راج في الايام الماضية أن العراق سيكون منطلقا لهجوم وشيك على اسرائيل وتلقفت وسائل اعلام معروفة ومواقع على الانترنت تصريحات واخبار عن وجود نية لدى ايران لمهاجمة كيان اسرائيل انطلاقا من الاراضي العراقية.
وبرغم النفي الايراني، وانعدام الدليل لدى الجهات التي روجت لهذا الخبر، غير ان وسائل الاعلام المحسوبة على المحور الامريكي واصلت اصرارها على ترديد هذه النغمة.
طبعا، الغايات من تمرير هذا الخبر كانت تهدف الى التغطية على قيام الكيان الصهيوني باستخدام الاراضي العراقية في هجومه الاخير على منشآت ايرانية.
وليذر الرماد في العيون بعد الهجمة الاعلامية التي استنكرت قيامه (الكيان) بهذا الفعل المنافي للاعراف والقوانين الدولية، سارعت ماكنته الاعلامية لترويج هذا الخبر الغريب وغير المنطقي.
إيران دخلت في صراع مباشر مع الكيان ولا تحتاج الى التورية فيما تقوم به ضده، وانها تمتلك قواعد صاروخية مزروعة في انحاء ايران بدقة واحكام ولايمكنها التفريط بهذه القواعد بنقلها بعيدا عن مخابئها.
فضلا عن كون هذا النقل ليس يسيرا في ظل الرقابة المتواصلة لأعداء ايران على اجوائها واراضيها من اقمارهم الصناعية.
اللافت ان هذا الخبر جاء متزامنا مع تحذيرات اسرائيلية نقلتها امريكا الى الحكومة العراقية حذرتها فيها من مغبة استمرار جماعات عراقية بمهاجمة اسرائيل تضامنا مع غزة ولبنان.
ونقلت امريكا لحكومة العراق تنويها عن جاهزية الكيان للهجوم الوشيك على اهداف عراقية على ما تقول انه رد على هجمات يتعرض لها الكيان من فصائل عراقية.
ما يثير الاستغراب ان امريكا طالبت حكومة العراق بوقف الهجمات على الكيان، وكأن الحكومة العراقية مبسوطة اليد في سماء البلاد وارضها، بينما الحقيقة ان العراق لا يملك لنفسه ما تملكه الادارة الامريكية له.
فالكل يعلم ان سماء العراق تخضع لسيطرة امريكا وحلفائها وارضه مسرحا لتنقلات القوات الامريكية وقواعدها غير المشروعة التي طالب مجلس النواب العراقي بمغادرتها منذ 2019 ورفضت امريكا تلك المطالبة.
ناهيك عن تحكم الادارة الامريكية بالاقتصاد العراقي وسيطرتها على عائدات بيع النفط وسعيها لتسليح جهات عراقية بأسلحة ثقيلة رغما عن ارادة الحكومة العراقية.
فمن الذي يرفض امتلاك العراق اجهزة عسكرية متطورة كالرادارات والمضادات الجوية، ومن يمنع الحكومة العراقية ويهددها بعقوبات قاسية اذا ما تعاقدت مع روسيا او غيرها لشراء اسلحة واعتدة متطورة لحماية البلاد من الانتهاكات الخارجية؟.
اليست الادارة الامريكية هي من تفعل ذلك، وتتسبب بإضعاف العراق بغض النظر عن الحكومة التي تتولى تسيير شؤون البلاد، اذن ليس من حق امريكا ان تمتعض اذا ما قامت جماعات عراقية بمهاجمة الكيان او اهداف اخرى داخل العراق وخارجه.
لأن الحكومة العراقية غير قادرة على بسط يدها على البلاد ولا تملك الادوات لمدّ سلطتها للأسباب التي ذكرناها اعلاه.
ومتى ما امتلك العراق جيشا مسلحا تسليحا حديثا ومعدات عسكرية متطورة تحمي الاجواء والارض العراقيتين، وكان القرار عراقيا يمكن وقتها للإدارة الامريكية ان تعاتب حكومة العراق او تطلب منها منع التهديدات والهجمات التي تنطلق من الاراضي العراقية ضد هذا الطرف او ذاك.
أما في ظل واقع كالذي نحن فيه، فإن الادارة الامريكية تحول دون تمتع العراق بالسيادة الكاملة وتدفع بالبلاد نحو الفوضى.