23 ديسمبر، 2024 9:39 م

مواجهات على خط مسرحية الانتخابات في إيران

مواجهات على خط مسرحية الانتخابات في إيران

مع أن سناريو النظام الإيراني بشأن الإعلان الأولي لنتائج الانتخابات الإيرانية مكشوف للجميع من الآن ويتمثل في مشاركة عدة ملايين من الناخبين في الانتخابات، إلا إنه ليس واضحاً لأحد ما إذا كان يخرج ابراهيم رئيسي فائزاً من صناديق الاقتراع أم حسن روحاني في مسرحية الانتخابات.

إنه لسؤال يستدعي التأمل والتفسير. ولكن قبل التطرق اليه، دعوني أن نعرف ما هو سبب اعلان الجزء الأول من الانتخابات وبهذه الشاكلة؟!

سبق وأن تناولت ذلك في مقالات سابقة وقلت ان السبب الأساسي لهذا الأمر يعود الى الخوف الذي ينتاب النظام من الانتفاضة الشعبية المناهضة للنظام برمته أثناء مسرحية الانتخابات. تلك الانتفاضة التي سرعان ما تشتعل بشرارة وتجعل النظام الحاكم بكل أجنحته في خطر داهم بحيث تكون السيطرة عليها متعذرة. لكون المواطنين الإيرانيين يعيشون الآن وضعا آمنيا واقتصاديا مترديا تحت وطأة الضغوط المضاعفة مما جعل الشارع محتقنا بسبب تراكم مشاعر الغضب والاستياء من فقدان الحرية والحملات المتصاعدة من الاعدامات وانتهاك حقوق الانسان في إيران وكذلك انتشار الفقر والمعضلات الاقتصادية الخانقة التي ستنفجر في حينها. وهذه الحقيقة يدركها الجناحان الحاكمان في النظام جيدا وهما متفقان على احتواء الانتفاضة الشعبية.

ولكن من الذي سيخرج من صناديق الاقتراع في هذه المهزلة السخيفة، ليس واضحاً لأحد. وطبعا بغض النظر عن بقية المرشحين وحتى الحرسي محمود احمدي نجاد الذي سجل اسمه في قائمة المرشحين مؤخرا سيكون التنافس الأقوى ، بين صاحب العمامة السوداء «رئيسي» وصاحب العمامة البيضاء «روحاني».

مع أن المرشحين الاثنين هما ضالعان في كل جرائم النظام منذ تأسيس حكمه قبل 38 عاما ولعبا دورا نشطا فيها وعملا في مناصب عليا في الحكم إلا أنه يبدو أن كل واحد منهما يركز على كعب آخيل الطرف الآخر في هذه الحملة الانتخابية.

وقد ركز الملا رئيسي على الوضع الاقتصادي في ولاية روحاني لمدة 4 سنوات وفشله في الوفاء بالوعود الكاذبة التي أطلقها للمواطنين وعدم تحقيق نتائج ملموسة في الاتفاق النووي، فيما يركز روحاني الذي نفذ في ولايته 3000 حالة اعدام، على دور «رئيسي» في جهاز القضاء للنظام والاعدامات. خاصة ان الأخير يحمل في سجله أيضا ملف مجزرة أكثر من 30 ألفا من السجناء السياسيين في العام 1988 حيث كان أحد الأعضاء الكبار في لجنة الموت ومنفذ أوامر خميني.

ولكن في المقابل ما يهم الشعب الإيراني هو ما عبر عنه في احتجاجات مناوئة للحكم يتمثل في مطالبته بتغيير النظام وها هو الآن يرى الفرصة مناسبة للاعلان مرة أخرى أمام العالم إرادته لتغيير النظام وكذلك مقاطعة مسرحية الانتخابات التي دعت اليها المعارضة الحقيقية لهذا النظام هذا العام أيضا.

واذا ألقينا نظرة إلى جميع الدورات الانتخابية للنظام الحالي في إيران فنرى أن جميع مرشحي مهزلة الانتخابات فهم أولا تابعون لزمر مختلفة للنظام وثانيا كلهم ملتزمون بمبدأ ولاية الفقيه ودستور النظام المتخلف ويجب أن يجتازوا فلترة النظام المتمثل في مجلس صيانة الدستور وموافقة الولي الفقيه. ولذلك يمكن الاستنتاج أنه لن يطرأ أي تحسن في حال الشعب الإيراني ولا يحدث أي تغيير في سياسة تصدير الارهاب واثارة الحروب في المنطقة، بصرف النظر عمن يجلس على كرسي رئاسة البلاد. وسيبقى النظام على ما هو عليه الآن ولن يختلف اختلافا ماهويا وفي المقابل يبقى طلب الشعب لتغيير النظام قائما آيضا.

وتقول الاستنتاجات الأولية لنا في حال اعلان روحاني فائزا في هذا الصراع الانتخابي، فمعناه ضعف خامنئي وهزالة موقعه أكثر من ذي قبل وحرق ورقة «رئيسي» الذي هو مرشح لبديل خامنئي (بسبب اصابة الأخير بمرض السرطان). وفي حال اعلان رئيسي فائزاً في الانتخابات فمعناه الانكماش الأكثر للنظام مما يضع النظام على سكة سريعة للسقوط ولأسباب مختلفة داخليا ودوليا. وتبرز حقيقة دامغة أخرى هنا أن النظام وبعد الانتخابات يخرج على كل حال أضعف وستأخذ وتيرة التحولات منحى متسارعا مع مرور الأيام مما يفتح الطريق بشكل أوسع أمام تغيير النظام على يد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية.

النهاية