الناس مقامات,وهم يحتشدون في خانات محددة ، ولكن من يطلق الاسماء, من يسمي الاشياء، من هو المخول بمنح الالقاب, من يحدد ملامح التوصيفات ، من يكتب بنود المفاضلات ومن.. ومن ؟
يافطات كبيرة مرفوعة في كل اركان المجتمع ,يقرأها ويتمعن بها من يعنيه الامر لانها تبحث عن حقيقة مفقودة , وصارت الاجابة عنها من الصعوبة بمكان , فمن يطرق الابواب الموصدة التي يكاد الصدأ يأكل ثلثها ؟
اليوم دخلنا زمنا جديدا ،كل شي صار فيه نقيضا لتفاصيل الماضي ،عندما حلقت الاشياء بخيال مجنح ارتفع بالسفائف الى الذروة ، زمن لا تميل اشجاره مع اتجاهات الريح ، واختلطت فيه اقدار الناس ،صار العملاق قزماً.. والقزم برجا يعانق السحب ، والجاهل عالماً..والعالم غدا فيه حجراً مركوناً في زاوية النسيان ،والمبدع مشروعاً للموت في اية لحظة ، زمن اعتلى فيه الجهلاء قمم الحاضر .
انها توصيفات تخضع لحسابات مزاجية ، تحددها ارهاصات افكار قررت ان يكون كل شي جديداً في هذا الزمن , بعيداً عن الحقيقة ,مادام الموصوف لا يعرف سوى كلمة (نعم) ويقبل بكل شي ولا يرفض اي شي.
غادرت الالقاب من هم اجدر بحملها هائمة بصحراء التشتت والضياع والانكسار ، وانيطت مسوؤلية اعبائها بنفر تساقطت اجسادهم منكافأةً من هول حجمها وثقلها ،لكنهم ظلوا يراؤون ، ويتقمصون ادوار المكابرة الكاذبة .
من يبحث عن الحقيقة ،وعن الضحايا والارواح المزهوقة قسراً ،والنيران المستعرة وصرخات الاستغاثة ، يجدها في ادراج مكاتب المسؤولين والسياسيين ،ومن حملوا الالقاب ودرجات المفاضلات ,نائمةً تدور في فلك مسميات الزمن الجديد ،لاتجد من يوقظها ويبعث في جسدها صحوة دائمة تدفن والى الابد سطوة الصغار ,او تشيعهم هم وتسمياتهم الباطلة الى مثاو خارج الارض .
التسميات والالقاب لا تمنح بالمصادفات المبتكرة والمبتدعة ، بل على قدر الجهد المبذول والابداعات في اشواط الحياة المتعددة ودوامة الايام.
دعونا نطمئن من ضياع يتربص بنا اسمه الالقاب والمسميات , عسى ان نمحوا خطوات سوداء صبغت مواسم العمر.