* طلاق العراق من (الأكراد) بائن ام رجعي؟
*مدى صدقية المالكي في صراعه مع البارزاني ؟
*هل تطلق الطلقة الأولى ؟
من بين ابرز المعضلات الراهنة العالقة, تبرز جدلية العلاقة بين بغداد السلطة, و (الإقليم الكردي)..فقد وجد كل من نوري المالكي ومسعود البارزاني نفسيهما أو وضعاها وسط دوامة من المعضلات المتناسلة , من دون أفق واضح , يجنب الفريقين وقبل ذلك الشعب العراقي , مغامرات جديدة غير محسوبة !
في العودة الى (العسل الشيعي الكردي) , نجد أنه قد أصبح اليوم في خبر كان ! تلك حقيقة لامناص من الاعتراف بها , أكدتها التطورات الدراماتيكية المتلاحقة , في مواقف نوري المالكي وبعض اطراف التحالف من جهة , والبارزاني من جهة أخرى .
المالكي , يحاول استغلال رغبة الشعب العراقي وقواه الوطنية العارمة, الهادفة الى (تحجيم) السياسات الكردية المعبر عنها بكثير من الطموحات السياسية ,فائقة الأبعاد , بعد انبطاح للحليف الكردي المسنود ب (استراتيجية) المحتل الأمريكي , المتمثلة في تغليب موقف الأقليات , واستثمارها ك ( طابور خامس) , وهذا يتسق مع أساسيات السياسة الأمريكية التقليدية..ولا تستبعد قصدية أمر افتعال أو تصعيد الأزمات من قبل المالكي , استلهاما لإستراتيجية قديمة جديدة ,عملت وتعمل بها حكومات الشرق الأوسط وبلدان العالم الثالث , حيث تذهب الى (افتعال ) الأزمات , بهدف الوصول الى مرحلة اصدار قرارات , يظهر السياسي في ضوءها معقد الآمال , وقائدا , ورمزا !
هذه اللعبة , لم تعد خافية على الشعب العراقي ..ولكن الحيرة تشد المراقب السياسي ,الى مدى صدقية تصرفات السياسي ذي الصوت العالي من عدمها ؟ وهل أن دوافع مواقف المالكي من الأكراد وبالعكس دوافع سياسية فرضتها الضرورة ؟ ام انها مواقف تعبر عن الموقف الشخصي بين سياسيين متنافرين ؟..على العموم نحن امام سياسات وتصرفات معبر عنها بقوة الفعل ! سواء كان هذا الفعل يتوفر على الصواب أو عدمه !
(البراغماتية ) الكردية
فيما يتعلق بالبارزاني, فهو سياسي رضع (البراغماتية) , يذهب حيث مصالحه وشعاراته , ولا يحب في الحقيقة كل شيء يتعلق ببغداد وميزته هذه يشاركه فيها عدد كبير من المسئولين الأكراد كبرهم صالح !
وهو وأن بدا للناظر الى اوضاعه السياسية من الخارج , زعيم متماسك , إلا أن الواقع يفيد بغير ذلك تماما ..فهو وان ورث زعامة والده الملا مصطفى البارزاني التقليدية , فهو قد ورث عنه ايضا خصوماته المعروفة لعشائر واوساط كردية مؤثرة في الحياة العامة الكردية , كما ورث ايضا فرية (السورانية) و(البهدنينية ) التي طالما شظّت ثقافة الأكراد, وطبعت ذلك الصراع والتنافس بين (السليمانية) و(اربيل).. ومثل هذا الصراع يبدو مؤثرا في خيارات وموقف الطبقة الشعبية ..الا أن متطلبات وحدة (الهدف القومي الكردي) جعل قياداتهم (تؤجل ) صراعاتها , من اجل التفرغ لتقوية صفوفها بمواجهة من تعتبرهم (شوفينيون) . بعد اكتواء الأكراد البسطاء بنيران الحروب الكردية الكردية في عقد التسعينات !
هواجس البرزاني
واية محاولة لدراسة اوضاع البارزاني , لابد من أن تمر على حقيقة أنه يعيش هاجسان ..الأول يتمثل بالحركة الإسلامية النشيطة متعددة الزعامات والاتجاهات المؤثرة في خيارات الأكراد في خارج المدن الثلاث لنفوذها المتنامي والتي ترى في مستحدثات الانفتاح الاجتماعي المشجع من قبل قادة اٌلإقليم كفر وزندقه , في وقت يقدم قادة (الإٌقليم) ذلك تجربة الإقليم كتجربة اجتماعية وواحة للسياحة وممارسة متع الحياة, انطلاقا من المفهوم الليبرالي المرفوض من قبل الجماعات الإسلامية جملة وتفصيلا !
بالإضافة الى ان النفوذ والصعود المتنامي لكتلة التغيير الكردية هو الأخر اخذ دوره كسكينة خاصرة للبارزاني بعد أن فعلت فعلها في فضح نهم الطالباني وعائلته للمال العام , كما ان هذه الكتلة تنكر على رئيس الإقليم سياساته في استغلال المال العام ونفوذ عائلته , ونشوء طبقة سياسية لصيقة بالبار زاني , تستثمر المال العام عبر مرافق ومؤسسات تجارية وأمنية , بلغت من العسف بحق الأكراد حدا لافتا ومدانا ..وهذه الحركة في الأساس قد بنت انفصالها عن خيمة جلال الطالباني بادانة استغلآل مركز نفوذ العائلة الطالبانية وسوء ادارة الأموال العامة واموال حزب الإتحاد الكردستاني ..وبعد ان تخطت هذه الحركة مديات تأسيسها وحضانتها , أ صبحت اليوم في موقف التهديد , لارث زعامات تقليدية كردية , كونها تضم نخبة من (التكنوقراط) والتخصصيين والمقثفين الأكراد.
من هنا فأن البارزاني يلعب على عدة عوامل :
1: الشعور القومي الكردي , المتمثل ب(حلم الدولة الكردية ).
2: الدعم الأمريكي , والخبرات الإستشارية الإسرائيلية.
3: المظلومية الكردية
4: الإرتخاء في الموقف السياسي التركي , لحهة قيام علاقات سياسية مع الأقليم تحقق للأتراك ضرب(حزب العمال الكردستاني) , بموافقات ضمنية معبر عنها بسكوت الإقليم الذي ينادي ب(كردستان الكبرى) عن ملاحقات الجيش التركي عناصر(حزب العمال الكردستاني) , و في حقيقة الأمرلا يهم قادة الإقليم أمر اكثر من ترصين حكومتهم وضمان انسيابية الأموال من الخزينة العراقية , والتأثير في قرار بغداد السياسي ..وفي كل هذا تنتعش رؤوس الأموال الكردية ,لأحداث تنمية مشكوك في معالجتها المشكلات الجوهرية في حياة الأكراد , بزوايا المدن الكردية , وعموم قصباتها خارج المدن الرئيسية الثلاث , السليمانية واربيل ودهوك !
المتشظون من العراقية في حضانة المالكي
5: الرهان على شخصيات سياسية عراقية ممالئة للهدف الكردي في (ضم) كركوك بثرواتها البترولية وعمقها (الديموغرافي الى الإقليم) . أو العمل على انضاج ظروف سياسية تقود الى تحقيق هذا الهدف , بعد أن تمتعت القيادات الكردية برؤية تجربة ( استقلال) منطقة عرفت بعدم استقرارها منذ اربعينات التاريخ السياسي الحديث على الأقل , توطئة لبناء أسس اعلان (الدولة الكردية)..وهذا أمر أفصحت السياسات المجربة , انه بالنسبة للأكراد اليوم حالة مستحيل , مهما عاش العراق او مرت به نكبات , وإذا كان العراقيون قد حاربوا (ايران) طيلة ثمان سنوات مريرات , من اجل (شعارات) و نصف (شط العرب) وشريط حدودي لا يزيد عمقه عن 30 كم , قدموا لأجل الدفاع عنهما نصف مليون شهيد ومعاق , فكيف بهم يتخلون عن محافظة عراقية مثل (كركوك ) ؟
6: حدوث متغير تمثل في الأوضاع السورية , حيث برز دور اأكراد سورية ضمن مقاومة نظام بشار الأسد , وعضويتهم في المجالس والهيئات القيادية لتلك المقاومة ! وا ن سقط نظام أسد سوف يؤدي الى اتصال وانفتاح كامل بين اراضي الإقليم ومناطق سكن الأكراد ضمن قاطع (القامشلي) وعشرات القصبات المحاددة .. ولاشك في ان البارزاني يجد في نفسه اليوم عرابا للصورة الجديدة التي قد يظهر بها اكراد سوريا , جيث تفتح معسكرات التدريب ويقدم الدعم المالي والمشورة للأكراد المناهضين للنظام السوري .
