23 ديسمبر، 2024 6:46 ص

مهنة الصحافة .. مقابر لا يثني على بنائها أحد!

مهنة الصحافة .. مقابر لا يثني على بنائها أحد!

قيود من ورق، تؤدي دوراً مهماً في نقل أحداث، وهموم المواطن، أينما وكيفما كان، فتلاحق المألوف والمستغرب، والقيل والقال، وتتحدث عن الحقير والفقير، والسلم والحرب، وتحشر أنفها في مجاهل الفضاء، ليخط قلمها شيئاً تطرب له الاسماع، ولكن الإعلاميين ليسوا دمى للترفيه عن الناس، لأنهم القلب النابض في مهنة البحث والحقيقة.
يقول الكاتب الأمريكي: (مارك نيوتن تستطيع كلمات الكذب أن تطوف حول العالم، قبل أن تتمكن كلمة الصدق من إرتداء حذائها) وهذا يعني أن الأخبار في حال الإشاعة والفوضى، تكون أكثر إنتشاراً، وتجد طريقها للتأويل والتفسير على وجوه عدة، فالأكاذيب حقائق عزيزة يصعب التفريط بها، وقد فعلت داعش فعلتها بهذا السياق.
الصحفي الفاسد يتعامل مع الخبر والحدث، بشتى الوسائل القذرة في الإثارة والتهويل، وهو أشبه بالبائع لبلاده والخائن لوطنه، ومثل الذي يسرق من بيت أبيه، ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه، ولا اللص يكافئه، خصوصاً وأن الفرن الدموي يجهزنا بالموتى ليلاً ونهاراً، وبالتالي فالحرية الصحفية الإيجابية، المشروطة العادلة، هي ما نبتغيها جميعنا.
الصحافة الصدامية البعثية أيام القمع، كانت تضع امام الكاتب ثلاثة خيارات، وهي السجن أو السفر أو الإنتحار، أما صحافتنا اليوم فباتت بوضع أفضل، رغم الولادة الحديثة لمستوى ديمقراطيتها، وطريقة التعاطي مع الأوضاع الراهنة، التي أزهقت أرواح المئات، من العاملين في المجال الإعلامي، وخلفت جروحاً في الروح، من الصعب أن تندمل.
إن الأقلام الشريفة دفعت ثمن صدقها وولائها للعراق، فلم يقف العدوان علينا طائفياً، بل إمتد ليطال الرموز الإعلامية شيباً وشباباً، فظنهم أنهم سيقتلون الفكر الحر بداخلنا، ولم يدركوا أن عبارات الحق والعدالة، لن تموت بدفن القرابين الصحفية، فبالعكس شهدنا حركة مهدوية ثورية، بوجه التطرف والإرهاب، فنحن صحفيون حسينيون ما بقينا.    
أحياناً يسخط الشعب عل مهنة المتاعب، لأنها لا توثق حلولاً للمجتمع، الذي يخرج من ثناياه دمار وأشلاء، ولا تضع حداً لآفة الفساد التي تنخر جسدنا، فأضحت الصحف مجرد مقابر لا يثني أحد على بنائها، وإقتصر مصدر شرائها على حل الكلمات المتقاطعة، وكتابة التحشيشات، التي ما أنزل الخالق بها من سلطان!.
لكي نتخلص من الألم والمرض، لا بد ان نرضى بالعلاج وإن كان مراً، فبمجرد ظهور علامة للشفاء، ذلك يعني تغير النظرة للأمور، ويصبح من السهل الإستمرار، مع العزيمة والإرادة للنهوض، وفقاً لمصلحة الوطن والمواطن، وهذا يدعونا لتقصي الصدق الواقعي في تتبعنا للحدث، وإلا فالصحافة قلم الفوضى المنظم، بيد المثقفين الخونة.