18 نوفمبر، 2024 1:02 ص
Search
Close this search box.

مهزلة بهاء الاعرجي

مهزلة بهاء الاعرجي

 لم يمضِ شهرٌ على اصدار المحكمة الاتحادية قرارها المتضمن عدم دستورية المادتين 3و4 من القانون رقم50لسنة 2007 في الدعوى التي رفعها النائب بهاء الاعرجي ضد رئيس مجلس النواب بخصوص الرواتب التقاعدية له ولأعضاء مجلسه، حتى بادر النائب الى اقامة دعوى ثانية ضد رئيس الوزراء للغرض ذاته وهو الغاء راتبه ورواتب اعضاء وزارته. الكارثة ان النائب استند في دعواه الاولى ضد رئيس البرلمان على انه يستلم الرواتب بالقياس الى رئيس الحكومة وهذا لا يجوز، حيث ان الاخير يستلم استنادا الى نص المادة83 من الدستور، حيث ان الدستور قال حقوقا وامتيازاتٍ بالنسبة لرئيس البرلمان ولم يقل رواتبا كما في حالة رئيس الوزراء والجمهورية. هذا الدفع الذي تقدم به النائب بهاء الاعرجي للمحكمة الاتحادية لدعم طلبه في الغاء رواتب اعضاء البرلمان.  واليوم، يطلب من المحكمة الغاء رواتب اعضاء الحكومة. لا ندري لحد الان الاسس التي استند عليها النائب في دعوته هذه، مع العلم بأن الدفوع التي قدمها في دعوته السابقة لا تنطبق على هذه الدعوى، لان القانون المراد الطعن بعدم دستوريته مستوفيا للشروط القانونية، وبرأيي ان اقوى دفع لو يقدمه وكيل المدعى عليه وهو رئيس الوزراء هو القرار الصادر بالدعوى السابقة الذي يؤيد فيه المدعي أحقية المدعى عليه أو عدم دستورية القانون الذي يستلمون تلك الرواتب بموجبه. المشكلة الاخرى التي تثيرها هذه الدعوى هي المدعى عليه، حيث ذكر الخبر المنشور في جريدة الصباح الجديد بأنه رئيس الوزراء وهذه ليست مشكلة فقط وانما كارثة وجرم بحق القانون والقضاء، فما علاقة رئيس الوزراء بقانون شرع من قبل مجلس النواب؟ الذي لم يفهمه بهاء الاعرجي ان الحكومة هي جهة تنفيذية فقط تقوم بتنفيذ القانون ولديها اختصاص هو تقديم مشروعات القوانين الى البرلمان ليقوم بتحويله الى قانون او ارجاعه اليها. فمعنى ان الرواتب التي يريد المدعي الغائها تخص رئيس الوزراء، فهذا لا يعتبر مسوغا لان تقام الدعوى ضده. فلو صحت قانونا الخصومة في هذه الدعوى، فبإمكان المدعي ان يقيم الدعوى ضد رئيس مجلس القضاء الاعلى لو رأى انها صرفت وفق قانون غير دستوري وهذا خلاف للعقل السليم. ثم ان القوانين العراقية كلها تحمل توقيع مجلس رئاسة الجمهورية وليس رئيس الوزراء. فكان على المحكمة الاتحادية الحكم ابتداءً برد الدعوى شكلا لعدم توجه الخصومة اولا ولعدم وجود مصلحة للمدعى من هذه الدعوى، واذا كان قرار المحكمة بإدخال رئيس مجلس النواب خصما في الدعوى فإنها قد اقرت بأنه هو الخصم الحقيقي في هذه الدعوى وليس رئيس الحكومة. السؤال: ما هي المسوغات القانونية التي استندت المحكمة عليها لإبقاء رئيس الحكومة خصما في هذه الدعوى؟ اذا كان من باب اكمال الخصومة فهي الان غير متوجة اصلا او غير موجودة، فكيف يتم اكمالها؟ رد فعل البرلمان على هذه الدعوى جاء غريبا، حيث استبق عضو اللجنة القانونية في البرلمان عادل المالكي رأي المحكمة واكد ان هذه الدعوى مردودة ولا يمكن للمحكمة ان تأخذ بها لعدم وجود مبرر لها. واضاف: ان الوزير يعتبر موظفا وفق القانون! لذلك يستحق الراتب التقاعدي!؟. السيد النائب قد الغى من جانبه قانون الخدمة المدنية وقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام التي عرفت الموظف بأنه كل شخص عهدت اليه وظيفة على الملاك الدائم لوزارة او الجهات غير المرتبطة بوزارة. لذا لا يمكن القول بأن الوزير هو موظف، وهناك قرار للقاضي سالم روضان الموسوي يقول فيه: ان الفقه الدستوري يرى بان منصب الوزير  ذو طبيعة خاصة ولا يمكن ان يندرج ضمن مفهوم الوظيفة العامة، مستشهدا بالقول: الوزير في النظام البرلماني يعتبر كيان دستوري خاص. فمن المعيب على شخص عضو في لجنة مسؤولة عن تقديم مقترحات القوانين وتشريعها فيما بعد ان يكون بهذا القدر من الضعف في المعلومة القانونية.بالنسبة للمدعي، لو كان حريصا حقا على المصلحة العامة وهي غايته من هذه الدعوى وغيرها، لكان قد اقام دعوى طعن فيها بالقوانين الثلاثة التي تعطي الرئاسات الثلاث رواتب تقاعدية بدل ان يقيم كل يوم دعوى يطعن فيها بفقرة او فقرتين، ومن يدري لربما يقيم غدا دعوى يطلب فيها الغاء رواتب مجلس الرئاسة. والحقيقة ان هذه الرئاسات لا تستحق اية حقوق من تلك التي يستلمها اعضاؤها، لانها حقا ليست دستورية، فهم ليسوا بموظفين حتى يستحقونها ويستحقون بعد خروجهم من الخدمة رواتب تقاعدية، ذلك ان المشمول بقانون التقاعد العام هو المستحق وهم ليسوا مشمولين كما ذكر المدعي في لائحته التي قدمها في الدعوى التي اقامها ضد رئيس مجلس النواب، رغم انه اقر بأن الوزراء مشمولون بهذا القانون.

أحدث المقالات