23 ديسمبر، 2024 9:03 ص

مهمتنا العسيرة القادمة(1)/الجزء الأول

مهمتنا العسيرة القادمة(1)/الجزء الأول

مواكبة الانفجار المعرفي والتخلي عن النمطية التقليدية:
أمثلة عديدة وحالات عملية لممارسات مغلوطة وتوجهات عقيمة في الادارة والصحافة والتدريب…
عرض جريء “غير مسبوق” للمسكوت عنه في ممارسات الصحافة الورقية والألكترونية العربية!
في غمرة التغييرات الهائلة التي تعصف بالعالم والمنطقة العربية خصوصا، ماذا يتبقى لنا غير العلم سلاحا نقاوم به تقلبات العصر وصنوف الفوضى اللاخلاقة التي تعصف بالمنطقة؟ لقد شبعنا تنظيرا ولغوا في السياسة والاقتصاد والاجتماع والفقه، ومن المفيد أن نتحدث قليلا عن تخلفنا العلمي الحضاري المزمن القاهر:
حقا ان التطور العلمي- التقني مزعج تماما لطبيعة حياتنا الاتكالية القدرية التي تعتمد على اللامبالاة والاسترخاء ، لأنه يتطلب أنماطا انضباطية صارمة يغلب عليها المنطق، وتغيب عنها اشكال الفوضى والعاطفة والتعصب والهيجان، ولكنا حقا لا نملك خيارات كثيرة سوى أن نعرض أنفسنا بقصد لصدمة “فكرية-علمية-ثقافية” تهز الركود العربي من أساسه وأركانه …حتى نستيقظ من سباتنا التاريخي العميق، ونهرع قبل فوات الأوان لنواجه المخططات الاسرائيلية –الاستعمارية/الغربية –الطائفية المرعبة التي تسعى لسرقة الموارد والأوطان وتشتيت البشر ونشر الاقتتال الداخلي والكراهية والطائفية والاقليمية …
فما مدى مساهمتنا كعرب في ثورة المعرفة العالمية الجامحة ؟ لقد قيل أن الخبرة المكتسبة خلال ال 65 عاما الماضية توازي تلك المتجمعة خلال ال650 سنة السابقة، كما أن الخبرة المكتسبة لهذه الأخيرة توازي الخبرة البشرية المتكونة خلال ال 6500 سنة السابقة لها في هذه المصفوفة، واعتمادا على هذا المقياس الدال فان الخبرة المكتسبة في شتى صنوف المعرفة خلال الأربع او الخمس سنوات او حتى الست سنوات القادمة ستوازي تلك المكتسبة خلا ال 65 سنة الماضية وهكذا …
لقد مس الانفجار المعرفي الكاسح “المعرفة النظرية والتقنية التطبيقية” في آن واحد، وفيما يتحدث العلماء عن ظاهرة التفكك الاشعاعي ” النصف-حياتي ” لبعض العناصر الاشعاعية، يتحدث الخبراء الان عن ظاهرة مماثلة تمس التطور في المساقات العلمية: فالعمر النصفي للهندسة الكهربائية والكميوتر مثلا أصبح من سنتين لثلاثة فقط ، بينما كان المهندسون من ثلاثين سنة خلت يعيشون لمدة 12—14 سنة مع معارفهم الهندسية المتقادمة!
يقول أحد الخبراء انه يتوجب على مهندس “عصري” متخصص في تقنية “أشباه الموصلات” (كمثال) أن يقرأ يوميا ما بين 40—50 مقالا متخصصا ليتمكن من مجاراة ومواكبة التطورات العلمية في تخصصه… وأتحدى بثقة أنه لا يوجد عربي واحد متخصص يقرأ حاليا مقالا واحدا يوميا بمجال تخصصه، وقد وصلت لهذا الاستنتاج الواقعي بطريقة احصائية طريفة رصدتها شخصيا، حيث كنت ارسل بقصد احيانا مقالات متخصصة بالجودة لحوالي 40-50 شخص ولا احصل بالمقابل على تغذية راجعة الافيما ندر ومن شخص او شخصين واحيانا ثلاثة بالحد الأعلى وربما من منطلق المجاملة لا غير، مع أني كنت اقصد ارسال مقالات قصيرة مبسطة وواقعية وبعيدة عن التعقيد والتخصص والاصطلاحات، كما لاحظت نفس الظاهرة في معظم الحالات التي تتطلب الجهد والمثابرة والاطلاع ومتابعة المستجدات، ونرى ذلك جليا في الكثير من المقالات السياسية والثقافية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية …التي تجتر وتكرر نفس الموضوع ونفس الأراء والحقائق وكأن الزمن قد توقف، حتى أصبح القارىء ينفر من قراءتها كاملة لأنه اصبح يعرف مضمونها مسبقا من العنوان المكرر، وللطرافة أسوق مثالا معبرا من مجلة الناقد اللبنانية الرائعة ( التي اندثرت منذ أكثر من عقد ونصف) ، حيث وجدت وأجد الكثير من المقالات المعبرة والتي تبحث في الأحداث السياسية والثقافية والأدبية والاقتصادية وحتى الاجتماعية بعمق وروح نقدية طريفة تكاد تواكب أحداث وتداعيات عقدنا الجديد وكأنها ذات بعد مستقبلي رؤبوي، او ربما دليل على اجترارنا وانجمادنا كرهائن في نفس الحالة الزمنية “السياسية-الاقتصادية-الاجتماعية” الراكدة وكان الزمن قد توقف!… وحيث تتفوق أحيانا بطروحاتها المتنقدمة والكم المعرفي على مثيلاتها من المجلات العصرية “كالمشاهد اللبنانية” الاسبوعية ( كمثال معبر والتي اختفت منذ اكثر من خمس سنوات والممولة من دولة خليجية)، والتي كانت تقدم الخبر والمقالة والتحليل السطحي المنحاز كسندويش الهمبرغر (كغذاء سريع) ينساه الانسان مع انتهاء تناوله، حتى أن بعض تحاليل العرض السينمائي فيها تكاد لا تفهم منه شيئا لرداءة اللغة وسطحية الطرح والترجمة الركيكة وبلا أدنى جهد واحترام لذكاء القارىء وثقافته واطلاعه، حتى ان ابني المراهق أيامها كان يسخر من المضمون والعناوين، وكمثال جديد طازج ومباشر وموازي لنقارن بين “رأي اليوم” الألكترونية وصحيفة “القدس العربي” الورقية على سبيل المثال وبهدف التقييم الموضوعي المعبر عن واقع الحال، وكلاهما يصدر من لندن، حيث تجد التنوع والثراء الثقافي المتعدد والرأي الآخر الصريح في الصحيفة الألكترونية الاولى، فيما تكاد تشعر وكأن جوقة موسيقية واحدة “مدفوعة الأجر لموظفين ملتزمين” هي التي تسيطرعلى كافة مفاصل الصحيفة الورقية الثانية في معظم الأحيان، حيث لا يتجرأ احد من الكتاب (الا ما ندر في حالات محدودة لافتة) للخروج عن النص العام لتوجهات الصحيفة السياسية المعروفة وصولا لحالات من “اللامنطق والتهريج ودعم مطلق للربيع العربي الخائب والممارسات العميلة لبعض الدول وللفكر الداعشي “والنصراوي” الارهابي (وحتى الفكر الصهيوني المخفي أحيانا) وللمواقف الغربية