كلما يقترب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية ،تبرز لنا ظاهرة انتخابية هي ظاهرة التسقيط السياسي،وبما أن التسقيط السياسي في الانتخابات ظاهرة عالمية مشروعة ،ولكنها في العراق تأخذ شكلا آخر أكثر قبحا ودونية وسفالة ،إذ يبدأ بالتخوين والتجريم والانتماء إلى البعث وداعش، ولا ينتهي بالفساد والولاء لدول إقليمية معينة بذاتها هي قطر والسعودية ،فمن وراء هذا التسقيطات المنظمة وما هو الهدف منها ،ابتداء الترشح حق يكفله أي دستور في العالم ،ضمن شروط وقوانين تضعها الدولة لكل من يرغب بالترشيح لعضوية مجلس النواب ،وعندنا في عراق المحاصصة الطائفية المولودة من ضلع الاحتلال الامريكي البغيض ،بدستور كتبه اليهودي الصهيوني نوح فيلدمان على عجل إرضاء للحاكم المدني الامريكي في العراق المجرم واللص الدولي بول بريمر ،وعلى مقاس الأحزاب الطائفية الموالية والتابعة للاحتلال الامريكي، و التي شكل بها حكومة المحاصصة الطائفية ،واليوم يشهد العراق تحضيرات شعبية وحكومية وأحزاب سياسية للمشاركة في انتخابات برلمانية في العراق ،تحدد مستقبل العراق السياسي والاجتماعي ،انتخابات (إذا تحققت وأنا اشك بتحقيقها لانهيار الوضعين الأمني والسياسي )سيتقرر مصير العراق كله ،لذلك تعمل الأحزاب التي تقود السلطة بكل قوتها وقوة سيدها الإيراني والأمريكي، للاستحواذ على الولاية الثالثة بأية طريقة سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة ،فالمشروعة هي الفوز عبر صناديق الاقتراع وإجراء انتخابات (نزيهة وشفافة ) كما يقولون ،وهذا مستحيل في أجواء الحرب الأهلية التي تقودها حكومة نوري المالكي، في حربها على الانبار والمحافظات المنتفضة الأخرى نينوى وديالى وكركوك وصلاح الدين وبغداد وغيرها ،بحجة محاربة تنظيمات داعش وأخواتها ،والتي فضحتها الأحداث السورية والقوى العالمية والإقليمية بان كذبة داعش هي صناعة إيرانية –أمريكية –بتنفيذ سوري راجعوا تصريحات أوغلوا والقادة العسكريين الأمريكان وغيرهم ،إضافة إلى شهادات واعترافات من وقع منهم في اسر الثوار في الانبار،لذلك تقوم حكومة المالكي بإجراء حملة تسقيطية علنية منظمة وممنهجة ،هدفها تسقيط الخصوم بعد ضمان إقصائهم من الحكومة والعملية السياسية،مثل مرشحي التيار الصدري ومتحدون والعراقية والوطنية تحديدا ،ولم يتم التعرض لمرشحين آخرين ممن يؤدون التحية والولاء لحكومة رئيس الوزراء ودولة القانون،فصوبت الحكومة بنادقها نحو مرشحين كانوا يوصفون ب(سكينة خاصرة للمالكي ) كما يقول المثل العراقي، مثل النائب حيدر الملا وصباح ألساعدي ،ومرشحون مشاغبون آخر مثل مثال الالوسي وجواد الشهيلي وغيرهم ،أو من هم أعداء معلنين مثل احمد العلواني ورافع العيساوي وظافر العاني وغيرهم ،وأخذت تسقطهم الواحد تلو الآخر بتهم اقلها الخيانة العظمى كما حصل مع النائب احمد العلواني أو الانتماء لداعش كما مع ظافر العاني أو الانتماء للبعث كما حصل مع حيدر الملا أو تلفيق تهمة وشكوى ضد نائب كما حصل مع صباح ألساعدي وهكذا يوميا نسمع استبعاد مرشحين من ألا انتخابات وجريمتهم