8 أبريل، 2024 8:52 م
Search
Close this search box.

من يقود العراقيين إلى الإلحاد؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا أعرف بالضبط، صحة ما قالت به “مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث العقدية” بشأن تصدي العتبة الحسينية لمعالجة ظاهرة “الإلحاد و اللادينية” في الجامعات العراقية، لكنها قضية تستحق التوقف والمعاينة، بغض النظر عن ما يكتب من آراء وطروحات، زعمت بأن نسبة الإلحاد في المجتمع العراقي تجاوزت الـ30% وبغض النظر عن مقاطع الفيديوهات المنتشرة على اليوتيوب، والتي تلاقي المزيد من المشاهدة وتتحدث عن جيل ملحد عريض من العرب بعامة، بغض النظر عن نظرية المؤامرة التي تقول بأن جهات سياسية تتحدث عن استبيانات قامت بها في العراق، أو عبر قنوات التواصل الاجتماعي، تحاول تهويل قضية الالحاد لتجعل منها قضية رأي، نجد أن تأمل موضوع كهذا من قبل المعنيين في كل شرائح المجتمع واجب وضرورة ملحة.

وبعيداً عن فلسفة الإيمان والالحاد، يجعل الكثير من حقبة حكم صدام حسين والحرب مع إيران وأيام الحصار، فترة ذهبية للجوء العراقيين الى الله، وهي الفترة التي توجهوا فيها مخلصين له، وللدين ولزيارة الأضرحة، وهذا سلوك يكشف حجم المخاوف التي عاشوها، مثلما هو وسيلة لاتقاء بطش السلطة، ويكشف من جانب آخر حجم الرعب من الموت والجوع، وهو لازمة ارتدادية طبيعية لعدم وجود المخلص والمتصدي للمخاوف تلك، ذلك لأن قانون العيش بمفهومه العام أصبح بيد السلطة، فهي التي ترسم الحياة لهم، مثلما ترسم لهم النهايات، من خلال السجن والنفي والموت. وكلنا يتذكر الجنود الذين ظلوا حريصين على اداء صلاتهم في الجبهات، متوسلين الله النجاة، أو شاكرين الرب على بقائهم احياء في المعارك التي خاضوها، حامدينه على خروجهم منها سالمين، ومن ثم صار لزاماً عليهم الصلاة والصيام والذهاب لزيارة الأضرحة في كربلاء والنجف وسامراء والكاظمية.

لا نريد أن نتحدث عن عدد الذين تركوا صلاتهم وقالوا ما قالوا من رأي بالدين، بعد نجاتهم من السجن والحرب والحصار، ساعة انتهاء فترة حكم النظام في 2003 ذلك، لأنَّ أعداداً كبيرة منهم، ممن غمرتهم السعادة بالنهاية المخزية للنظام، ذهبوا للصلاة زرافات ووحداناً في المساجد، وحرصوا الحرص كله، على تأديتها في اوقاتها وبخاصة صلاة الجمعة، حتى غصّت بهم الشوارع، فافترشوها مساجد ومصلايات، راصّين الصفوف، شاكرين، حامدين، مبتهلين، وهم الجيش الأول الذي شكل نواة المقترعين في الانتخابات الأولى، وهكذا استعاد الإيمان صورته وذهب الجميع الى الاعتقاد بأن الله وفقهم الى ما حلموا به: “حكومة اسلامية وبلاد غنية” وهل في الحلم بحياة الرغد أكثر من هذا ؟

لكن الحلم ذاك، سرعان ما تبدد، فقد خذلت الأحزاب الاسلامية ناخبها، بعد أن صار الضحية الأولى لحكمها، فهي التي خدعته وسرقته وأفقرته وبددت أموال بلاده، وهي التي قتلته في حروبها الطائفية. القضية التي اعادته الى تذكر ما حاول نسيانه من قتل وتهجير وسجن وجوع على يد النظام السابق، فها هي اليوم تعيد عليه متوالية الظلم، التي ظنَّ أنه تخلص منها الى الابد. لذا نرى الجيل الجديد راح يراجع ما اعتقده وآمن به، وجعله السبيل الى حياته في الرغد والطمأنينة والأمن والسلام.

نعم، علينا أن نقر بوجود جيل جديد، في الجامعات أو في مفاصل حياتية أخرى تعرض لهزة عنيفة في ايمانه أو ما عاد يؤمن، أو لنقل أنه بدأ يسأل الأسئلة الكبرى، دليله في ذلك، سوء تصرف حاكميه، وعبثهم بمقدرات حياته، فمن وصف في أذهانهم بالقديس يوماً تكشف زيف قداسته، ومن وصف راهباً يوماً تكشف عن حجم المال الذي سرقه، وهكذا تعددت صور الذين وقعّوا بيان إلحاده.

نقلا عن صحيفة المدي

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب