كان العرب في عصر الجاهلية يقتلون بناتهم بطريقة الوأد وكانوا يعتبرون هذا الامر مفخرة لهم لانهم يعتقدون ان البنات اذا وصلن الى ريعان الشباب وخالفن اوامر الاهل شيء معيب لهم وقد اخذتهم العزة بالإثم ولم يدركوا في حينها ان امهاتهم وزوجاتهم وماملكت ايمانهم نساء ايضا وهم بأمس الحاجة لهم لان الحياة واستمراريتها مبنية على الذكر والانثى.. ولو اختلفت الموازين بفقدان احد العنصرين فسوف نصل الى مرحلة النهاية للمخلوقات البشرية عندها سوف ندرك جيدا ان من يقومون بقتل الاناث يقومون بقتل الذكور ايضاً في نفس الوقت دون ادراكهم لذلك..
كان هذا الكلام قبل اكثر من الف وخمسمائة سنة تقريبا وكان كل شيء في هذا الموضوع مختلف كلياًّ عن يومنا هذا فتعدد الزوجات وطريقة الزواج والعبودية والجاريات واختيار زوج للإنجاب وغيرها من العادات التي نقلتها لنا المصادر التاريخية والتي جاء الدين الاسلامي لمحاربتها من خلال موضوع التحليل والتحريم والقضاء عليها نهائيا واصدار تشريعات سماوية جديدة تنظم الكيان الاسري بطريقة صحيحة يتقبلها العقل والمنطق بعيدة عن الشهوات الدنيوية للانسان ومن اجل خلق مجتمع تكون سلالته في الانجاب سليمة ويكون توارث النسب فيه صحيح ومقبول لدى بني البشر…
ورغم ظهور بعض العادات والتقاليد السلبية لدى بعض الاقوام والشعوب الا ان المفهوم العام والسائد لدى اغلب بني البشرية في العالم اليوم يعتبر متقارب المفاهيم ومبني على اساس بناء الاسرة الصحيحة بشكل يحافظ على استمراريتها من خلال الارتباط المقدس بين الرجل والمرأة وان يكون هذا الارتباط موثق وبموافقة الطرفين على ان يتحمل كل طرف المسؤولية الواقعة عليه من ناحية الواجبات والالتزام بالمفهوم الاسري وبناء عائلة متكاملة متفقين في افكارهم من اجل تحقيق الهدف الاهم وهو النجاح لكل افراد اسرهم والمحافظة على كيانها…
ورغم ان اغلب المجتمعات العربية مازالت تميل الى المجتمع الذكوري ومازال الرجل يعتبر نفسه صاحب السلطة المطلقة الا ان الواقع الجديد والعيش مع الحياة المدنية العصرية وخاصة في المجتمعات الريفية وتشجيع الاناث على التعلم ودخول المدارس والحصول على الشهادات العلمية ومشاركة الرجال في العمل الوظيفي في كل مفاصل الحياة وخلق اجواء شراكة تامة والاحترام المتبادل بين الطرفين والتعاون التام لتوفير كل المقومات التي يحتاجها انجاح تلك العائلة..
اليوم ومع التطور التكنلوجي والثورة الصناعية الكبرى في مجال الاتصالات والاجهزة الإلكترونية وظهور الانترنيت والذي رافقه ابتكارات علمية كثيرة احدهما مواقع التواصل الاجتماعي الذي استطاع المتابعين من خلاله الاطلاع على كل ماهو جديد في العالم وكذلك توثيق الخبر لحظة بلحظة والاستفادة من جميع التطورات التي رافقت النهضة العلمية.
الا ان المتابع للتطورات في مجتمعاتنا العربية يشعر بغصة كبيرة اليوم من خلال ما نسمعه من اخبار غير مألوفة في مجتمعاتنا والتي تميل الى مفاهيم الشذوذ الاخلاقي وانتشارها في الشارع العربي مثل التحول الجنسي وموضوع التفكك الاسري وتشبه الرجال بالنساء وكل الطفيليات التي ظهرت في الشارع العربي وخاصة في مجتمعنا العراقي الذي كان محافظا على التكوين الاسري والعادات والتقاليد الصحيحة وملتزما بشرائع السماء ولايتقبل ما نسمعه اليوم من انعدام للأخلاق لدى بعض العوائل المتفككة وما نسمعه من حوادث للقتل بطرق بشعة اشبه بطرق الوأد في الجاهلية…
ويبقى السؤال الاخير هل يستطيع المجتمع تحرير عقول هؤلاء الاشخاص الذين اغوتهم شهواتهم ورغباتهم بالتحول الجنسي والشذوذ والانحطاط والابتعاد عن مفهوم التكوين الاسري تشبها بالمجتمعات البعيدة عن تقاليدنا وعاداننا وشرائعنا السماوية…..