لا اعرف بالضبط المقاييس العسكرية التي يتم من خلالها اختيار القادة والأمراء في زمن نوري المالكي حتى ظهر الغراوي بكل عوراته وآثامه أمام الجميع وهو يتحدث بحالة هستيرية مرتبكة خائفة عن الإدارة والتخطيط والرجولة والإخلاص فعرفت السبب الذي يكمن وراء موت شعب بأكمله.
الغراوي ليس الحالة الاسوء في زمن نوري المالكي بل قد يكون الحلقة الاغبى من بين جميع الحلقات التي كانت تتحكم بسلطة العسكر وتسهر على حماية أرواح العراقيين وتحافظ على استقلال البلد وطهارة ترابه من دنس المعتدين،لهذا لا غرابة ان تستباح دمائنا يوميا ولا غرابة ان يسقط أكثر من ثلث الأرض العراقية المقدسة بيد حفنة من الاوباش والقتلة والمجرمين.
الغراوي لا زال يعيش تحت تأثير حالة الصدمة والانهيار بعد ان استخدمه الكبار ككبش فداء في مقصلة الخيانة التي ستنال من الصغار وتخجل من الكبار فتقمص الدور بكل غباء ودافع عن الجلاد بكل إخلاص ولم يقدم ما يمكن ان يقنع الصغير قبل الكبير بالأدلة والبراهين التي قدمها وطوال يومين من الحديث والاهانات والتقريع.
أفضل ما قدمه الغراوي في شهادته للبغدادية في دفاعه عن التهم الموجهة اليه ،كشفه عن حقيقة المؤسسة العسكرية في زمن فخامة القائد العام للقوات المسلحة وحقيقة صاحب الفخامة الجاهلة بكل ماله علاقة بالقيادة والإدارة وحسن التدبير.
شهادة الغراوي ودفاعه عن نفسه وعن المالكي لم يتم حبكها بصورة جيدة فضاع سيناريو الفلم وسط ضعف الحوار وضعف الأدلة وكذب الشاهد ليس لان الأدلة ضعيفة بل لان المدان ربط براءته بتبرئة فخامة القائد دون ان يدرك ان امر نحره كخائن قد اتخذ ولم يعد بالإمكان تبرئته حتى لو جاء بأدلة كل الوجود.
الغراوي يستحق المحاكمة لكن قبل ذلك هناك من هو أسوء منه ويستحق اشد العقوبات من أمثال علي غيدان وعبود قنبر باعتبارهما المسؤولين المباشرين عن قيادة عمليات نينوى وإذا ما كان الغراوي يحاكم بتهمة الخيانة العظمى فان المالكي وغيدان وكنبر متهمين بالهروب من ساحة المعركة والوقوف وراء مقتل ألاف العراقيين وسقوط أكثر من ثلث الأراضي العراقية بيد الدواعش بسبب سوء الإدارة وانعدام الشعور بالمسؤولية ومعاقرة الخمور في زمن الحرب وعدم اخذ التحذيرات والمعلومات الاستخبارية مأخذ الجد.
الغراوي هو الحلقة الأضعف في حلقة الفشل المفجعة التي عاشها العراق طوال السنوات الماضية وشهادته الفوضوية المرتبكة كشفت عن حقيقة العقلية العسكرية والتنفيذية التي كانت تحكم العراق وعلى مدار ثمان سنوات وأظهرت ضحالة الفكر القيادي الذي كان عرضة لأهواء البعثيين والمنحرفين والفاسدين.
للتاريخ فان الغراوي لم ينسحب من قيادة عمليات الموصل ولم يهرب الى اربيل كما فعل كنبر وغيدان وإنما تم إخلائه بطائرة من قبل المقدم الطيار احمد مطشر والشهيد الرائد يزن وكان وقتها يذرف الدموع بحسرة وحرقة.