9 أبريل، 2024 8:09 م
Search
Close this search box.

مهرجان ألون الأسباب وطرق العلاج

Facebook
Twitter
LinkedIn

شاع الكلام هذه الأيام بين مؤيد ومعارض حول ظاهرة مهرجان ألوان الذي أقيم في يوم الجمعة على حدائق أبي نؤاس بمساندة عضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي عن كتلة المواطن التي يترأسها المجلس الأعلى الإسلامي بقادة الزعيم الشيعي السيد عمار الحكيم, تضامنا مع الجيش العراقي والحشد الشعبي وعتبر السيد النائب ان هذه الفعالية تُعبر عن المصالحة الحقيقة التي لابد ان تحصل في بغداد فإنها لا تميز بين الحاضرين من ناحية الدين أو المذهب أو العرق, كما تضمن المهرجان فعاليات أخرى مثل الغناء والرقص والاختلاط بين الجنسين من الشباب والشابات.

ان هذه الفعاليات وغيرها من الأمور الغير جائزة شرعاً ولا يقبل بها الدين الحنيف وتمنع الشريعة الإسلامية من مد يد العون لكل من يريد ان يؤسس لمثل هكذا فعاليات غير شرعية وغير أخلاقية.

ولكننا لو نظرنا إلى هذا المهرجان من الزاوية الأخرى لوجدنا ان هنالك كثير من العوامل ساعدت وتساعد على إقامة مثل هكذا فعاليات في المستقبل القريب أو البعيد وخصوصا في بغداد, لما تحمله هذه المدينة من التنوع والانفتاح والتأثر بالثقافات الغربية مما لا يخفى على احد ذلك.

ومن ابرز تلك العوامل هي:

أولاً: كفالة الدستور للحريات الشخصية والفردية وإعطاء الحق لكل فرد في ممارسة حرية الشخصية بالطرق التي لا تخالف الآداب العامة وهو حق دستوري لا يحق لأي أحد ان ينكره, مع عملنا بأن الدستور العراقي الحالي مكون من عدة فقرات تتفق مع ثوابت الإسلام ومع مبادئ الديمقراطية, فان الدستور لا يشرع مثلاً حق زواج المثليين ولا حق تناول الخمور والملاهي والنوادي الليلية باعتبارها أمور لا تتفق مع الإسلام وفي المقابل لا يعاقب على تلك الأفعال باعتبارها أمور تتفق مع مبادئ الديمقراطية التي كفلها الدستور, وقد صادقت المرجعية الدينية على بنود الدستور باعتباره يكفل الحق لكل فرد ويحافظ على الخصوصية الدينية والحرية الشخصية, وهو قانون مناسب للعراق بتعدد أطيافه وأعراقه وأديانه بظل ما تعيشه المنطقة من أزمات أمنية وصراعات وانفتاح على الثقافات والحضارات الغربية.

ثانياً: من نتائج الديمقراطية السلبية هي أعطاء الفسحة والمجال للآخر وتقبله مهما اختلف معك في الدين أو الثقافة والمعتقد, فكما ان النظام الديمقراطي يكفل لك الحق في ممارسة كافة حرياتك الدينية والمذهبية ويكفل لك الحق في المشاركة السياسية وإيصال من تريد إيصاله إلى سدة الحكم ومصادر القرار كذلك يكفل الحق لمن يريد ان يمارس هواية معينة أو الترويج لثقافة خاصة حتى وان كانت هذه الثقافة لا تتناسب مع دين أو معتقد مذهب معين ما لم تخالف القوانين الخاصة بحرمة الأديان أو تسيء لها أو تشوه سمعتها كما هو مقرر في الدستور, وما تقوم به المنظمات المدنية يقع تحت الحقوق المدنية وباسم الحب للحياة واحترام التعددية في العراق بطرقها الخاصة وهذا حق قد كفله الدستور لها.

ثالثاً: ان الانحرافات الأخلاقية والتخلي عن الإحكام الدينية أمور موجدة في كل المجتمعات والمدن العراقية ولكنا تُمارس بخفاء وتنكر, وأما في بغداد باعتبارها العاصمة فإنها تتمتع بالخصوصية العلنية في ممارسة كثير من المحرمات الدينية فان بغداد تضم أكثر من “500” بار ونادي وملهى ليلي, وتضم أيضاً متنزه الزوراء وحدائق أبي نؤاس وكورنيش الأعظمية وغيرها من الأماكن التي تمارس فيها كثير من المحرمات والموبقات والأفعال الغير أخلاقية ومع ذلك لا يتدخل احد لمنعها ولا يحق له ذلك, فمن الطبيعي أذن ان تقوم مجموعة من الشباب والشابات الجامعيين بأفعال وأعمال تابعة للثقافة الغربية وحب التشبه بهم لما تحمله جامعات بغداد من الاختلاق والسفور والأقسام الداخلية خير شاهد وبرهان على تردي الأخلاق لدى الكثير من الطلبة والطالبات مما يولد لهم الأرضية الخصبة للانحراف ويكونوا أدوات بيد كل من يريد ان يؤسس لثقافة أو سلوك معين تحت مسمى الحرية أو الديمقراطية أو التقدم.

وللحيلة من انتشار مثل هكذا أفعال علينا ان نقوم بواجبنا اتجاه تصحيح المسار بالطرق المشروعة والسليمة والتي يكفلها الدستور ولا تتعارض مع القانون ولا نفسد من حيث نريد ان نصلح.

أولاً: رفض التعصب الديني والتطرف المذهبي وإخضاع الناس للدين تحت الإكراه والقوة كما لا يحق لأحد ان يمارس أعمال العنف أو القتل والاعتداء على الآخرين بحجة الحفاظ على أحكام الله تعالى فان في ذلك إساءة للدين ويولد النفور والامتعاض من المؤسسات الدينية ويضعها في مصاف المنظمات الإرهابية وهذا الفعل يشوه سمعة الإسلام أكثر بكثير من تلك الأفعال المحرمة التي يمارسها الشباب, فانه في الدول الدينية والحكومات الإسلامية فمثلاً في طهران عاصمة الجمهورية الإسلامية لا يوجد ذلك التشدد الملحوظ على كثير من الأفعال والممارسات المحرمة التي يقوم بها الشباب أمثال الاختلاط بين الجنسين وتبادل القبلات في الأماكن العامة وارتداء الملابس الضيقة للمرأة وشبه التخلي عن الحجاب الإسلامي وتناول الآركيلة والقيام بالحفلات الغنائية والرقص وغيرها في المتنزهات من دون ان تتدخل الحكومة في منع ذلك بل لا تقبل لأي أحد بمضايقتهم أو الاعتداء عليهم بأي شكل من الأشكال.

ثانياً: رفض مثل هكذا مظاهر وأفعال بالطرق المشروعة والتصدي لها وفق الدستور والأطر القانونية من خلال القيام بالمظاهرات المنددة والمناهضة لها ولمنع التحلل الخلقي أو الأعمال التي تدعو إلى تفسخ النسيج الاجتماعي للعراقيين وتزرع في داخلهم الأمراض والعقد النفسية وبيان مخاطر تلك الأفعال ونتائجها السلبية على الأسر والأطفال في المستقبل, وهذا الفعل حق يكفله الدستور للجميع فان من حقك ان تمارس إعمالك ومن حقي ان أمارس أعمالي أيضاً أنت تدعو إلى القيام بفعل معين ترى فيه مصلحة وانأ ارفض ذلك الفعل واستنكره ولا أرى فيه مصلحة.

ثالثاً: تحصين الأمة والشباب خصوصاً من الوقوع في يد الاستعمار وحبال الشيطان ورفع المستوى الديني والأخلاقي لهم من خلال عرض الدين بشكل صحيح وفعال ومناسب للزمن والدعوة بالتي هي أحسن وبيان الهدف الحقيقي له ومن الخلق وكيفية الحياة وما ينفعه وما يضره في آخرته ودنياه والتركيز على أمر

مهم للغاية وهو عزل الدين عن أخطاء وفشل الأحزاب الإسلامية التي بسببها يحصل النفور لدى الكثير وتراجع هممهم باتجاه الدين وبدأت تموت في داخلهم القيم والمثل العليا وهذه من أخطر السهام التي تواجه الإسلام, فان فشل الإسلام الذي تعرضه الأحزاب والمؤسسات الدينية المشاركة في السلطة إذا انعكس على الدين فانه سوف يقتله ولا يبقي له باقية فما نحتاجه هو عزل الدين عن تلك الأحزاب لكي نحافظ عليه وعلى قيمته ومبادئه ونربط الشباب بالدين لا بالأحزاب فان الحزب معرض بنسبة كبيرة إلى الفشل والوقوع في الأخطاء.

وهذه النقطة تجرنا إلى معرفة ما هي هوية الدولة العراقية هل إنها دولة دينية أو علمانية أو ماذا فإذا اجبنا عن هذا السؤال فسوف تتضح كثير من المعالم لدينا ولكي لا نضع كل ما تقوم به مؤسسات الدولة في خانة الأطر والأسس الشرعية, وللعلم ان هوية الدولة هي هوية دينية مدنية ديمقراطية تعددية أي إنها عبارة عن خطين متوازيين من الدين والعلمانية وعلى هذا الأساس لا يمكن لنا جعل الدولة العراقية كإيران الإسلامية ولا يمكن جعلها كتركيا العلمانية, وحينئذ لا يحق لأحد ان يسير مؤسسات الدولة على وفق ميوله وتوجه الديني أو الايدولوجي فان ذلك مخالف للدستور وإنما للجميع الحق في ممارسة طقوسهم وثقافات وحرياتهم بما كفله الدستور لهم وهذه هي ميزة الديمقراطية في الحكم.

وأخيراً نسجل عتبنا على النائب محمد الربيعي الذي أوقع السيد عمار الحكيم في حرج شديد وتهمة لا تغتفر له لما يحمله السيد الحكيم من رصيد جماهيري واسع وهو من عائلة علمية وأسرة دينية معرفة بالجهاد ويحضا برعاية خاصة من قبل المرجع الديني الشيخ بشير النجفي” باكساتاني الأصل” وبالتالي فان هذه الأفعال التي يقوم بها الربيعي وأمثالها تنعكس سلباً على المرجعية الدينية وعلى المجلس الأعلى الإسلامي وعلى السيد عمار الحكيم وتشير إلى تحاول في النهج والسلوك والأهداف لدى قيادة المجلس التي عرفت عنها بأنها حسينية المنطلق والأهداف, فان رعاية هذه الأعمال وغيرها لا تنسج مع توجهات المجلس الأعلى لأنه مؤسسة إسلامية ودينية فمن أراد إن يؤسس لمثل هكذا أفعال فعليه الالتحاق بالمنظمات والتجمعات المدنية وغيرها

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب