22 ديسمبر، 2024 3:23 م

مهزلة الامن الغذائي العراقي بين مطرقة فساد وزارة التجارة وسندان جشع التجار!

مهزلة الامن الغذائي العراقي بين مطرقة فساد وزارة التجارة وسندان جشع التجار!

بسبب الحرب الدائرة حاليآ بين روسيا وأوكرانيا وحلفائها من الاتحاد الأوروبي ,اجتاحت خلال الأيام الماضية على جميع مواقع التواصل الاجتماعي ,حالة من الغضب والسخرية واستهجان العراقيين بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية , والذين قارنوا بدورهم بين سعر قنينة الزيت سعة 900 ملم والذي وصل الى خمسة الاف دينار و قنينة المشروب الروحي (العرق) والذي احتفظ بسعره الأصلي 2000 دينار وبنفس سعة حجم قنينة الزيت مع توجيه الشكر والامتنان لتجار المشروبات الروحية والكحولية لعدم رفعهم الأسعار! المفروض ان روسيا حاليآ ترزح تحت حصار اقتصادي خانق وشامل ومتواصل من قبل معظم دول العالم!؟ولكن أسواقها حاليآ زاخرة بجميع المواد والمستلزمات الغذائية المتنوعة وبأسعار معقولة وفي متناول الجميع ,وعلى سبيل المثال قنينة افخر نوع من الزيت النباتي للطهي سعرها حاليآ 109 روبل أي ما يعادل 1400 دينار عراقي!؟ .

منذ الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق 2003 كانت وما تزال وزارة التجارة وجميع الشركات والمؤسسات والدوائر التابعة لها تسيطر عليها زمرة من المسؤولين الفاسدين,وحتى القرارات التي اتخذتها على مدى السنوات الماضية لتأمين ولو الحد الأدنى من مفردات البطاقة التموينية كانت قراراتها بمجملها تعكس على مدى والتخبط والعشوائية ناهيك عن الفساد المالي والاداري في معظم عقود ومناقصات التجارية المبرمة !؟ حتى ان الخزين الاستراتيجي لوزارة التجارة والذي يجب أن يكون بدوره على أقل تقدير كاف لفترة ستة أشهر في حالة حدوث أي من الكوارث الطبيعية أو الحروب الاقليمية والدولية والتي قد تؤثر بصورة أو باخرى على عمليات الاستيراد والحفاظ على المخزون الاستراتيجي بمستوياته الطبيعية. ولكن الوزارة تتعمد في جميع الأحيان إلى عدم توفر هذا الخزين الاستراتيجي مما ينعكس سلبا وبصورة مباشرة على الأوضاع المعيشية العوائل الفقيرة والمتعففة والتي يعتمد ما يقارب من 75% الى 85% على ما توفره لهم الحكومة من مفردات البطاقة التموينية والتي هي بالأساس تم تقليص مفرداتها والكمية والحصة للفرد الواحد على خمس مواد غذائية فقط !!؟ بعد ان كانت هذه البطاقة التموينية قبل الغزو والاحتلال تتوفر على أكثر من 20 مفردة غذائية وسلعة استهلاكية عينية ! وبما أن وزارة التجارة ليس لديها أي خطط استراتيجية لتأمين الأمن الغذائي للمواطن فإن التجار وجشعهم سوف يستغلون هذه الازمات الدولية لغرض زيادة ورفع الأسعار بصورة متسارعة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح المادي!!؟ حتى ولو اتخذت الحكومة قرارات فورية وعاجلة بضبط الأسعار ومحاسبة التجار تحت طائلة المسؤولية والقانون ومصادرة مختلف البضائع والمواد الغذائية المخزنة لديهم !؟ فان هؤلاء التجار بدورهم سوف لن يطبق عليها أي قرار او قانون حكومي ملزم بتوفير المواد الغذائية باسعارها الحقيقية , لان معظمهم اذا لم نبالغ ونقول جميعهم مرتبطين بصورة او باخرى و مسنودين الأحزاب الإسلامية الحاكمة أو حتى بوزاراء ونواب وشخصيات سياسية وحتى عسكرية وامنية تمنع من محاسبتهم واتخاذ أي قرارات عقابية قانونية بحقهم ومحاسبة هؤلاء التجار الجشعين !!؟.

التنسيق والتفاهم بين وزارة التجارة ووزارة الزراعة من جهة ووزارة الصناعة من جهة أخرى يكاد يكون شبه معدوم , نظرا لعدم وجود تخطيط واستراتيجية بعيدة المدى بين مختلف وزارات ودوائر ومؤسسات وشركات تصنيع المواد الغذائية, وافتقار هذه الوزارة لسياسة واضحة لتأمين مختلف المواد الغذائية للمواطن في حالة حصول أزمات , ومما يثير حالة من الاستهجان والسخرية ويبين لنا إلى أي مدى وصل الفساد المالي والإداري بالوزارات والمؤسسات الحكومية !!؟.

ومن بشاعة ما وصل اليها الفساد في العراق , فقد قلص المسؤولين والمتنفذين الفاسدين بوزارة الزراعة المساحات المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية كالحنطة والشعير عمدآ مع سبق الإصرار لحوالي أقل من ثلث الأرض المزروعة التي كانت قبل الغزو والاحتلال !؟ والغرض منها كان الاعتماد على عمليات الاستيراد من الخارج فقط , ومن دول محددة بعينها وكذلك الى الاستفاد من العمولات والرشاوي التي سوف تدفع للمسؤولين الفاسدين من خلال عقود ومناقصات الاستيراد!!؟.

حتى أن القرارات الحكومية التي اتخذت قبل أيام لمحاولة منهم لكبح جماح تصاعد الأسعار المواد الغذائية الجنوني , لم يحل المشكلة بكل كانت قرارات عشوائية غير منضبطة وتخبط واضح في سبيل إظهاره الحكومة بمظهر المنقذ في حالة حدوث الأزمات !!؟ زيادة رواتب المتقاعدين ولمرة واحدة تحت مسمى منحة “غلاء المعيشة” قد قابلها بزيادة فورية وعكسية لمعظم المواد الغذائية والسلع والمستلزمات الاستهلاكية!!؟.

من الفروض والمتعارف عليه ان الحكومة يجب أن تكون لديها خطط استراتيجية فعالة ومدروسة لغرض تأمين ولو الحد الأدنى من الأمن الغذائي لمواطنيها وأن لا يتم الاعتماد على دول بعينها دون غيرها ؟ مع وضع الخطط لزيادة المساحات المزروعة واستصلاح بقية الأراضي وزراعتها بمختلف المحاصيل الزراعية الاستراتيجية ” الأرز والقمح والشعير والذرة وعباد الشمس” والتي تنتج هذه الأخيرة الزيوت النباتية , حيث يستطيع العراق بسهولة لو توفرة لدى الحكومة الشجاعة الكافية !؟ ودون أي عناء لوفرة الأراضي الزراعي تلتزم كليآ بحماية أمن المواطن الغذائي لفعلت جميع القرارات السريعة والعاجلة لغرض زراعة المحاصيل الاستراتيجية , وحتى الاكتفاء الذاتي منها وتصدير الفائض الى الخارج!؟.

[email protected]