23 ديسمبر، 2024 12:32 ص

مهمة البعثة الاممية في الانتخابات العراقية، بين الاشراف والمراقبة

مهمة البعثة الاممية في الانتخابات العراقية، بين الاشراف والمراقبة

لايزال الى الآن يدور الحديث بين رؤساء الكتل البرلمانية والاحزاب والقوى السياسية الاخرى والناس في الشارع العرقي؛ حول دورالأمم المتحدة في الانتخابات العراقية المبكرة القادمة. والتي من المؤمل ان تجري في تشرين الاول من هذا العام. الممثلة الاممية جينين بلاسخارت، زارت ايران في الايام الاخيرة واجرت محادثات مع على كبر ولايتي، مستشار السيد خامنئي؛ حول الانتخابات العراقية سابقة الاشارة. هذه الزيارة التي اعتبرها الكثير من العراقيين ومن بينهم، اطراف في العملية السياسية،او قريبين من صناع القرار في العملية السياسية؛ من ابرز هم، السيد عزت الشابندر، الذي، قال عن هذه الزيارة؛ بانها اشارة او انها تأكيد على ان العراق تحت الوصاية.. في السياق ذاته يدور الجدل حول الدور المطلوب الذي سوف تلعبه الامم المتحدة؛ هل هو اشراف ام هو مراقبة، وهناك فرق كبير وكبير جدا بين الاشراف والمراقبة، الاولى تعني بما لا لبس فيه ولا غموض وغير قابل للاجتهاد؛ بأن جسد السيادة العراقية فيها جروح كثيرة، ومناطق هشة ورخوة، أو أن العراق لم يزل الى الآن كما يقول النائب السابق عزت الشابندر؛ تحت الوصاية.. السيد الصدر بارك مراقبة الامم المتحدة للانتخابات، بالإضافة الى السيد الحكيم الذي التقى الممثلة الاممية قبل ايام. اللافت الى الانتباه، والذي يثير اكثر من شك، بل الكثير من الاسئلة عن دور الامم المتحدة في الانتخابات العراقية المفترض اجراءها في تشرين الاول القادم من هذا العام؛ هو طلب الحكومة العراقية الى مجلس الامن؛ بدور اممي فعال، في هذه الانتخابات، كما صرح بهذا السيد وزير خارجية العراق. على ضوء هذا الطلب؛ تعتبر مهمة الامم المتحدة في الانتخابات العراقية المقبلة؛ مهمة اشرافيه وليست مهمة مراقبة، لأنه، اذا كانت مراقبة، حسب خبراء هذا الشأن؛ لا تحتاج الى طلب الى مجلس الامن الدولي؛ انما الاشراف هو الذي يحتاج الى قرار من مجلس الامن الدولي. جينين بلاسخارت، قالت في وقت لاحق؛ لا يمكن الحديث عن دور للأمم المتحدة في الانتخابات لا بعد صدور قرار من مجلس الامن الدولي في هذا الشأن، الى الآن، لم يصدر قرار بهذا الخصوص، والحديث هنا، لايزال، للسيدة بلاسخارت؛ وهي بهذه الاشارة لم تنفِ ولم تؤكد، تركت الامر مفتوح على التأويل والاجتهاد. قوى سياسية اخرى؛ اعتبرت الاشراف الاممي على الانتخابات العراقية هو انتقاص للسيادة العراقية. فيما ذهب اخرون ابعد من هذا كثيرا؛ فقد اعتبروا تدخل الامم المتحدة، (وهم في هذا يقصدون الاشراف وليس المراقبة) في هذه الانتخابات هو مفتاح للتدويل مما يؤدي بالنتيجة حسب رؤيتهم الى الحاق الاضرار بالسيادة العراقية، وفي نفس الوقت يؤسس لفتنة في البلد؛ لذا، يقولون سوف نقف وبكل قوة ضد كل محاولات التدخل الأممي في الانتخابات العراقية، فهي شأن عراقي داخلي؟!..