المشبوهة المضللة بحق مصالحنا القومية والوطنية، وذلك في استخفاف سافر بعقول القراء المساكين”، ورغبة جارفة “مدفوعة الأجر” لتضليل الرأي العام العربي البائس بلا ادنى شعور بالمسؤولية القومية والوطنية والفكرية والاجتماعية، حيث تتم شيطنة بعض الأطراف باستمرار وتقديس اطراف اخرى لمبررات تافهة وغير موضوعية احيانا، ولكن للحق فلا بد من التنويه لعمق وجاذبية الكتابة العميقة في صفحات “الثقافة والفن والفكر والتاريخ والأدب وصفحة المنوعات” تحديدا التي تظهر “منفردة ولافتة وحيادية ومعرفية وممتعة وخارج النص وتحمل أحيانا بصمات معرفية وفكرية وفلسفية ممتعة” (لبعض كبار الكتاب والادباء والشعراء العرب المرموقين) في القدس العربي اللندنية، وذلك عكس المقالات السياسية الموجهة بمعظمها والمكررة والتي تحفل بالانحياز والتضليل والاجترار والدعاية المباشرة المنفرة والنمط الاستهلاكي التوجيهي القسري، فالحق يجب أن يقال ويعرض على الملأ لتوعية المثقفين والقراء العاديين الغلبانين، ولقد ثابرت بالكتابة في القدس العربي لحوالي عشر سنوات تحت ادارة المبجل “عبد الباري عطوان”، وكانت مقالاتي المنتظمة تتصدر الصفحات الثقافية أحيانا، وكنت اكتب في النقد السينمائي والأدب والفكر وملخصات الكتب، وعندما تغيرت الادارة واجهت “لؤما عجيبا ونفورا غريبا وكأني اتعامل مع يهود صهاينة”، مع أن مقالاتي بمعظمها ليست سياسية الطابع، والاحظ للأسف أنهم ينشرون احيانا مقالات سطحية تافهة وحافلة بالمغالطات والسلق في التحليل السينمائي تحديدا، وهي بصراحة موضوعية لا ترقى ابدا لمستوى مقالاتي العميقة المعبرة وذات المغزى “المتعوب عليها”، وأكيد انهم يدفعون المكافآت المالية فلا احد يثابر بالكتابة بالمجان في صحيفة خليجية ثرية تصدر من لندن، ولكن لللأسف “فليس لي بالطيبات نصيب” وحظي سيء مع النقود عموما ولكني لست نادما فقلمي ليس للبيع، وهكذا كان… وذلك على عكس “رأي اليوم” التي تتمتع (على الغالب حسب وجهة نظري الشخصية المجردة) بالنزاهة والحيادية والجرأة والانفتاح على الجميع كمنبر تنويري تفاعلي عربي فريد وجريء وحيادي، حيث تستقطب كتابا مختلفين من جميع الأقطار العربية، غير مدفوعي الأجر بالحوافز والمكافآت المالية (حسب معلوماتي الغير مؤكدة على الأقل) ولا ساعين باندفاع “لأكل العيش والترزق والاستهبال وملىء الصفحات” مثل حالة “القدس العربي” على سبيل المثال التي تعج بالمغالطات والتضليل والتهريج احيانا على سبيل المثال لا الحصر، وانما يكتبون من منطلق الرغبة والهواية والموهبة والرغبة بابداء الرأي وتعميم مختلف الأفكار والتوجهات بحرية بلا ضوابط قمعية وقيود سياسية مقيتة وقسرية، وهذا ربما ما نحتاجه حقا في حياتنا اليومية الراهنة لمواجهة واقعنا السياسي- الاقتصادي- الثقافي –الاجتماعي المتردي البائس الراهن…كما أنه من منطلق رغبتي هنا بهذا المقال بعرض تجاربي الشخصية في النشر الألكتروني المجاني، فاني اوضح انه من بين أكثر مواقع الكترونية عربية انشر بواسطتها مقالاتي الدورية (السينمائية وملخصات الكتب والثقافية وغيرها ومنذ أكثر من عقد ونيف)، فاني لم القى التقدير الحقيقي الا من ثلاثة مواقع فقط، حيث منحوني