الشيرازي بتحريم التنباك عام 1891 وأفشل المخطط البريطاني وانهزمت بريطانيا العظمى أمام قوة هذه الفتوى، وقد واجهة علماء الدين الظلم القاجاري في إيران المدعوم من البريطانيين وقادوا ثورة المشروطة الدستورية عام 1905 وكان يقود هذه الثورة العارمة التي غيرت مجارى التاريخ في إيران من النجف الشيخ محمد كاظم الخراساني وكان يدعمه الكثير من العلماء والمراجع وفي مقدمتهم الشيخ النائيني الذي اصدر كتاب (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) بالإضافة الى الميرزا حسن الخليلي والشيخ فتح الله شيخ الشريعة الأصفهاني والسيد هبة الدين الشهرستاني ، وفي عام 1911 أصدر ثلة من مراجعنا العظام فتوى الجهاد ضد الإيطاليين الذين احتلوا ليبيا وكان في مقدمة العلماء الشيخ الأخوند الخراساني وفي نفس العام أصدر فتوى الجهاد ضد الروس لغزوهم إيران ، وقد واجهة علماء الدين الاحتلال البريطاني في ساعاته الأولى عام 1914 وكان يقود حملة المواجهة السيد الحبوبي مع ثلة كبير من علماء الدين وطلبة الحوزة الدينية وقد توفى السيد محمد سعيد الحبوبي أثناء الجهاد في مدينة الناصرية 15-06-1915 ، وفي عام 1920 وجهت المرجعية الدينية  المتمثلة بالشيخ محمد الشيرازي من كربلاء صفعة قوية لن ينساها البريطانيون من خلال فتوى الجهاد التي اشعلت ثورة العشرين العارمة التي حطمت كل خطط المحتل في السيطرة على ثروات العراق وشعبه ، وفي عام 1942 واجهة السيد حسين القمي من كربلاء مخططات الشاه رضا بهلوي في تغريب إيران وقد دعم السيد البروجردي مطالب السيد القمي مما دفع الشاه ومن خلفه البريطانيون والأمريكيون للاستجابة لمطالب السيد القمي والبروجردي ، وقد استحوذت القضية الفلسطينية اهتمام جميع مراجع الدين من ساعاتها الأولى وقد أصدرت فتاوي الجهاد في هذا الأمر وحمل المراجع في العراق وإيران هم مواجهة الاحتلال البريطاني والعصابات اليهودية في فلسطين ، حيث أجتمع العلماء تحت قبة أمير المؤمنين عليه السلام في النجف في 12-09-1938 وقد أصدر فتواه للجهاد الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ، وقد تصدى السيد أبو القاسم الكاشاني المملوء بالطاقة الجهادية نتيجة لمشاركته في ثورة العشرين في العراق تحت راية الشيخ الشيرازي لسياسيات رضا البهلوي وقد دعم السيد الكاشاني مصدق في تأميم النفط عام 1951 ، وقد استمر الخط الجهادي لمراجعنا العظام في مواجهة القوى الأجنبية بالإضافة الى الأنظمة الدكتاتورية وأعطت أروع الأمثلة بالوطنية والأمانة في تلبية حوائج الشعوب ، وقد توج السيد السستاني هذا الخط الجهادي بفتواه الجهاد الكفائي ضد الدواعش النواصب في 13-06-2014 الذين قاموا باحتلال أجزاء مهمة من العراق في مقدمتها الموصل وتكريت والأنبار حتى وصلوا الى حدود بغداد لولا إصدار هذه الفتوى التي بسببها هرعت الجماهير تلبية لفتوى الجهاد في مواجهة الدواعش وقد تم دحرهم وتحرير أغلب المدن التي احتلوها مثل تكريت والرمادي ، وقام الأمريكيون ومن يرتبط بهم من حكومات عربية وقادة سياسية بتشويه سمعت ومواقف الحشد الشعبي حتى يحدوا ويفشلوا تجربة الحشد التي تمثل فتوى الجهاد المرجعي ، لأن مواقف الحوزة العلمية المتمثلة بمواقف المراجع العظام قد افشلت مخططات القوى الكبرى في السيطرة على البلدان وثرواتها واستعباد شعوبها ، وهذه المواقف تعتبر العقبة الأصعب أمام هذه القوى بالإضافة الى المنتفعين من القيادات السياسية في الوصول الى غاياتهم ومصالحهم ، لهذا فأي تضعيف للحشد الشعبي يعتبر في حقيقته تضعيف للمرجعية ومواقفها الوطنية المشرفة التي أثبتت على طول أكثر من قرن إنها قلب الشعب النابض الذي يراعي كل صغيرة وكبيرة ترتبط به من حقوق وثروات وأعراض وأرواح ، فإفشال تجربة الحشد والطعن فيها يعني الطعن بهذا القلب (المرجعية)  الذي ينبض الحياة في روح الشعب المظلوم  ومن ثم التفرد به ونهب خيراته وثرواته.