الــــــــــــواو:
إنه فاتحة ((وباء)) أو بالتأكيد تلك جائحة كورونية ؛ لاتهم التسمية ؛ مادام المرء متعَـب؛ ولقد أهلكته الهموم اليومية ؛ وانضافت إليه (الواو) الذي ارتبطت به ( الباء) ليجتاح كل معالم الحياة، وغيرها فجأة من حركية وتفاعل بشري مع الحياة العامة والخاصة . وإن كانت في الغالب روتينه عند العديد منا، إلى شلل مجتمعي وانعِـدام التفاعل المباشر والحي. ومن خلال (واو الاستئناف) انكفأت الديناميكية ، وتوقف الأمل وتحول إلى اللأمل وتأجلت الأحلام وتعطلت المشاريع وتحوَّل الحلم والمشاريع والأمل إلى كوابيس بشكل فظيع وغير متوقع ولا محسوب بالمرة ! فعَـمَّ الخوف والهلع والهوس بالمجهول في دواخل البشر وفي أغلب المدن والمحطات ، وداخل أسوار البيوت سواء المترفة أو الهشة الفقيرة، تساوى الكل في الكل، وتهاوت التراتبية ؛ لأن الكل يستفسر ويتساءل عن الوضع الوبائي المتصاعد إلى متى سينهار وسينعَـدم ؟ حقيقة انهارت نزعة الاستعلاء بشبح الوباء شبح له تأثيره وباسه على المواطن ذاك الذي يتشوق كما نتشوق جميعا وننتظرالانفراجات وانقضاء الغمة ، بحنين جنوني وطموح لا ينضب وبأمل لا ينقطع ، للخروج من دائرة الارتياب وأخبار الاجتياح والسقوط والموت وشحوب المدن والشوارع وأصداء وصور الموتى الراحلة بدون عَـزاء. وسكون وظلمة فضاءات الترفيه والفكر والجمال، وإلغاء عدة تظاهرات ثقافية وإبداعية وتأجيل مهرجانات سينمائية ومسرحية في العَـديد من البلدان ؛ والأهم عندنا في هذا المقام أنه أعلنت: ( الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح، وفق بيان عن تأجيل المهرجانات الوطنية للمسرح التي تنظمها الهيئة في تسع دول عربية،بالتعاون مع الجهات المشتركة بتنظيمها للعام المقبل 2021 بسبب جائحة كورونا والظروف الشائكة) (1)
إذن ؛ فمهرجان مسرح الهواة المغربي، الذي لم يتوقف منذ سبعة عشر ( 17 سنة ) كما يزعمون ! بل اغتيل على يدي ممارسيه ! والجل ملتزم الصمت والخرس، كأن الطير على رؤوسهم وباسم (واو المعية ) تم إحياء توأمه بشكل ( معـوق) من لدن الهيئة العربية للمسرح ( الإمارات) بشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال سابقا ؛ فهل هو( المهرجان) من ضمن التسع (9) الدول المشمولة بعملية تأجيل مهرجاناتها ؟ سؤالنا هذا مرتبط بالضبابية والغموض ، الذي يكتنف بيان الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح .وفي غياب تعقيب أو تغطية أو توضيح على الأقل من طرف لجنة الإعلام التابعة للهيئة ! من هي تلك المهرجانات أوالدول التي وقع فيها التأجيل. لأنه تأجيل طبيعي نظرا للظرفية الاستثنائية التي يعيشها العالم قاطبة ، والتي سلبت من الأغلبية هكذا أحلامُها ورونق عَـيْـشها. حسب طاقتها وظروفها المَعاشية والمعـيشية. وأوصدت عِـدة أبواب الرزق في ظروف طارئة . فباسم ( واو القسم ) تفاقمت البطالة والعطالة في صفوف المسرحيين والفنانين بدون ضمانات بغـد مأمول بإشراقة باسمة ؛ وفرضت إغلاق المسارح وقاعات العروض ودور الأنشطة الفنية والإبداعية والفضاءات الثقافية ؛ رغم أن هناك (حاليا ) تسريب [ فايس بوكي] لبعض الأصوات التي تنادي بفتح المسارح ! لأنها مصدر الهواء بالنسبة لهم ! والبعض الآخر يطالب بالدعم الاستثنائي ! لأنه مصدر الرزق لهم ! وبعض البعض يتقاتل على بطاقة ( الفنان) ! لأنها عنوان وجوده في الساحة؟ وشرذمة توارت خلف أغصان الجائحة ؛ وانقطعت أخبارها وشُلت حِبالها الصوتية ؛ في انتظار انقشاع فجر جديد؟ فكيف سيستقيم هذا الفعل المسرحي؛ بعد الجائحة ؛ وكل فنان أو مبدع يلغي بلغوه؛ وانكشفت عَـورات الفنان (عندنا ) من خلال الاستنجاد وهشاشة الدخل؛ والأخطر من ذلك؛ بعد ظهور البيان الأوّل المعنوَن بـ”هذا الظّلّ هنا” انخراط العديد منهم في صراع وحرب العرائض التي عمقها سياسي بالأساس وذلك: بعد توقيع 400 فنان مغربي يوم 10 غشت الجاري على عريضة يدينون فيها حملات “الاعتقال السياسي والمضايقات والقمع” في المغرب، رد أكثر من 600 فنان ومبدع بعريضة ثانية يؤكدون فيها ثقتهم في مؤسسات الدولة (2) فهذا التضارب لصالح من؟ بعْـد بروز فئة ثالثة من المنسحبين ! ولربما ستظهر فئة رابعة ستدين العرائض(معا ) لأسباب خارجة عن تموقفاتها إن بقيت هنالك ( مواقف) وبالتالي سيتساءل القارئ المفترض : كل هذا ما علاقته بمهرجان مسرح الهواة ؟ أو كما يسمى تمويها ” المهرجان الوطني لهواة المسرح”
الــــبــــــاء :
السؤال أساسا ؛ يفرض علينا إقحام ( الباء) باعتبارها وسطية أصلية ( عَـين) بين الواو والهمزة بحكم فعلها [ وبَـأ ] الذي أشار إليه ابن منظور أنه ( الطاعون). وقيل هو كلُّ مَـرضٍ . ليبقى مَـرضا ؟ فكيف ياترى ستفتح المسارح والأبواب موصدة ! ولا جواب أو همس (حتى)على الشعار المرفوع ( افتحوا لنا المسارح ؛ إننا نختنق) من لدن الجهات المسؤولة ؛ وخاصة وزارة الثقافة والشباب والرياضة التي هي ( المُشَّـغِل) ومعقل الفنانين ويتبع لها الآن ( مسرح الهواة ) ومن باب (باء السببية ) التي ترتب أمراً على أمر؛ لا أمرا خرج من دهاليزها لحد الآن لطمأننة أهل الفن بكل أشكاله وأطيافه؛ وخاصة المسرحيين . لأن الإشكالية التي يتخبط فيها أغلب الفنانين ( الآن) وفي خضم انتشار الوباء وتفاعلاته المريبة ؛ تكمن في مسألة التدبير والتسيير. لأن الأغلب الأعم ؛ من المسؤولين لا زالوا يجترون نفس الأساليب ونفس الرؤية التقليدية والنمطية في التعاطي مع الأزمات والإشكاليات الكبرى التي تمُرمِنها البلاد . وهذا مخجل جدا أن يَضيع المرء/ الفنان عمره في التسويف ! والإنتظار ! واللامبالاة ! التي تمارسها بعض القطاعات كأن رؤساءها ومديروها؛ يعيشون انفصاما كليا عن الواقع ومجرياته . وبالتالي إلى متى سينتهي التسويف واللامبالاة لتحقيق الأولويات؟ وترتيب وتفعيل الأساسي في حياة المبدعين؟ تفعيل فعال ومبني على أسس صلبة ومرنة في نفس الوقت، وحاملة لمعنى ذو قيمة حضارية . وعلى عمق استراتيجي الذي يدوم ويستمر؛ أما العابر فلا قيمة له. وكل هذا مرتبط بالتواصل كمبدأ حقيقي وفوري. وكذلك بخطاب موضوعي في كل القضايا المجتمعية ؛ بعيدا عن ممارسة الإقصاء المبنية على المزاجية والاختلاف أوعلي مواقف نقابية أو حزبية أو انتمائية أوسياسوية.
وبما أن وزارة الثقافة هي المسؤولة عن القطاع ، فلا مناص أن تتخذ خطابا موضوعيا تحسم في أغلب التأويلات والإشاعات التي تتسرب نتيجة عن بعض الإشكاليات كبطاقة الفنان مثلا أو عن مهرجان الهواة لأنه فيما سبق (هي) التي أعلنت أصلا عن تنظيم المهرجان في دورته (الأولى / مراكش) وكـذا في دورته ( الثانية /أسفي) وتحديدا في غضون أواخر شهر[ شتنبر] انطلاقة لأشغاله ( سابقا ) فلماذا لم تعلن ( الآن) هل دورته الثالثة خاضعة للتأجيل أم الإلغاء ؟
تأجيله هل طبقا للظرفية الاستثنائية التي نعيشها كما يعيشها العالم بأسره جراء ( الفيروس/ الكوفيدي19) والتي تفرض مواجهة “الجائحة ” بقوة التلاحم والتناغم العام لكل الشرائح الفنية . أو نتيجة للبيان الذي نشرته الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح ؟ باعتبارها شريك أساس في المهرجان والحجية في الكلمة الافتتاحية: …. إن هذا الحدث الثقافي والفني من شأنه أن يعمق عُـرى الصداقة والتعاون بين المغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة…. وأن تنظيم هذه التظاهرة سيعمل على إضافة لبنة جديدة لصرح التعاون الهادف بين البلدين مع التطلع للاستثمار في غد أفضل، خاصة أن هذا المهرجان يتجه صوب الشباب المفعم بالطاقة الخلاقة. (3) وفي سياق آخر وبناء على (باء البدل ) تلك التي تدلَّ على اختيار أحد الشيئينِ على الآخر، بلا عِـوَض ولا مقابلةٍ ، هل المهرجان سيخضع للإلغاء نتيجة تضافر عدة عوامل دبلوماسية / سياسية . أبرزها قضية التطبيع التي خاضتها دولة الإمارات؛ مع الكيان الإسرائيلي . وإن كان الأمر لا يدخل في اختصاصات وصلاحية بلادنا ، لكونه يهم دولة أخرى . ولكن تصريحات المسؤولين عندنا، في عمقها تتضمن قرارات استراتيجية الكبرى بحيث: رفض رئيس الوزراء المغربي …. أي تطبيع للعلاقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي….لأن ذلك يعزز موقفه في مواصلة انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني…(4) وهذا الموقف له مؤثراته الناتجة عن ارتفاع مئات الأصوات من كل الجهات ومن لدن شخصيات مناهضة للتطبيع. وكذا من قلب مؤسسات ومنتظمات لها وزنها وقيمتها ( ك) المرصد المغربي لمناهضة التطبيع وكذا الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني التي: فتحت جبهة الغضب ضد اتفاق التطبيع الإماراتي، إذ اعتبرت في بيان توضيحي أنه «لا يمكن التعويل على المرتدين الذين يحولون أوطانهم إلى مستوطنات صهيونية رديفة» …وأن اتفاق «الخذلان» بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل يستوجب الترافع أمام مكونات الحقل السياسي والرأي العام الوطني والعربي والدولي(5) فأمام هذا الغليان السياسي تجاه التطبيع الذي دخلته الإمارات والبحرين من بابه الواسع. فمن الصعب جدا أن تتوفر شروط تحضيروإنجاز [الدورة 3] ” للمهرجان الوطني لهواة المسرح” بعْـد انزياح الوباء من فضاءاتنا وانتهاء كابوسه المرعب .
فمسألة الإلغاء وشيكة التحقق لآن تمويل المهرجان شكلا ومضمونا “إماراتي” صرف. ولكن فقبل التطبيع كانت هنالك تشنجات ومشاحنات ديبلوماسية وسياسية بيننا وبينهم .بدأت برفض الحصار تجاه دولة (( قطر)) وانضافت عليه ملفات أخرى مثل الوضع الليبي بعدها : اندلعت حرب إلكترونية بين المغرب والإمارات العربية المتحدة، على خلفية هجمات شنت من الإمارات على الحكومة المغربية اتهمتها بالفشل في محاربة وباء كورونا المستجد(6) حتى إن وسائل إعلامنا قالت :إن الرباط قامت بسحب سفيرها من دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذا قنصليها في أبوظبي ودبي، وسط أزمة سياسية مكتومة بين البلدين. ولم يتوقف المغرب عند ذلك الحد، بل أفرغ سفارته وقنصلياته في الإمارات من جميع المستشارين كما قلل من تمثيله الدبلوماسي في أبوظبي ودبي، ولم يترك سوى عدد قليل من الموظفين الإداريين (7) فهاته المعطيات التي كانت تروج و لم تعُـد سرا .ألـمْ يستوعبها أغلبية الفنانين الذين يدعون ( الاحتراف) ؟ والذين انضموا إلى جوقة المداحين والمؤيدين والهتافين للمهرجان والمدافعين عنه والمتهافتين للمشاركة فيه بطرق ملتوية طمعا في الأغلفة المالية وذاك (شأنهم ) وليس حُبّـا في الإضافة النوعية للمشهد المسرحي وللعشق الإبداعي/ الجمالي؛ رغم أن التجربة وُلدتْ ( معاقة ) إلى حـد ما. ولكن ما يحُـز في النفس أن تلك ( الجوقة ) وهي معروفة بالاسم والنسب .لا يأكلون أغلفتهم (المنحطة ) في صمت !. وليسوا واضحين ومنسجمين مع أنفسهم وأفكارهم إن كانت فعلا لديهم أفكار ! بل يتطاولون ويُنـظـّرون ويُـوجهون ويمارسون النميمة والضغينة والضرب تحت الحزام في حق من هم خارج[ سرب ] الانتهازية
وبناء عليه ؛ فالأهم من كل هـذا! أين هم الآن من باب الإقتضاء ب( باء الاستعانة) التي تكون هي الداخلة على آلة الفعل . ليدافعوا عن عَـدم ( تأجيل) المهرجان الوطني لمسرح الهواة ؟ أو عن عَـدم ( الإلغاء) كمشروع سياسي؛ ستظهر معالمه مستقبلا ؟
وأين أفكارهم وكتابتهم وعلومهم المسرحية وظهورهم عبر القنوات التلفزية ! لترسيخ دعائم الممارسة وليساهموا في تطعيم وتدعيم المهرجان ؟ الذي أضاف[ لهُـْم ولهُـنَّ ] تعويضات ( ريع) من جبة الخليج؟ وأين الذين ناقشوا أو شاركـوا في [[مسرح الهواة : نقاش الهوية والتحديث ]] استنادا لما قالته الهيئة بالحرف : لذا فإن الهيئة العربية بالتعاون مع الجهات المشتركة في تنظيم هذه المهرجانات، تستثمر هذا التأجيل للقيام بعملية المراجعة الشاملة والتجديد والتصحيح من خلال ضبط مفاتيح المستقبل المتمثلة في تنقيح الاتفاقيات وتطوير اللوائح التنظيمية وآليات التنفيذ والضوابط الفنية والمالية الخاصة بالمهرجانات الوطنية التي تدعمها الهيئة العربية للمسرح، لتؤدي الغرض المأمول منها في رفع سوية المنتج المسرحي وتعميم ثقافة المسرح (8) لتساهم بدورها في إحداث تغيير حقيقي يرتبط بعمق وصلب واقع الممارسة المسرحية . ربما عذرهم إنهم في الحجر الصحي .
الإحــــــالات :
1) تأجيل المهرجانات المسرحية الوطنية العربية في 9 دول عن مجلة الهيئة – بتاريخ الخميس 09/ يوليه/2020
2) حقوق الإنسان: حرب عرائض بين فنانين ومبدعين مغاربة عن صحيفة يا بلادي بتاريخ 25/08/2020
3) كلمة الكاتب العام لوزارة الثقافة والاتصال – قطاع الثقافة- في افتتاح الدورة الأولى للمهرجان يوم الجمعة 28
شتنبر 2018 بالمركز الثقافي الداوديات بمراكش .
4) العثماني: المغرب يرفض تطبيع العلاقات مع “الكيان الصهيوني” صحيفة القدس العربي23 – أغسطس – 2020
5) غضب مغربي على الإمارات ( بيان الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني) في جريدة الصباح المغربية
بتاريخ23 أغسطس 2020
6) المغرب.. حملة للرد على “ذباب إلكتروني” يتبع الإمارات – القدس العربي ( تغـريدات) في 15 – أبريل – 2020
7) 4 أسباب وراء تدهور العلاقات الإماراتية المغربية صحيفة – الخليج الجديد يوم السبت 14 مارس 2020
8) تأجيل المهرجانات المسرحية الوطنية العربية في 9 دول عن مجلة الهيئة – بتاريخ الخميس 09/ يوليه/2020