شهادات تقدير لافتة وفي مقدمتهم موقع ديوان العرب (المهجري الأمريكي وصاحبه المقدسي المبجل عادل سالم)، والذي صنفني كأفضل ناقد من بين عشرة كتاب وشعراء عرب مرموقين في العام 2016، ثم تبعه في ذلك موقعي “النور والصدى” المهجرين ايضا (بعد أن طلبت ذلك وليس طواعية)، فيما لا تلقى ككاتب “مجاني حيادي مستقل” أي صدى وتفاعل ايجابي وتقدير جدي من باقي المواقع العربية المهجرية خصوصا التزاما بالمثل العربي العتيد “كلو عند العرب صابون” “واللي داخل زي الخارج” “والباب بفوت او بخرج جمل”، وربما تنقطع عن الكتابة لأسباب السفر او المرض فلا تجد شخصا من ادارة التحرير المبجلة “يستنضف” ليسأل عنك وكأنك انسان وهمي غير موجود!… وهذا بالحق مؤسف ومحبط وربما مقرف ولعين ايضا، وربما ينتقل الكاتب “الغلبان” للعالم الآخر دون أن يعلموا بذلك ويتفاعلوا بالتنويه والعزاء، بل أن هناك أربعة مواقع قاطعتني “بلؤم وجلافة وجحود” لصراحتي وشفافيتي ومصداقيتي بالتعامل هي على التوالي “عود الند وعين على السينما وثقافات وجاردينا”، ولأسباب سخيفة تماما لا داعي لذكرها هنا تتعلق بمعظمها بالغرور والتعالي والاستهتار بالكاتب المجاني الغلبان وهذه حقيقة وليست مبالغة، كما أن بعض المواقع يشترط النشر الحصري لينشر لك مقالاتك مع “تحميل الجمايل”، وبعضها ينشر دون موافقة مقالات مختارة “مسروقة” من هنا وهناك ليملأ موقعة الألكتروني الخائب، وهكذا كان ولا تعليق، وترى نفس الممارسات الجاحدة العقيمة كذلك في بعض المواقع الألكترونية والصحف المتعالية التي تفيض بالغرور والفوقية الثقافية الكريهة كما الشللية المقيتة (وخاصة مواقع “الصفحات الثقافية” في الصحف اليومية بمعظمها التي يديرها اشخاص متحيزين ومناطيقيين)، والتي تتعامل بانتقائية وتمييز مع الكتاب وباستهتار ولامبالاة وبدون احترام وتقدير مع أن بعض هؤلاء الكتاب بكتبون فيها دوريا بالمجان (كما ذكرت اعلاه)…كما أن البعض “يستوطي حيطك” اذا علم انك ليس شلليا ومتنفذا او مؤثرا، فيطلب منك “الكتابة الحصرية له” وتعديل المقالات مرارا او حتى كتابة مقالات خاصة ضمن شروط معينة مزعجة مقيدة، ثم يطنشك فلا ينشر لك ويعود ليستجدي المقالات من أعضاء الشلل المتنفذة ذاتها لكي تتصدق عليه بمقالات “بايتة وقديمة ومركبة وبعضهم يكتب عن افلام لم يشاهدها”…ليضحكوا فيها على القراء “الغلبانين وهيئة التحرير المشغولة دوما”، ثم ليفوز بالمكافآت المالية المقررة (وقد لاحظت ان بعضهم يكتب نفس الدراسة او المقال ويرسله لعدة صحف ومواقع ولينال عليه مكافآت لا يستحقها أصلا، او يكتب بطريقة بانورامية عامة بلا تركيز على اختلاف ثيمات الأفلام)، هكذا فهم يعاملوك ككاتب مستقل نزيه وحيادي وكأنك غير موجود او “لا مرئي” في استهتار واضح لمشاعرك وللحد الأدنى من الاحترام المهني المطلوب، وهناك مواقع تفاعلية رائعة مثل موقع “سنابل” اللبناني (على سبيل المثال لا الحصر) الذي تبدو الكتابة فيه وكأنها موجهة لأفراد عائلة مثقفة ودودة من الكتاب والقصصيين والشعراء، وكأنك في منتدى ادبي رفيع حيث رئيس التحرير المبجل وكاتب مقالات لبناني فريد وعتيق مميز بكتابته يدعى “ابراهيم يوسف” يشجع ويعقب ويتفاعل، وكذلك موقع