23 ديسمبر، 2024 6:28 ص

من يوقف الجرح العراقي النازف؟!

من يوقف الجرح العراقي النازف؟!

ما حدث من تفجيرات دموية خلال هذين اليومين كان مؤلما ومأساويا حيث حدث التفجير الاول في سوق شعبية في مدينة الصدر ، والثاني في مدينة المقدادية وراح ضحية التفجيرين العشرات من الشهداء والجرحى .ومن جديد سالت دماء زكية تؤكد الجرح العراقي الذي لايزال نازفا.استمرار التفجيرات بهذه الوتيرة خاصة مع كل منعطف تحاول فيه البلاد استرداد انفاسها تؤكد محاولات الارهابيين لاغتيال تطلعات العراقيين وآمالهم فضلا على حجم المشكلات المعقدة التي عجزت الحكومات المتعددة عن حلها. ان الكثير من المشكلات الموروثة من النظام البائد والمستحدثة بعد التجربة الجديدة ظلت تراوح في مكانها واكثر من هذا تداخلت مع بعضها لتعقد المشكلات اكثر وتمنحها بعداً تجعل الحلول معها عصية لا تتم الا بتغيير جذري للاوضاع المتردية وذلك بسبب غياب منهجية بناء الدولة وضياع الاموال المخصصة لإعادة البناء بمشاريع الفساد على حساب مستقبل البلاد ونهضتها.
ادى استفحال الفساد الى فتح بوابات الطوفان على مرافق البلاد على متعدد الصعد من دون المراجعة والتفكير بإمكانية التحكم في تدفق مياهها لتصبح الامور عصية اكثر ولا داعي للقول هنا لو جرت معالجة مبكرة سابقة للامور ما كان لها ان تتفاقم بهذا الشكل وتهدد خطورتها البلاد والعباد لان معرفة السبب يبطل العجب.
ليس للمواطن ازاء هذه الفواجع الا الصبر والتحلي بأسباب اليقظة والوعي أزاء ما يحدث في البلاد.
ان الارهاب المنفلت لا يزال يضرب تربة البلاد في كل مكان تمتد اليه يده الآثمة ومنذ اكثر من عقد من دون ان تتمكن حكومات ما بعد الدكتاتورية من معالجة الوضع الأمني الذي لم يشهد على مر الاعوام المنصرمة تطوير في هياكله او منظومته الامنية والاستخبارية التي تعد الاساس في رصد تحركات الارهاب والارهابيين خاصة ان التحديات التي تواجهها خطيرة في نوعيتها لأسباب عواملها الداخلية والخارجية ومكمن الخطر في تفاقم الازمة على خط المواجهة مع الارهاب .
العوامل الداخلية اكثر غضاضة من غيرها لأنها ظروف موضوعية من صناعة البشر وقد اسهمت بصناعتها مختلف القوى السياسية ودفعت البلاد الى عنق الزجاجة.
تواجه البلاد تحالفاً ارهابياً غير مسبوق متعدد التكوينات اتفقت كلها على تدمير الخير والانسان وهم من بقايا ارهاب الدولة وعناصر الارهاب الدولي والمجاميع المتطرفة المختلفة التوجهات والآراء دينية متعصبة وقومية متشددة فضلاً على عناصر مغامرة باحثة عن المال والمغامرات وحسب. وهذه الحزمة غير المباركة من الارهاب هي ما دفعت الرئيس الروسي بالتصريح قبلاً من الارهاب قد ترسخ في العراق بالإرهاب. وهذا المشهد الارهابي المتعدد الاطراف يحتاج في مواجهته الى قيادة واعية ومهنية ونزيهة قادرة على مجاراة الاحداث ومواكبة اتجاهاتها وهي حقيقية لا تغيب عن الاحزاب والقوى السياسية والمراقبين على مستوى مختلف العواصم المهتمة بالشأن العراقي.
ان العمل الارهابي لا يمتلك اي دليل او منطق او مبرر ممن كان ومن اي جهة كانت فالإرهاب لن يغير الواقع وهو ليس طريقاً لبناء اي شيء ايجابي مفيد لصالح شعب او حزب او تيار سياسي.
نؤكد مجددا اهمية تطوير المنظومة المخابراتية والاستخباراتية والامنية بما يستجيب لمتطلبات المواجهة لما يوفره من وقت وسرعة انجاز ونصر ساحق وهذا الجهد يتطلب تضافر القوى السياسية والاحزاب والعناصر الديمقراطية والوطنية ومنظمات المجتمع المدني فضلاً على اهمية سد الثغرات والمنافذ ومحاور تحرك الارهاب والارهابيين وفضح الاساس الفكري الظلامي المتعصب الذي يشكل القاعدة الفكرية للإرهاب.
من حق المواطن ان يربط توقيت هذه الجرائم الارهابية بمحاولات المظاهرات المطالبة بالتغيير الذي يأتي تطوراً نوعياً مهماً في الفكر السياسي العراقي ويتضمن خطوة متقدمة لكيفية اعادة بناء الدولة العراقية على اساس جديد يمحو آثار العهود السابقة من غبن واستبداد والغاء للإنسان وحريته ويتكفل بمواصلة بناء الدولة على اساس الدستور الجديد ويعيد التوازن من خلال تحقيق شراكة حقيقية بين مختلف المكونات وتحقيق العدالة وازالة اشكال الغبن الذي يضع الدولة والمجتمع على الطريق الصحيح وهو ما يحتاج الى ارادة سياسية واعية تضع مصلحة البلاد والعباد فوق اي اعتبار.
ان الارهاب مهما حاول لن يستطيع النيل من الارادة العراقية الواعية الخيرة وهي الكفيلة بقبرها الى الابد.