تقول رسالة صوتية لأحد القائمين على مهرجان غريب في البصرة ردا على“بعض ضعاف النفوس” الذين يحاولون تصوير البصرة كمحافظة (متمدنة،منحلة، ومنحطة أخلاقيا، لا تتقيد بتعاليم الإسلام والحوزة، ولا تكترث لأوامرالمرجعية)، داعياً الجميع للحضور والمشاركة من أجل تنكيس راية الضلال التييحاول أعداء الإسلام رفعها في هذه المدينة..!!
كتبت عمودا في جريدة المدى عام 2005، تحت عنوان ” تفخيخ البصرة ” بعدان تعرضت سفرة طلابية لطلبة وطالبات كلية الهندسة في جامعة البصرة علىماتسعفني به ذاكرتي الخاملة، لهجمة “أيمانية” من مسلحين اعتبروا قتل طلبةالعلم من موجبات التقرب الى الله وجوبا، ما أدى الى مقتل أحد الطلبة!
ولم يكن القتل على يد ارهابيين تقليديين كما شاهدناه ونشاهده اليوم، كانالقتل على يد عناصر بحزب إسلامي كان يقول انه مستهدف من الإرهاب وإنهيقاومه بكل قوته من مال وسلاح ونفوذ!
وتوقعت في عمودي، الذي لم اعثر عليه مع العم غوغول، إن البصرة الحضارية،بصرة السياب الذي بكى على وطنه كثيراً، وابن االهيثم وسيبويه والفراهيدي والماوردي والفرزدق والدؤلي والجاحظ وكاظم الحجاج ومحمد خضير ومحمود البريكان ، ستتعرض الى تفخيخ بعد الحادثة، واعتبرت ان تفخيخها ليسبأعمال اجرامية من هذا الطراز، وانما هو تفخيخ سيشمل حياتها اليوميةومظاهر التمدن والتحضر فيها، وإن الأمور ستجري على هذا المنوال برعايةمباشرة وغير مباشرة من قوى واحزاب الاسلام السياسي، الذين يروقهم بصرةسوداء وكالحة وفاسدة بالسياسيين الفاسدين. وتوالت على بصرتنا الهجماتالايمانية بغلق النوادي الاجتماعية والتضييق على حرية المرأة الى حدود قتلهاتحت شعارات “الحشمة” ثم تحول كورنيشها من كورنيش ينبض بالحياة الىكورنيش يستجدي الحياة. ثم تصاعدت فيها نسب الجريمة المنظمة و جرائمالاختطاف الليلي والنهاري.. وواصلت البصرة غرقها في مستنقع الفساد الماليوواصل “المؤمنون” تهريب نفطها “على بركة الله ” كما يقولون !
ثم أدخلوا البصرة في المرحلة الثانية وهي مرحلة اغتيالها، وكتبت عمودا بهذا المحتوى عام 2020 تحت عنوان ” اغتيال البصرة ” فنشطت فيها الكواتملإسكات الاصوات الحرّة والحالمة ببصرة لايبدأ منها ظلام العالم القادم !
واليوم تدخل مرحلتها الثالثة بمحاولة ابتلاعها وتفريغها من هويتها التعددية على المستويين الفكري والمكوناتي ، متفق تماما مع ما جاء في بيان موسع لـ ” منتدى لقاء البصرة” في السابع عشر من شباط 2024 ” إن خطابات الكراهيةتسعى دائما إلى تعميق حالة الاستقطاب بين العراقيين، فأنت إما أن تكونمعي وإما أن تكون ضدي. ولا مجال للتعايش والقبول بالآخر وضمان التعدديةالفكرية والسياسية. إن دعاة هذا الخطابات أكثر الناس تذمرا من تنوعناوتعدديتنا وليس لديهم القدرة على استيعاب ذلك، لذا يعملون على إعادة عقاربالساعة إلى الوراء ويبثون بيننا الفرقة والتفكير الأحادي المنغلق. ولا شك أنالبصرة والبصريين سيحبطون مساعيهم هذه. فلا شيء أغلى لدينا من الحفاظعلى تنوعنا وتعدديتنا” .
ان روح البصرة في تعدديتها واكتنازها الثقافي والفكري والاجتماعي وروح التسامح الشاملة فيها وانفتاحها الحضاري وتوالي اجيال الابداع فيها بمختلف تنوعات الفكر الانساني ، وأي محاولة لإلغاء الآخر فيها سيكون مصيرها كما التي سبقتها وحتى القادمة منها في الاجندات الغريبة عليها .
الغريب ان هذه الفعالية برعاية رسمية مباشرة او غير مباشرة ، لأنها ستجري في ملعب جذع النخلة ومشاركة طلاب نحو 150 مدرسة لإبراز موهوم للتحشيد الشعبي !
فأين السيد اسعد العيداني مما سيجري ؟