10 أبريل، 2024 8:16 ص
Search
Close this search box.

مهزلة عراقية إسمها الانتخابات..!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

يعلم الجميع ، أن الانتخابات في أي مكان من العالم ،هي ظاهرة حضارية ، تمارسها الشعوب المتحضرة ، لقيادة البلاد نحو نشرالحريات وترسيخ الاستقراروالديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة( ماليزيا ألآن إنموذجا)،إلاّ في العراق ، حيث الفوضى وإستخدام السلاح والتزوير المفرط ،والتلويح بالحرب الاهلية، وشراء الذمم، ورشي المواطن ،أمس أنتهت الانتخابات البرلمانية العراقية ، بمشاركة مخجلة للحكومة ،التي تبجحت تصريحاتها وفعالياتها واستعدادات أحزابها التي صرفت الملايين على الدعاية الانتخابية ،وكانت تصريحات رؤوساء القوائم كلها تذهب الى حصر وعي الشارع العراقي ،بشخصيات بعينها وأحزاب بعينها ،(وبغيرذلك ) تعلن هذه الاحزاب الحرب الاهلية في العراق، بهذه العقلية الطائفية والاستقصائية، تريد أن تقود شعب عظيم مثل شعب العراق، وهنا لابد لنا ونحن نراقب الانتخابات ، أن نسجل ملاحظات ونؤشر مواقف مضيئة لشعب العراق ، إبتداء لابد أن نعترف أنه ،كان الصراع الخفي واضحاً بين أمريكا وإيران حول مصير ونتائج الانتخابات، وظهر هذا الصراع ،على شكل تهديدات وإنشقاقات داخل القوائم ( الشيعية الموالية لايران)، وتسقيطات سياسية وأخلاقية ،وتقديم الرشا للشيوخ والكتل الصغيرة ،لصرفها على الدعايات والولائم وغيرها، جرت الانتخابات وسط تخوف وتهديدات إرهابية لتنظيم داعش لأستهداف مراكز الانتخابات ، وقد شهدت المراكز في عموم العراق تشديد أمني محكم، مع حظر تجوال للمركبات والحافلات والسيارات الصغيرة، وفي بداية التصويت لوحظ عزوف شديد على المراكز بسبب الحظر ، وإضطرّت حكومة العبادي الى رفع الحظر فورا والسماح للمواطنين حرية التنقل بسياراتهم وهكذا جرت عملية الانتخاب بإنسيابية ،حتى إنتهاء عملية الاقتراع في الساعة السادسة، ولكن ماذا حصل في مراكز الانتخابات في المحافظات، من خروقات إنتخابية وتزوير واسع لقوائم معينة ،وفشل اجهزة الاقتراع الالكترونية وتوقفها عن العمل،أو خلو المراكز من أوراق الناخبين وعدم ظهور اسماء الناخبين في مراكزهم ، أو تدخل بعض القوائم في عملية الانتخاب والتأثير على الناخب بقوة السلاح، أو حصول إشتباكات مسلحة داخل المراكز بين القوائم المتنافسة (الصدر – النصر و النصر الفتح ) ، وهكذا جرت باجواء غير مسبوقة من الصراع والفشل حتى ترقى الى تسميتها بمهزلة الانتخابات ، ومما حصل وكانت من اهم نتائج الانتخابات التي لم تعلن للآن هو حصول إشتباكات مسلحة في اكثر من محافظة ، كالذي حصل بين قائمة التغيير والاتحاد الوطني في السليمانية ومازال الوضع هناك متأزماً جداً ينتظر الانفجار، ومثله جرى في كركوك وخروج مظاهرات لحصول تزوير فظيع من قبل حزب الاتحاد الوطني الذي يتزعمه جلال طالباني وزوجته واولاده، ونفس الاشتباكات حصلت في مراكز البصرة والنجف ، مايؤشر على الانتخابات سلبياً هو ماحصل من تزوير واشتباكات مسلحة، وأما الايجابي هوعزوف شديد من المواطنين في الإنتخابات، وهذا أبرز ما أفرزته وهومؤشريسجله الشعب العراقي ،بكل طوائفه وأقلياته وقومياته ، حيث نسبة المشاركة لم تبلغ ال(32%) في عموم العراق، ولكن الفرح الأكبر حضارياً وليس إنتخابياً هو ماسجلته مدينة الموصل، من مشاركة إستثنائية على عموم المحافظات، وهي إشارة مهمة جدا ،حيث بلغت نسبة المشاركين 65% وهي أعلى نسبة في العراق، لم تكن نسبة المشاركة الموصلية (حباً) في الحكومة وأحزابها ورموزها الفاسدة أبدا، ولكن الموصل مارست فعلاً حضارياً لاتمارسه إلا المدن المتحضرة التي تكوّن نفسها بنفسها ،وتكوُن قدوة للمدن، إختارت فيه أبناءها الاصلح والاقوى والأنزه والاكفأ لكي يكون صوتها في الحكومة المقبلة ،مهما كانت ضبغتها وولاءها وطائفيتها وتبعيتها لإيران، ولتؤكد للعالم ان الموصل مدينة التمدن والحضارة، ورفض الفكر المنحرف الطلامي ، الذي حاولت جهات طائفية تلبيسه بأهل الموصل ،لتعتاش عليه ، وهكذا أفشلت الموصل وأهلها ،مؤامرة من يتصيّدون في الماء العكرة، بغض النظر عمّن سيفوز ويشكل الحكومة، لأنها تعرف سلفاً ان الحكومة المقبلة، سيشكّلها من زّوّر الانتخابات لصالحه، ومن يمتلك السلطة والمال والقوة العسكرية ، والاعتماد على القوة الخارجية، نعم كانت الانتخابات فرصة لاثبات أن شعب العراق لفظ الفساد وأهله ، ورفض إعادة إنتخابهم بالعزوف عن المشاركة ، وهكذا ظهرت الاحزاب عارية تلبس أثواب الفشل والفساد، لتتّناحر وتتّصارع فيما بينها، وما حصل في البصرة والسليمانية وكركوك والنجف وبغداد مثالا، هو صراع على المناصب بين الاحزاب وميليشياتها ،والفوز بالسلطة بأية طريقة حتى لو كانت على حساب الدم العراقي، ومستقبل العراق، ما جرى هو بداية صراع ، وليس نهاية صراع، وقد يتصاعد هذا الصراع على أشده ،بعد إعلان نتائج الانتخابات يوم غدٍ الاثنين ، حيث تنتظرهم جولة جديدة من التسقيّط والصراع والإشتباك المسلّح ،وربمّا الحرب الاهليّة ،كما بشّر بها نوري المالكي إذا لم يفز في الإنتخابات، إذن نحن أمام عصرجديد ، ونفق عراقي جديد ، إذا لم يتسّيد ويتصدّر السلطة نوري المالكي وحزبه وميليشياته ،بمعنى إذا لم تستلم السلطة (جماعة إيران ) يشعلون حرباً أهليّة، وهام يهيئون لها ويمهّدون الاحزاب والميليشيات لها، قراءة الواقع ، بعد الانتخابات ليستْ هَينّة وسوداوية جداً، لأسباب واضحة، فزعيم قائمة الفتح هادي العامري مدعوم إيرانياً لتسلم رئاسة الوزراء وكذلك نوري المالكي، وإن لم يحصلا على رئاسة الوزراء، فستحصل الحرب الاهلية، في حين تريد امريكا حكومة ( جامعة ووطنية) يرأسها حيدر العبادي، بعيدا عن قائمتي دولة القانون والفتح التابعتين لأيران حسب الرؤية الامريكية، لذلك تتجّه الأنظار،الى تحالف قوي بين العبادي والصدر وإياد علاوي وأسامة النجيفي وبقية القوائم الصغيرة ،لتشكيّل تحالف كبير يحرج جماعة إيران ويبعدهم عن الحكومة، وهو ما تعمل عليه أمريكا وسفيرها في بغداد،الذي زار مفوضية الانتخابات يوم أمس وأطلع على جزء من نتائج الانتخابات، نحن نرى ان الانتخابات ، كانت فرصة لتأكيد حقيقة ،أن شعب العراق بكل طوائفه يرفض الولاءات الاجنبية لأمريكا وإيران ،وعزوفه عن المشاركة، هو رسالة قوية جداً لأمريكا ولإيران، أن الشعب العراقي يرفض الاحزاب التي جلبتها لهم ، ويرفض حكومات الاحتلال والمحاصصة الطائفية، التي أوصلت العراق لقاع الحضيض، وأظهرت مستوى الوعي الشعبي الوطني، والوحدة الوطنية، التي لم تثلمها وتكسر روحها الوطنية ،الماكنة الاعلامية الامريكية والايرانية، ولم ترهبها القوة الاقليمية والتهديدات الايرانية بأذرعها المسلحة، وتؤكد الانتخابات ، ان لامستقبل للعراق ، تحت سلطة الفاسدين والفاشلين والاحزاب، ورموز الفساد من العمائم السود والبيض، وكلامنا هذا يؤكده موقف المرجعية في النجف، التي رفضت دعم الاحزاب والشخصيات والمفسدين ، بل سمتّهم بالاسماء ، وهذا يُسجّل لها ،ويلقى إرتياحاً عراقياً ودعماً لشعب العراق، بكل قومياته وأطيافه الذي قال لا للفاسدين والفاشلين، وما جرى من شعارات قوية جداً في ملعب النجف ، والبصرة خير دليل، نعم هناك في نهاية النفق صحوة عراقية وطنية ،لرفض الأحزاب وحكومات الاحتلالين الامريكي والايراني، والدليل هو ما جرى يوم الانتخاب من عزوف ورفض شعبي واسع ،في كل المحافظات العراقية بما فيها السليمانية ودهوك وأربيل ، وما جرى من صراع وإشتباكات مسلحة بين الأحزاب حول الفوز بالأنتخابات ،وتزويرها لصالح هذه الإحزاب والقوائم ، بكل تأكيد نحن أمام صحوة عراقية نادرة ،يجب دعمها وتعزيزها بكل الطرق، إعلاميا وشعبّياً ،لانها أكدت بما لايقبل الشّك أن العراق غير قابل للتقسيم ،ولم تستطع الاحزاب التابعة لايران وامريكا من ترويضه وتغيير ولاءه لغير العراق طوال 15سنة، رغم التنكيل والتهجيروالتهميش والإقصاء، بقي العراق واحداً موحداً بأهله ،وهزمت الاحزاب ، وهزم المشروعان الامريكي والايراني، في مهزلة عراقية إسمها الانتخابات …..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب