مهرجان المسرح الوطني الذي ترعاه الهيئة العربية للمسرح في بلدان الوطن العربي يعد منحة ومبادرة حب وسلام كانت قبلها أفئدة الفنانين والمشتغلين بالمسرح في الدول العربية شيعاً وشتّى.
هذا المهرجان الذي اجتمعت عليه وأجمعت عليه أفئدة الفنانين وعقولهم في كل بلاد عربية، هو الرداء الذي ألقته الهيئة العربية للمسرح على وجه المسرح العربي فارتد بصيراً، أو هو الرداء الذي منحته الهيئة العربية للمسرح لكل دولة عربية فأمسك كل اختلاف بطرف من أطرافه، بدون إقصاء أحد أو استنقاص شأن أحد، فتساوى الجميع في المسئولية مثلما تساووا أيضاً في شرف ما أسفر عنه تحمل تلك المسئولية، فكان الاعداد والتحضير والمشاركة الفاعلة مسئولية تساوى فيها الجميع، وكان تحقيق النجاح ثمرة تحمل تلك المسئولية تساوى في نيلها الجميع.
آخر تلك المهرجانات المسرحية التي تكللت بالنجاح في المنطقة العربية هو مهرجان العراق الوطني للمسرح الذي عقد في هذه الأيام الأخيرة، العراق الذي مضى على آخر أعراسه المسرحية قرابة عشرين عاماً، وحسب القائمين على هذا النوع من المهرجانات في المنطقة العربية أن يتعلموا دروس الإعداد والتحضير والإدارة الناجحة، وثقافة الاستيعاب والاحتواء بدلا من ثقافة الاستبعاد والاقصاء، من هذه النخبة الفنية العراقية التي اجتهدت في التحضير والإعداد والإدارة لهذا العرس الفني العظيم، عرس السلام.
لقد نال الحزن من المجتمع العربي بلا استثناء، كما وأنهكته الحروب والصراعات والأوبئة، حتى لم يبق بيت به فرحٌ، واشتاق الناس إلى أدنى بشارة تدخل البهجة والسرور إلى قلوبهم، وهنا لابد أن يكون للمسرح فعله وكلمته، المسرح الذي ينطوي على جمال العيد ومبشرات السعادة، المسرح الذي له فعل السحر في المجتمع، ومثلما كانت السياسة أيضاً، قد استطاعت أن تفرق قلوب العرب وتزيد الفتق إتساعا، فالمسرح كفيلٌ برتق الخلل ورأب الصدع وإصلاح ما أفسده الدهر، بل وجمع القلوب مهما نأت بها الدروب، وحسبنا فقط، نحن المشتغلين به، أن نكون من المخلصين له لتتحقق لنا المستحيلات ونرتقي بمجتمعاتنا ونزيد من فاعلية القيم الإنسانية التي تعتبر جوهر دعوة المسرح ورسالته الخالدة التي لا تموت.
تحية معظمة لهذه الجهود والرعاية الكريمة التي تقدمها الهيئة العربية للمسرح ممثلة بالمايسترو العظيم صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة وللفريق المبدع الذي يعمل في الهيئة العربية للمسرح الأستاذ إسماعيل عبد الله الأمين العام، البروفيسور يوسف عيدابي، الفنان العربي العملاق غنام غنام، المتألق الحسن النفالي، المبدع حسن التميمي، النبيل عبد الجبار خمران والأختان النجيبتان ريما وأمل الغصين وبقية الطاقم كلاً باسمه، في سبيل الارتقاء بالفن والإنسان العربي وإيماناً بالدور الريادي للمسرح.