18 ديسمبر، 2024 11:19 م

من يعيد طفولتنا المسروقة

من يعيد طفولتنا المسروقة

كنّا اطفالاً صغار مثل كل الأطفال المحرومين في عراقنا الجريح ، ولدنا وسط الخوف والفقر والحرمان فكل شيء ممنوع في بلدنا حتى قصص الأنبياء في أفلام الكارتون .
كنا نرى الأطفال وهم ينشدون للطاغية في أعياده المشؤومة ، وهو يغدق عليهم بالهدايا والمكافأة ، ونراهم يلعبون ويمرحون فيعتصرنا الاسى والحزن ،
كنّا نقول لماذا لسنا مثلهم ولماذا نحن محرومون هكذا ،فيأتينا الجواب من امهاتنا هذه البرامج ليست لكم بل هي للأطفال ؟ فيعتصرنا الالم ويزداد همنا،
حتى كبرنا وكبر معنا البؤس والحرمان في ظل حكم الطاغية ورأينا الشباب تساق الى المشانق وكانت تمتلئ السجون بالالاف الشباب المؤمن لالشيء الا لانهم كانوا يقرأون القرأن أو مفاتيح الجنان ،
وكنا نرى جمهورية الرعب تتمدد وتقتل بلا هوادة أو رحمة وكان المجرم يمارس هوايته المفضلة وهي الحروب التي كانت تأخذ الى جبهات الموت والقتال دفاعاً عّن الطاغية وكرسيه وكانت صوره تنتشر في الطرقات والمناهج الدراسية والصحف والمجلات ،
كنّا لا نستطيع ان نلتقي بأصدقائنا أو نجتمع لدى احد وكنا محرومين من التكلم بأبسط الأمور حتى لا نكون هدف لعصابات الأمن والبعث والاجهزة القمعية الاخرى ، والتي تتلذ بتعذيب من تشك في أمره ، بالمقابل كان أبناء البعثيين يلهون ويمرحون على حسابنا وعلى حساب دماء شهدائنا الاطهار ، وكان الطاغية يقلدهم الأوسمة وانوطة الشجاعة لاستبسالهم واستعبادهم العراقيين الرافضين لنظام البعث الكافر الذي سرق منا كل شيء وحرمنا من ابسط الأشياء الجميلة في بلدنا ، لكن هؤلاء نسوا ان هناك إرادة أقوى من إرادتهم وارادة نظامهم ، وهي ارادة الله ( جل ) التي كنّا نؤمن بها والتي كنّا نرجوها في كل يوم وكنا ندعوا الله الا يعيش اطفالنا اجواء الحرمان والبؤس الذي عشناه ، وحقًّا تحققت إرادة الرب وأسقطت جمهورية الخوف والرعب ، وتحرر البلد من سطوة الطاغية وحزبه واستنشقنا الحرية والكرامة ،وأرجعت للأطفال برائتهم ، لكن من يعوضنا عّن سنوات حرماننا وسنوات طفولتنا التي سرقت ، يبقى هذا هو السؤال الأهم .