22 نوفمبر، 2024 5:57 م
Search
Close this search box.

من يقود الحوار العقلائي القادم .. والعراق على وشك الانهيار؟

من يقود الحوار العقلائي القادم .. والعراق على وشك الانهيار؟

في قراءة مبسطة للخارطة الجيوسياسية الحالية للعراق يمكننا القول ان البلد مقسم الى ثلاث مناطق وكل طائفة تعيش برؤى وأفكار متنافرة عن الاخرى، لان ما يعلو على مصلحة الجميع هو التخندق الطائفي وصم الأذان لسماع الاخر… ناهيك عن التدخلات الإقليمية وحرب تمدد النفوذ في المنطقة.
المنطقة الاولى: تحت سيطرة داعش
المنطقة الثانية: اقليم كردستان والتمدد الكردي بعد احداث العاشر من حزيران وسيطرة البيشمرگة على كركوك وأجزاء من ديالى وصلاح الدين .. او ما تسمى بالمناطق المتنازع عليها.
المنطقة الثالثة: ما تبقى من الاراضي العراقية لبغداد جنوبا وعلى الرغم من سيطرة الدولة المركزية لكن هناك ميليشيات تابعة لأحزاب نافذة في الحكومة تتقاسم النفوذ السلطوي ولها السلطان على القرار الحكومي والمواطنين بالترغيب والترهيب .. وتمتلك السلاح والقوة والعمل المليشياوي الظاهر للعيان.
    ويمكننا القول ان هناك ثلاثة سيناريوهات لمشهد قادم معقد ينذر بحدوث الحرب الأهلية بثلاثة محاور في حالة عدم الامتثال لصوت العقل والقواسم المشتركة للمصالح العامة لجميع العراقيين (وتبقى معالم الخطورة حتى وان تشكلت حكومة المحاصصة المعول على إنشائها في الوقت الحاضر).
اولا- حرب كردية – عربية لما استجد بعد احداث العاشر من حزيران ودخول الأكراد كركوك وما حولها ولا يمكن مغادرتها وتخلي إدارة الإقليم عنها بسهولة… اذا أرادت الحكومة المركزية استرجاع الخارطة لما قبل العاشر من حزيران.
ثانيا- حرب ضروس قائمة بين الجيش وهيمنة الدولة الاسلامية في بلاد الشام والعراق  ( داعش) في المنطقة الغربية والشمالية الغربية خارج نفوذ الدولة ، بعد الانسحاب المهين للجيش العراقي من الموصل وصلاح الدين وكركوك امام هجمات داعش والقوى المتجحفلة معها.
ثالثا- حرب طائفية خفية غير معلنة في المناطق المتداخلة في تركيبتها السكانية من سنة وشيعة … بغداد والبصرة وبابل أنموذجا… تقودها ميليشيات من طرف واحد مصرح لها حكوميا باستخدام إمكانيات الدولة.
رابعا- اضافة لما تعرضت له الأقليات من المسيحين والشبك والايزيدين والصابئة والتركمان من عمليات القتل والتهجير من قبل جميع الأطراف المتقاتلة حالة يندى له الجبين الإنساني.
        لكل ما تقدم يجدر بنا ان يسلّم الامر للنخبة العقلائية تدير الحوار بين الأطراف المتنازعة… تؤسس لمرحلة قادمة تفكك المعضلات وتعني بإرساء الدعائم اللازمة لحدود الأقاليم بلا مهاترات وتعلن للشعب العراقي نتائج الحوارات مع الأخذ بنظر الاعتبار طبيعة المناطق المتنازع عليها وطبيعة القاطنين وخيار الانتقال.
 وعلى النخبة العقلائية حين تتولى امر البلاد ..ان تأخذ بنظر الاعتبار الجوانب التالية:
١- إماطة اللثام عن المشاريع الظلامية للاحزاب والكتل السياسية المدعومة إقليميا ضمن حرب خفية بين الفرقاء يدفع فاتورتها المواطن قتلا وتهجيرا.