عندما نقول البعثة الاممية يجب هنا ان لا يغيب عنا تدخل العقل الامريكي وكذلك الاصابع الامريكية، وبالذات حين نعرف مرجعية السيدة جينين بلاسخارت ومواقفها السابقة من القضايا العربية وعلى وجه التحديد موقفها من الكيان الصهيوني. البعثة الاممية، حتى حين يصدر قرار من مجلس الامن يبيح لها او يفوضها بالأشراف على الانتخابات العراقية، فهي لن تتدخل بصورة مباشرة وبالتفاصيل ولا باي شيء اخر يضعها في موضع تساءل من المراقبين والعراقيين، انما يكون لها دور، بما يسمح لها، في تحريك الضوابط الضامنة لنزاهة الانتخابات العراقية، ومراقبتها.. ربما، صغيرة جدا، ان هذا الامر سوف يحصل. ان جميع الانتخابات في العالم او ان القسم الكبير منها وخصوصا حين تكون نزيهة في النية والعمل والاجراء، يجري دعوة المنظمات الدولية ومنها الامم المتحدة للمراقبة سير العملية الانتخابية، فهذا امر مطلوب كي يعرف العالم مدى نزاهة هذه الانتخابات او تلك الانتخابات، بالإضافة الى، وهذا امر في غاية الاهمية؛ لتأكيد نزاهتها في صناديق الاقتراع، وتقليص مساحة التلاعب بها، ان كان تواجد هذه المنظمات الدولية، بإعداد كافية وبحرية واسعة في الحركة والمراقبة، من دون التضيق على تحركاتها ومراقبتها لصناديق الاقتراع، وسير العملية الانتخابية في المراكز. أما الاشراف فيعد بالفعل تدخلا في الشأن العراقي، وايضا يمس السيادة. أما اذا ذهبت البعثة الاممية بعيدا في هذا الخصوص، هنا يكون الامر مختلفا، وفيه، ربما نوايا غير حسنة النية في اقل تقدير؛ وبالذات عندما تكون حجة، لإضافة مسحة من التدويل على الانتخابات العراقية، اي لا يكون التدويل، كلي الحضور المعلن او الموقنن، لكنه، يتجه بوجهته، سلوك هذا الدرب. وفي هذه الحالة، ان حصلت، وهنا نعتقد انها، او احتمال حصولها قليل جدا، ان لم نقل معدوما؛ لحساب المعطيات الواقعية في الوضع العراقي، الذي تشتبك فيه المواقع والخنادق، بحمولتها من الرؤى والسياسات والاجراءات، وبالذات عندما تحصل مقاربة امريكية ايرانية في الذي يخص الوضع العراقي بصورة عامة، وبالانتخابات المقبلة تحديدا، بطريقة او بأخرى، أو بأحد طرق المقاربات الامريكية الايرانية، والتي تعرفنا عليها خلال اكثر من نصف العقد وعقد؛ كما حدث في تولية السيد الكاظمي، رئاسة الوزراء. الوضع العراقي، وضع متفرد، فيه الكثير من تعقيدات المشهد السياسي، سواء اللاعبون الكبار، من احزاب وكتل وائتلافات وتحالفات، او الاذرع الدولية وهنا نقصد الامريكية تحديدا، والعربية والاقليمية، أو الوضع الاقتصادي المتدهور اصلا. ان الوضع العراقي بحاجة ماسة الى معالجات جذرية وناجعة، تستند على مخطط او خطط واضحة، وواقعية وعملية، تعتمد على برنامج محدد زمنيا، وبأدوات كفؤه، قادرة على تحريك هذه الخطط وبرنامجها، والقدرة على تحويلها الى عمل على ارض الواقع. ولها القدرة والشجاعة والقوة على النأي عن المؤثر الدولي والعربي والاقليمي، بالاعتماد كليا على الدافع الوطني العراقي، بصورة حصرية، وكاملة وتامة، في الرؤية والتخطيط والبرنامج الفعلي والعمل به. هذا هو ما يعول الشعب عليه، لأحداث التغيير والاصلاح عبر صناديق الاقتراع، في الانتخابات المقبلة. السؤال هنا؛ هل تأتي الانتخابات القادمة بهذا المرجو؟ الإجابة تظل معلقة على رفوف الانتظار..