صدى المهجري الذي تهتم مديرة التحرير المخرجة السينمائية العراقية النشيطة “خيرية منصور” بمتابعة كتابتك الدورية فيه! علما باني قرأت أن معظم المواقع الأجنبية (الغربية تحديدا) تبادر لدفع المكافآت للكاتب المقرؤ المثابر والملتزم، بعد أن تنشر له اول ثلاثة مقالات مجانا، وللأسف فكل أصحاب المهن في بلادنا العربية الهائمة (بلا استثناء) يتقاضون اتعابا مالية، الا مهنة الكتابة حيث ينحصر التبجيل والتقدير والمكافآت للمتنفذين الواصلين المنافقين الاستعراضيين فقط اللذين نجحوا باشهار أنفسهم بلا وجه حق (وربما بعضهم مجرد انصاف مثقفين أدعياء)، فيما لا يلقى الكتاب الآخرين (الغلبانين الكتومين الملتزمين المثابرين امثالي) الا بذل الجهد مجانا وربما عبثا كما المعاناة الابداعية وربما المساءلة والاحباط واللامبالاة والشعور المتزايد “بالاقصاء والتهميش” وربما الاتهام بالمشاغبة…وهذه ليست شكوى وانما “فشة خلق” حقيقية وكشف سافر جريء وفريد للكذب والزيف والاستعراض “المسكوت عنه” في الصحافة الورقية والألكترونية العربية…وارجو ان اكون قد نجحت هنا بحصر واستعراض معظم الحالات السلبية في هذا المجال بموضوعية وواقعية مع امثلة حيادية دالة وعامة… وفي نهاية هذه المكاشفة الفريدة لابد من التنويه بروعة بعض المواقع العربية “المهجرية بمعظمها” التي شجعتني وما زالت تشجعني ضمنيا على الاستمرار بالكتابة التنويرية فيها، ومنها “ساسا بوست والنور وآراب فويس والتجديد العربي وآراب سولا وصوت الوطن والمثقف والأخاء العربي وابن خلدون وكتابات واكسير المغربي وموقع “صحفي” الاعلامي الاردني اليومي النشيط، وموقع صحيفة الوطن الجزائرية وموقع اتحاد الكتاب المغاربة وصحارا وعدسة الفن وموقع الجسرة الثقافي (في البداية ثم طنش مقالاتي لسبب غامض)، وكذلك المجد الاردنية (التي تحولت للاصدار الألكتروني) وبريد الحياة اللندنية (وحتى السفير اللبنانية نشرت لي مقالا سينمائيا لافتا قبل انتهاء صدورها الورقي)، ثم موقع الصفصاف المهجري الرائع الذي نشر لي العديد من المقالات بكامل الصور والمرفقات، وكذلك مواقع الصباح العربي وبغداد والحقيقة الآن وغرين وغيرها من الصحف والموقع الألكترونية المتجاوبة… ولن أنسى موقع الناقد السينمائي اللبناني الشهير محمد رضا الذي اقفل مؤخرا (والذي تكرم بالبدايات بمنحي 50 دولارا مقابل المقالات النقدية السينمائية، ثم كرسني كواحد من عشرة نقاد سينمائيين عرب مرموقين وموضوعيين وقد كنت مهمشا ومنسيا)، كذلك لن أنسى الفاضلة “مجدولين ابو الرب” مديرة التحرير في مجلة افكار الاردنية الشهيرة المرموقة، والتي نشرت لي حوالي العشرة مقالات نقدية سينمائية وأرفقتها بمكافآت مالية مجزية من هيئة التحرير المدعومة كاملا من وزارة الثقافة الاردنية (بواقع مئة دولار تقريبا للمقالة الواحدة)، وكذلك لن انسى موقع “روابط الأعمال” السعودي الذي كرمني بنشر أكثر من خمس مقالات ادارية دالة واعاد اخراجها بصورة جاذبة…راجيا في الختام تقبل خالص المعذرة ان سهوت عن ذكر بعض المواقع الاخرى الجليلة المتفاعلة، متمنيا حقيقة أن لا يفسد اختلافي الكبير بالرأي هنا للود قضية، فالحق يجب أن يقال مع الود والاحترام.

مهمتنا العسيرة القادمة(2)/الجزء الثاني:
مواكبة الانفجار المعرفي والتخلي عن النمطية التقليدية:
لقد اصبح التغيير “هدفا ديناميكيا متحركا” وبدونه لا يمكن تخيل النجاحات الكبرى في المنافسة العالمية لأسواق السيارات والألكترونيات المختلفة والموبايلات والحواسيب الشخصية مثلا …وسنبقى نعاني من الفوضى والتخلف والبطالة وهجرة الأدمغة طالما لم نبدأ بتطبيق استراتيجيات جديدة تعتمد التدريب والتعليم المستمر في الجامعات والمعاهد والكليات الأكاديمية والبوليتكنيك ، كما في المؤسسات الصناعية والخدمية والزراعية والحكومية المختلفة…والمؤسف هنا وكمثال معبر ومنذ اكثر من خمس سنوات كنت وما زلت أعرض في حسابي على الانترنت رغبتي المتحمسة الجادة لتقديم ندوات ومحاضرات متخصصة في الحيود السداسي والجودة العصرية، ولم القى التجاوب الا مرتين فقط (من احدى الجامعات الخاصة المتميزة ومن مركز تدريب المهندسين/الهندسة الصناعية تحديدا، والغريب أن المهندسة المنسقة رفضت باصرار اعادة التدريب بالرغم من كثرة الطلب عليه ولأسباب مجهولة طبعا “ربما سياسية وبيروقراطية” على ما اعتقد)… ثم لقد ارسلت عرضي لحوالي عشر جامعات حكومية وخاصة ولم القى تجاوبا يذكر بل التسويف والتأجيل والتهرب الغير مبرر، بل وصل الأمر والاستهتار بادارة احدى الجامعات الخاصة البعيدة في ضواحي عمان أن قام مدير الجامعة “الدكتور-النزق” بالغاء الفعالية قبل نصف ساعة فقط… بحجة ضيق الوقت وعدم توفر القاعة مع أن النشاط كان سيعقد في يوم الاجازة الاسبوعية “السبت” بحضور الطلبة المهتمين، ولم يهتم المنسق بالاعتذار الجدي لهذا السلوك الفوضوي “الجلف الغريب” بعد ان تكبدت عناء الوصول لحرم هذه الجامعة وايجاد موقف لسيارتي…ولكني “اخذت درسا مريرا وفريدا” فقررت أخيرا الاستنكاف نهائيا عن عرض الدورات والندوات المجانية لاناس لامبالية لاتقدر الجهد والخبرة والعمل الطوعي، واستبدلت ذلك برغبة حثيثة لوضع وتأليف كتاب جديد شيق ومفيد في تطبيقات الجودة المتقدمة العصرية (للقرن الحادي والعشرين)، مع العديد من الأمثلة الواقعية والتطبيقات العملية مع بعض القصص المعبرة الطريفة والخبرات الحكائية ذات الدلالة والمغزى والفائدة، والتي اقتبستها من خبراتي العملية الطويلة كمهندس مثابر خبير في قطاعات الصناعة والخدمات وفي المؤسسات الحكومية والصناعية الكبرى، وفي قطاع الشركات المتوسطة والصغيرة والمشروع “اليورومتوسطي” للجودة (2004-2005)، ناهيك عن خبراتي الطويلة في مجال التدريب والاستشارات والجودة والأيزو “والحيود السداسي” وجوائز التميز المحلية الاردنية والاقليمية (السعودية والاماراتية)، وكذلك مشروع آفاق (1999/2001) الريادي في ادارة التغيير والدمج والاستحواذ والخصخصة النموذجية والذي عملت فيه مديرا تنفيذيا، الذي تضمن خبرة محلية فريدة خلاقة في مجال تطوير “شركة الاسمنت الاردنية” لتصبح مؤهلة للانضمام لشركة لافارج “الفرنسية العالمية”، حتى أن جمعية الجودة الأمريكية العالمية قد انبهرت بانجازته الفريدة، وتشاركت معي في كتابة ثلاث مقالات وصفية مختصرة، واطلقتها عالميا لاطلاع المهتمين في الشبكة العنكبوتية حينها (2002)…كما شجعني على ذلك نجاح كتابي الثاني في الجودة والذي صدر في العام 2005، بعنوان اسرار الحيود السداسي، والذي لاقى رواجا محليا وعربيا كبيرا في حينه وحتى الان، وحصد جائزة جامعة فيلاديلفيا الاردنية كأفضل كتاب تقني في العام 2005 من بين اكثر من مئة كتاب منافس، وربما ان ثابرت بانتظام ووفقني الله لدار نشر نزيهة أن يصدر الكتاب في العام 2019 باذن الله تعالى، علما بأن تجاربي مريرة مع معظم دور النشر المحلية، التي تستند للواسطة والمحسوبيات والعلاقات العامة (وربما المناطقية البغيضة احيانا) بطريقة تعاملها “الغير مهنية”، والتي تستند لمبدا “اربح وحدك وخسر المؤلف او اضحك عليه ان استطعت” بطريقة تعاملها التجارية “الغير متوازنة” مع المؤلف الغلبان!
لقد ساعدت ثورة الاتصالات والانترنت على تسهيل نقل المعرفة بشكل لم يشهد له مثيل من قبل ، فبعض الدورات المتخصصة تعقد الآن حاليا في صفوف تعليمية افتراضية (عن بعد)، وتبث يوميا لمدة خمس ساعات بواسطة الأقمار الصناعية والشبكة العنكبوتية، وبذلك قلت الحاجة للانتقال والسفر بغرض اكتساب المعرفة وزيادة التخصص، واصبحت بعض الجامعات المحلية قادرة على تغطية اكثر من حوالي 50 % من المادة التعليمية بواسطة الأقنية التعليمية الفضائية، وهكذا يمكن لكل واحد منا ان يبقى في مكان عمله وان يتلقى بالانتساب او بالتعلم عن بعد المعرفة المتخصصة المنتظمة التي تساعده على تطوير مقدرته وكفاءته، وكمثال فقد شاركت شخصيا بعد “تقاعدي المبكر” بأربعة مساقات تعليمية متطورة بالجودة المتقدمة، مع متابعات افتراضية حية اسبوعيا باشراف استاذ متخصص، كما قدمت الامتحانات اتوماتيكيا بواسطة الانترنت، وشعرت فبما بعد أن هذه المعرفة الضخمة المتخصصة تضاهي بل قد تتفوق احيانا على اساليب التعليم الجامعي التقليدية لأسباب تتعلق باستثمار الوقت والتركيز وجودة التعليم العملي الذاتي وكثرة الأمثلة العملية والحيادية والجدية في التعامل…

لا بد من مواكبة ” الانفجار المعرفي” بالتعليم المستمر مدى الحياة، ويلزمنا في هذا الصدد تطوير منهجي –جذري لنظم التعليم العربية، وتسخير جزء من المبالغ الطائلة التي تذهب احيانا لتغطية نفقات البعثات والدورات الخارجية المتعددة (والتي تعني احيانا التسوق وشمات الهوا والمياومات الكبيرة كمكاسب مجانية)، وذلك من اجل تطوير استراتيجي لبرامج التلفزيون التعليمي واستخدام أنظمة الارسال بالأقمار الصناعية والفضائيات والأمواج الدقيقة والانترنت وغيرها من وسائل الارسال العصرية المتطورة…راجيا أن يلقى مقالي “الصريح الشفاف والجريء والفريد” وكلامي المعزز هذا بالأمثلة الواقعية الايجابية والصادمة وكذلك الاحصائيات الصدى المطلوب عند اصحاب القرار والمسؤولين المبجلين وعند مدراء التحرير وأصحاب المواقع الألكترونية هؤلاء ، وأن لا يطير وتطير كلاماته هكذا عبثا في الهواء!