وفي النظر الى سياسات المالكي المستحدثة , فان رؤية شاملة لكثير من تلك السياسات , تؤكد ان الذي حصل ويحصل بينه وبين الأكراد , هو( كسر عظم ) يضع العلاقة بين الطرفين على محك جديد , يستهدف من خلاله تصحيح الخطايا التي فسحت المجال واسعا لتمدد الأكراد ضمن فرية (التحالف الكردي الشيعي) الذي وجد من يقول من عناصر التحالف و المالكي انه كان عبارة عن (زواج مؤقت) ..والزواج في مرجعيته القانونية وليست الروحية , لا يعدو كونه وثيقة ربما تنتهي بانتهاء رغبة الطرفين !
ولقد توقعت شخصيا ما يجري اليوم بين المالكي والأكراد في عام 2011 , عندما بدأت بعض مناكفات بين المالكي والبارزاني ..وها هي اليوم ملامح (كسر العظم) بين المالكي والأكراد حقيقة واقعة !
دغدغة ميت
واذا كان أحدا منا , يأمل في دور متصاعد او مفاجيء لأياد علاوي , فأنه في ذلك كمن (يدغدغ) ميتا ! ولنا في حقيقة الأمر ان نؤكد نهاية طموح اياد علاوي , في الحصول حتى على نصف الأصوات التي حصل عليها في الإنتخابات الماضية , بسبب من الخذلان الكبير الذي مني به منتخبو د علاوي , بعد سلسلة الإخفاقات السياسية التي منيت بها سياساته ومواقفه الداخلية والخارجية , مع الاعتراف بأن الرجل دق واحه ( فيتو ايراني )على توليه رئاسة الوزراء ابلغه به بشار الأسد !
من هنا فان حيزا واسعا قد اتيح للمالكي لجهة المناورة في استقطاب عناصر من السنّة من ضمن (القائمة العراقية ) المتشظية الى كيانات متعددة , نتوقع انضواءها جميعا باتجاه ممالئة المالكي ..وإذا كان البعض يراهن على عدم (قانونية ) ترشح رئيس الوزراء لدورة ثالثة , يمكن للمستفيد معالجت هذا الأمر من خلال (المحكمة العليا – مجلس القضاء الأعلى) وعرابهما مدحت المحمود.. الموجود في الأساس من اجل تمرير سياسات وخيارات رئيس الوزراء الحالي !
ولا يعزل موقف التيار الصدري , الذي لم يثبت مرة واحدة أنه يحافظ على مواقفه حتى النهاية ومؤشر ذلك الكثير من المواقف المتغيرة تبعا للظروف السياسية المحيطة بتلك المواقف .., بل ان مواقفه تدار بعقلية تستهدف رؤية التيار في موقع الصدارة , اعتمادا على جماهيرية واسعة وجدت في مواقف وشعارات التيار (الراديكالية) متنفسا لها في التعبير عن مغاضبتها حكومة المالكي وقبل ذلك (الإحتلال الأمريكي) الغاشم ..إلا ان هذا التيار , يجد نفسه محرجا امام جماهيره بشان عدم اطلاق الآلاف من عناصره من احتجازهم , الذي بدا الآن وبشكل واضح انه قد أصبح بيد رئيس الوزراء وقضاته , بعد افشاله اصدار قانون العفو العام !
وعند التساؤل عن موقف التيار الصدري الحقيقي من سياسات البارزاني ؟ تكفي الإشارة الى تنصله من خطة سحب الثقة عن المالكي , التي لايمكن عزلها عن المؤثر الإيراني , إذ افتتحت انهاء جهد غير يسير , بذله كافة الفرقاء , الّذين لا تسرهم رؤية استمرار أو عودة نوري المالكي رئيسا للوزراء !
والآن ..هل يمكننا اعتبار ماجرى خلال الشهرين الأخيرين من مماحكات بين المالكي والبارزاني صراع شخصي ؟ أم انه ينطوي على منطلقات سياسية , معبرة عن قضايا اساسية , وصل حلها الى نقطة الصعوبة القصوى ,ا لتي يمكن ان تفضي الى صدام مسلح بين الطرفين ..بالرغم من قناعتنا ان أي من الطرفين لا يجروء عملي على الدخول في حرب !
من يبدأ ؟
في استقراء موضوعي للواقع السياسي العراقي وتوازن القوى السياسية واللوجستية على الأرض , لاأجد ان أحدا من الطرفين المالكي أوالباررزاني , قادر على اطلاق الإطلاقة الأولى ..فكلا الجانبين تحدده محددات , منها مايتعلق بمحيطه , ومنها ما هو بيد الأمريكي , الذي لايسره فتح (نافذة جهنم ) جديدة في العراق ,لا تستقيم مع برامج الرئيس الأمريكي في دورته الرئاسية الجديدة , التي تتقدم فيها معالجة المشكلات الداخلية الجسيمة على الحروب الخارجية ..وابسط دليل على ذلك سحبه القوات الأمريكية من العراق , واقدامه مؤخرا على سحب قواته من (افغانستان).. ومن مؤشرات ذلك الموضوعية أيضا وصول (جو بايدن) نائب الرئيس الأمريكي الى بغداد , للقاء اطراف الأزمة الحكومية الكردية بهدف تهدئة فوران المواقف التي ستبقى من دون حل الى وقت طويل , وهو ماطبع مواقف وسياسات المالكي الذي راهن ويراهن على الزمن ! وهذا يجعلناجازمين بان مانراه من بعض ( تنازلات) يبديها الطرفان هي من نتئائج الموقف الأمريكي ,
واعتمادا على معطيات الواقع , فاننا نميل بشكل مبكر الى توقع ان حظوة المالكي بولاية ثالثة , هيأ لها منذ وقت مبكر من العام الماضي , عبر عدة وسائل , تنطوي على الكثير من الترغيب , مع بعض الإقصاء والترهيب لأوساط أو شخصيات , او كيانات من اجل تهيئة المناخ المناسب لفوز كتلته بالأكثر من مقاعد مجالس المحافظات !
نتضرع الى الله العلي القدير , أن يلهم هؤلاء المتسيدون على القرار الحكمة (ولو مرة واحدة) في معالجة القضايا التي عرضنا لها , بما يؤمن وحدة العراق , ورؤية شعبه , رافلا بالحياة الكريمة , والعدالة , وتكافوء الفرص !
…………………………………..
ورود الكلام ..
مثل معشوقات همت بهن , جبال العراق , عيون مياهه الجاريات, وسهوله , ووديانه , وطينته (الحري) , وغضبات مناخه الصحراوية والقاريّة , وفقر زواياه, واذرعة دجلة ¸ كما هي مجاجة الفرات , الذي لم يعد فراتا ..كل ذلك عنها ومنها , حملني الى بر مخلوق , بأبيه , رغم خرفه , وشيخوخته, وسفهه , وبعض ضعفه , وما يمكث في ضميري وعقلي , أكبر بكثير واجمل , من ثيابي !