22 ديسمبر، 2024 2:11 م

مهزلة عقائدية أن الرحمة للمسلمين فقط

مهزلة عقائدية أن الرحمة للمسلمين فقط

النص :
علقت المطربة ” أحلام ” بتغريدة على ” تويتر ” ، نشر في موقع ( هن ) بتاريخ 2.3.2018 ، حول وفاة الفنانة الهندية سرديفي كابور في 26.2.2018 بدبي : أثارت الفنانة الإماراتية أحلام الشامسي الجدل من جديد ، بسبب تعليقها على وفاة الممثلة الهندية سرديفي كابور عبر حسابها على موقع التغريدات الصغيرة / تويتر ، وكتبت ” الشامسي ” : ” رحمها الله .. أستغفر الله ” والتي ترى أنه لا يجوز عليها الرحمة ، لأنها بوذية ” ، مستشهدة بآيات من سورة ” الغاشية ” . وموقع عربي 21 ، أضاف بهذا الصدد ( بدورها ، قالت الإعلامية والكاتبة الكويتية دلع المفتي : ” نحمد الله أن الرحمة بيد الله وليست بيد أحلام وغيرها من البشر . بوذية ، سيخية ، بهائية ، سنية ، شيعية ، كاثوليكية ، بروتستانية ، يهودية ، زرادشتية ، لا دينية… رحمة الله عليها .”. وردت عليها المطربة الإماراتية : ” مساكين تصعبون علي الله يعينكم ، ديننا صريح وواضح لا يجوز الرحمة على غير المسلم ، يعني المسلم لا يدعو بالرحمة إلا للمسلم فقط فقط فقط ، مطربة رقاصة ممثلة…… هي بالنهاية مسلمة تجوز عليها الرحمة، بس الكافر لاااااااا”. ) .
ورد الباحث الشرعي الشيخ الدكتور أحمد الغامدي في موقع العربية نت ، في 3.3.2018 ، على الجدل الذي أثير حول تعليق الفنانة أحلام على وفاة الممثلة الهندية سريديفي كابور ، وأنه لا يجوز الترحم عليها لكونها تنتمي إلى غير دين الإسلام ، قائلا ( إن التراشق بالاتهامات ، بالتساهل أو التشدد ، بسبب قضية الترحم على أموات غير المسلمين ، فيه الكثير من التجاوز ، وتتصاعد وتيرة الاختلاف بينهم وتصل إلى اتهام من يترحم على مثل هؤلاء بالقدح في إيمانه ، والذي أرجحه في هذه المسألة أن البر بالأحياء من غير المسلمين المسالمين أمر جائز بنص القرآن ، والبر بأمواتهم هو كذلك ، لقوله تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم ) ، وبين وجود فرق بين الترحم والأستغفار ، وقال ( أنه هناك فرقاً بين الاستغفار والترحم عليه ، فالاستغفار يستلزم طلب غفران عام ، وفيه ما لم يأذن الله بغفرانه ، كالشرك ، ومقتضاه طلب الجنة للمستغفر له ، وليس الترحم كذلك ، فيمكن أن يرحم الله العبد وإن لم يدخله الجنة ، كأن يخفف عنه العذاب مثلا ، فالرحمة أعم من الغفران .. ) .
أن ما ذكر من قبل الشيخ الغامدي هي مجرد تأويلات وترجيحات ، وهذا ديدن الشيوخ عندما تضيق بهم السبل ! .

الرحمة وفق العقيدة الأسلامية :
1 . عقائديا ، الرحمة محصورة فقط للمسلمين ، وهذا مؤكد مثلا في سورة التوبة ، ووفق بعض أحاديث الرسول ، فقد جاء في موقع / مركز أسلام ويب – بهذا الصدد التالي : فالترحم على أموات الكفار لا يجوز ، سواء كانوا من اليهود والنصارى ، أو كانوا من غيرهم ، لقوله تعالى : مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ { سورة التوبة 113 } . ولقول الرسول في الحديث ( والذي نفسي بيده ؛ لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، ولا يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار . رواه مسلم وغيره ) .
2 . وليس هناك في مفردة الكافر / المشرك ، أي تفريق ، بين لو كان المشرك من ذوي القربى أم لا ، فقد جاء في كتاب ” الرسالة ” لابن أبي زيد القيرواني المالكي : (( وَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِأَبَوَيْهِ الْمُؤْمِنَيْنِ )) ، هكذا بتقييد الاستغفار للمؤمنين ، قال شارح ” الرسالة ” الشيخ النفراوي في كتابه ” الفواكه الدواني ” : (( وَمَفْهُومُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِغْفَارُ لِلْأَبَوَيْنِ الْكَافِرَيْنِ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ )) لِآيَةِ : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى } . أي أنه حتى أبويك لا يجوز لهما الأستغفار أذا كان غير مؤمنين بالأسلام ، بل غير مؤمنين بالرسول ، وهذه أشكالية أجتماعية أسرية بالوقت ذاته ، لأنها تفرق الأسرة – أصغر وحدات المجتمع ! ، فالأسلام والرسول وضعا كيانهما في مكان أعلى وأرفع حتى من ذوي الأرحام ! .

الفنانين والأفتاء :
ومهزلة المهازل ، أن المطربة أحلام ، تفتي بالحلال والحرام !! ، أما تدري أحلام ، أن عقائديا عملها في المجال الفني حرام ! ، ولكم الملايين تغلق الأفواه وتحجر على العقول . وهل احلام خريجة شريعة وفقه ونحن لا نعلم ! . أن أحلام أصلا مطربة ، تفتقر الى الخلفية الفنية الرصينة ، مع أفتقادها الى الأسلوب الراقي للتعامل مع الأخرين ، وأدمانها في خلق المشاكل ، حتى مع الدول / لبنان على سبيل المثال عندما أستهزأت بوضع المزابل فيه ! ، ولكن العتب يقع على من أعطى لهكذا نماذج أهمية في البرامج الفنية ، والكارثة أنها تلقب نفسها بالملكة ! فأذا كانت أحلام ملكة ! أذن ماذا يجب أن نلقب كوكب الشرق أم كلثوم ، هذا من جهة ، وكيف احلام ملكة وجارة القمر فيروز على سطح الكوكب .. هذا من جهة ثانية ، أن هذه المطربة أخذت أكثر من حجمها الحقيقي بكثير ، والأمر من مسؤولية المؤسسات الفنية والأعلامية والتلفزيونية ! .

القراءة :
1 . العالم يسير قدما في أطوار وقفزات من الأختراعات الفضائية والطبية والميكانيكية والعلمية عامة ، والمسلمين جل وقتهم ، منصب حول ، من يدخل الجنة من عدمه ! ، ومن تستوجب الرحمة عليه ! ، ومن يستحق الأستغفار ! ، وكأن المسلمين / علماءا و شيوخا وفقهاءا ودعاة ، وكلاء ونواب الله على الأرض ! .
2 . المشكلة الكارثية ، أنه لو كانت الجنة للمسلمين فقط ، فأنها ستحتاج الى خدمات ومنتجات من الكفار ، لغرض توفير الراحة للمسلمين ، والسؤال هنا ، كيف سيتم التعامل مع الكفار لو أستوجب دخولهم للجنة لأجراء الخدمات ، وماذا سيحصل لو رفض الكفار هذه المهمات / لأنهم غير مشمولين لا بالرحمة ولا حتى الأستغفار ! .
3. هناك مشكلة أخرى ، تتعلق بالوضع المكاني للكفار ، الذي هو جهنم ! ، والسؤال هنا ، كيف سيتم أنتقال الكفار للجنة لأداء مهامهم الخدمية والتقنية للمسلمين ! ، وهم في سعير نار جهنم ! .
4 . أن علماء المسلمين في موقف حرج ، من النص القرأني ، فكيف لله أن يتعامل بهذه التفرقة والتمايز والفوقية بين عباده ، المسلمين في كنف رحمته ، وفي منتهى عفوه وغفرانه ، وفي جناته وفي نعيمه ! والباقي في النار مخلدون . أرى أن العلماء يدركون وجود مشكلة في النص القرأني ، ولكن من يستطيع الأفصاح عن الحقيقة ! .
5 . والسؤال هنا ، لم أنزل الله الرسول متأخرا ، لم لم ينزله الله أول الأنبياء والرسل ! ، لكان الكثير من الخلاف والأختلاف أنتهي للأبد ! حيث كان الكل مسلمون !! .
6 . لكن كل هذا يقودنا الى مشكلة أكثر تعقيدا ، وأصعب فهما ، وبقت بلا أجابة ، لحد الأن ، من غير ما ذكر في كل ما سبق ، وهو ليس كل المسلمون ناجون من جهنم ! ، فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ قَالَ : ( أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَامَ فِينَا فَقَالَ : أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ ) رواه أبو داود ( 4597 ) وغيره وصححه الحاكم ( 1 / 128 ) .
أي أن 21 مليون مسلم في الجنة من مجموع الكلي للمسلمين البالغ 1.6 مليار نسمة ! ، والباقي في جهنم ! مع الكفار والمشركين ! ، فكيف يعالج شيوخ وفقهاء المسلمين هذه الأشكالية في الموروث الأسلامي ! وهذا تساؤلي الأخير !! .