23 ديسمبر، 2024 10:00 ص

من يعارض التسوية، ولماذا كل هذا الاهتمام بها؟

من يعارض التسوية، ولماذا كل هذا الاهتمام بها؟

تولد المشاريع الكبيرة من رحم أفكار قد تكون صغيرة، أو أنها تتكون عبر فترات زمنية معينة وبظروف خاصة إلى أن تنضج لتصبح واقعا لابد من الاصطدام به، والمشاريع السياسية لا تشذ عن تلك القاعدة، فالتسوية الوطنية تراكمت نظرياتها عبر 13 عاما، إلى أن ولدت بهذه الطريقة.التسوية الوطنية أصبحت واقعا مفروغا منه، خاصة مع تسليط الضوء عليها من قبل الإعلام العراقي، ومن كل التيارات والأحزاب المختلفة، فقد سلطت الأضواء عليها من معارضين لتوقيتها، ومن مساندين لها، ومن متوجسين منها، ومطالبين بتفكيك طلاسمها.ما يهم في هذا التطور السياسي والإعلامي الكبير، هو أنها أشبعت بحثا وتحليلا من كل السياسيين، وأغلب الإعلاميين والمثقفين، بل أن البعض تعمق فيها، ورد على من جاء بها، كمتوجس منها، وغير مستسيغ لصيغتها الحالية، ورافض لها بحجة تضييع حقوق مكون ما.الغريب في الأمر ليس في التوجس والحذر، أو الاعتراض بحد ذاته، لكن الغريب أن المعارض يدعي أن هناك الكثير من السياسيين والأحزاب والمكونات تعارضها، ولذلك فإن اعتراضه ليس من حيث المبدأ كتسوية وطنية، بل معارضته نابعة من مساندة الآخرين.مع كل هذا الاهتمام الإعلامي، والاختلاف السياسي اليومي، لم نرَ معارضا جاء بمشروع آخر بديلا عن التسوية الوطنية..! ولم نرى متوجسا أدلى برأيه  فيها، أو طلب التعديل على فقراتها، ما رأيناه من الأغلبية هو الاعتراض وحسب…!في السياسة يسمى هذا الاعتراض السلبي، “تنافسا سياسيا”،

فعندما طرحت وثيقة التسوية الوطنية، عاد الزمن بنا إلى الوراء، وأخذت التسميات تتهافت، منها من قال عدنا إلى وثيقة الشرف، ومنهم من قال فلتكن هذه الوثيقة كشروط المنتصرين على المهزومين، وتوالت التسميات، لكن في نهاية المطاف، التسوية سارت بهدوء والكل مقتنع بها، رغم الصخب اليومي المناوئ لها.تسليط الأضواء على وثيقة التسوية الوطنية، والاهتمام الكبير بها لم يأتي اعتباطا، وإنما جاء لاكتمال جميع متطلبات الحدث الوطني الأهم، والذي سيغير معادلات كثيرة، ويطيح بأفكار وأيديولوجيات إعتاشت عليها أحزاب سياسية، لأكثر من عقد من الزمان، كالطائفية الدينية والقومية.عندما تسأل عن بديل للتسوية الوطنية، سيقال لك البديل هو التسوية الوطنية، وعندما تريد معرفة عدد المعترضين، سيتبخرون عند أول العد، وعندما تسأل لماذا كل هذا الاهتمام بالتسوية الوطنية، ستجد الجواب بأنها حاجة وطن ضائع وشعب مشرد، وهي مسار وخطوات لابد منها ولا توجد خيارات غيرها.