ولتلك الفقرة تطرح الأسئلة التالية :
– من يريد التقسيم ليقدم مشروعه امام الشعب ويدافع عن فكرته وطرحه بلا قناع؟                   – من يريد عراق فيدرالي ليقدم رؤاه في إدارة الأقاليم وعلاقتها بحكومة المركز وتحديد مهام كل منها تفصيليا؟
– من يريد عراق شمولي مركزي يصدّر الأحكام والقرارات من بغداد حصرا لكل ارجاء العراق؟ …أيضاً يقدم مشروعه.
٢- على النخبة العقلائية المشار لها أعلاه ان تتخذ من المعاهدة الستراتيجية بين بغداد وواشنطن ومساندة الاتحاد الأوربي للضغط على القوى الإقليمية الفاعلة في المشهد السياسي العراقي لترغم الفرقاء للجلوس على مائدة التفاوض والحوار تحت مظلة دولية لبناء تفاهمات مجتمعية لتجنب العراق مخاطر وأهوال الحرب الأهلية.
٣- إيقاف العملية السياسية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني لفترة زمنية محددة ترسي دعائم المصالحة الوطنية الحقيقية… ووفق خطوات المصالحة تقوم باعادة كتابة الدستور والتأسيس القانوني الرصين لمفوضية عليا مستقلة للانتخابات وقانون الأحزاب وتمويلها وإرساء دعائم واضحة المعالم للسلطة القضائية واستقلاليتها بمشورة دولية.
٤- بالتزامن مع الإصلاحات السياسية .. يقتضي الشروع بمنهاج اقتصادي واستثماري متين بدعم دولي لجميع الأقاليم وفق النظم الاقتصادية الحديثة وبمشورة وإشراف مؤسسات الامم المتحدة المختصة والبنك الدولي…لتحديد معالم السياسة الاقتصادية القادمة.
ه- الأعداد لتعداد سكاني شامل يضع رؤيا واضحة المعالم لسكان العراق وفق قاعدة بيانات رصينة شاملة.
٦- الجميع يعلم جيدا بتطور العلاقات الكردية – الإسرائيلية منذ خمسة عقود ونيف.. وان التحالف الكردستاني بحزبيه يمتلك تحالفا تاريخيا ستراتيجيا مع التحالف الشيعي وخصوصا حزب الدعوة والمجلس الاسلامي الأعلى  … وحين تقاطعت المصالح بينهما اخيراً تعالت صيحاتهم خلال الأشهر الماضية اتهام الأكراد بالعلاقة مع اسرائيل وكأن التحالف الشيعي توا علم بتلك العلاقة .. لذلك علينا دفع الأمور الى نهاياتها ونطرح سؤالا محددا وبوضوح:
هل نحن دولة مواجهة وحرب مع اسرائيل؟
ام نحن مع السلام العادل والمنصف للشعب الفلسطيني والتعايش بسلام.
       قد يتسائل البعض ما هو الغطاء القانوني لتلك النخبة العقلائية المطلوب تشكيلها.. يمكننا الإجابة ان تفعيل قانون مجلس الاتحاد المثبت دستوريا بصلاحيات واضحة المعالم وبرعاية الامم المتحدة ودعم دولي في الاختيار والتمثيل والمشاركة الدولية للأمم المتحدة ضمان لإرساء دعائم العدالة وإيقاف حمام الدم وإعادة الثقة للفرقاء لكون البلاد مهددة بالتفكك تحت لوء الإرهاب ومنذرة بالحرب الأهلية.. والتخوف من استيلاء المنظمات الإرهابية على مصادر الطاقة مما يولد تمويلا للإرهاب العالمي يكون نذير شؤم للعالم باجمعه… او تفعيل مبادرة الامم المتحدة بتشكيل حكومة تكنوقراط تأخذ على عاتقها جملة الطروحات أعلاه وفق برنامج متكامل تأخذ البلاد الى شاطيء السلام… وبرعاية دولية مباشرة.

أحدث المقالات