الجاهزة القاتلة الأكيدة الاستبعاد من الانتخابات وهي الانتماء لداعش وهذه تهمة كل من يعارض حكومة المالكي ،او الانتماء للبعث (ونصف حكومته من البعثيين التائبين له )،وهكذا يتم التسقيط على هوى ومزاج دولة القانون بوحي من رئيس الحكومة ،والسبب دائما هو الخوف من الفشل في الحصول على ولاية ثالثة ،بضمان تسقيط الآخرين وتخويف الأحزاب والمرشحين برفع سوط الاستبعاد من الانتخابات وتلفيق تهمة اغلبهم هم بريئين منها ،ولكنها سطوة السلطة ودكتاتورية الحاكم وهيمنته على السلطة القضائية المسيسة والأكيدة الولاء له ولحزبه الحاكم ،في حين تتفرج بقية الأحزاب والشركاء في العملية السياسية العرجاء على مثل هكذا إجراءات غير قانونية وغير دستورية وغير أخلاقية ،وهم لا حول ولا قوة ،بل ويريدون أن يستروا عورتهم من الدكتاتور الطاغي كما وصفه مقتدى الصدر الحليف الأقرب لدولة القانون والذي له الفضل الأول والأخير في صعود المالكي إلى سدة رئاسة الوزراء سابقا ،وهو الآن أول ضحاياه ويستأهل ما جرى له لأنها من صنع يديه ،إذن الانتخابات العراقية الآن ما هي إلا مهزلة من مهازل الاحتلال التي خلفها للأحزاب التي صنعها بيديه وتركها تتقاتل فيما بينها على السلطة والنفوذ والنهب والسلب والفساد والقتل والتهجير والتفجير ،فماذا بقي إلا أن نسمي هذه الانتخابات بأنها مهزلة في سيرك سياسي فاشل ،انظروا على الحلفاء كل يغني على ليلاه ولا يجرؤ على قول (أف) للحكومة ،وهي تتجاهلهم واحدا واحدا وتهينهم واحدا واحدا (التحالف الكردستاني يتوسل بالرواتب من الحكومة ) ومتحدون تتوسل بالتحالف مع الحكومة ولا تريد إغضابها حتى ولو أهان رئيس الوزراء مجلس النواب ورفض الاستجابة للاستجواب ،مهما كان بسيطا حتى ولو استجواب جندي وليس قائد عمليات ، أو وزير من دولة القانون ،يا لرخصكم وأنتم تهينون العراق وهيبته ،وانتم تتذللون المناصب ،شوفوا رئيس المجلس الإسلامي الأعلى (شكبر الاسم ) يهدد إن تسقيط أي مرشح من كتلة المواطن خطا احمر (والله صار زحمة سيد عمار ) الست حليفا رئيسيا لدولة القانون والحكومة فماذا تركت لغيرك إذن وأنت تعلم أن من يستخدم التسقيط السياسي هي حكومة المالكي فلماذا تخاف من تسمي الأشياء بأسمائها ،كما سماها سيد مقتدى وبشجاعة عندما قال أن (الحاكم والحكومة هو دكتاتور وطاغوت متعطش للقتل والدماء والسلطة ) لماذا لا تضع النقاط على الحروف وتقول كلمة الحق في وجه سلطان جائر ،أم أن ألتوق الى السلطة والمناصب قد أعمت عيون الآخرين بهوى السلطة ،الانتخابات مهزلة عراقية بمعنى الكلمة تقودها أمريكا وإيران لإكمال المخطط والمشاريع والمصالح لها ،حتى ولو على جماجم وأشلاء ومستقبل العراق والعراقيين فمتى يصحو أهل الحكمة ويشدوا العزم على إزاحة الدكتاتورية الطائفية من السلطة التي أعطتها إياه إدارة الغزو وجارة السوء التاريخي إيران الصفوية ليس حبا (بمالكها ) وإنما كرها بالعراق وأهله صناع الحضارة والبطولة عبر التاريخ،وهنا مكمن الخوف من العراقيين لأنهم ينهضون كالعنقاء من رماد الحرائق …حقا إنها مهزلة عراقية اسمها الانتخابات …