22 ديسمبر، 2024 8:07 م

من يضع القوانين ؟

من يضع القوانين ؟

الحلقة الثالثة 
أجابني عضو في مجلس النواب العراقي عندما سألته :   لماذا تغيرون و تضيفون في بعض القوانين التي تأتيكم من الجهات التنفيذية و غيرها من غير الاتفاق معها ، أجابني : و هل وظيفتنا مجرد قراءة مشاريع القوانين و التصويت عليها .
هذا الجواب يحمل من الوجاهة الشيء الجيد ، إلا أن أكمال مناقشة ما بدأناه في الحلقات القادمة يتطلب النظر في سيرة مشاريع القوانين من كتابتها إلى نشرها في جريدة الوقائع العراقية ، أي إلى بلوغها مرحلة النفاذ و السريان ؛ و حتى لا تتبعثر الأفكار سنتحدث عن مشاريع قوانين السلطة القضائية الاتحادية ( مدونة التشريعات القضائية )، لأنها محل الحديث و النقاش ؛ في السلطة القضائية الاتحادية تقدمت لجان تشكلت في كل استئنافات العراق بمقترحاتها لكل مشروع قانون بعد أن تم تكليفها و رفعت إلى لجنة عليا في مركز السلطة القضائية الاتحادية ، و هذه اللجنة و من قبلها اللجان السابقة تتكون من قضاة بمختلف التخصصات و المستويات يزاولون القضاء ، أي أن معرفتهم نظرية و تجريبية  بعد ذلك تنتقل مشاريع القوانين هذه إلى مجلس الوزراء للنظر بها من قبل لجنة قانونية أو يمكن غير ذلك و قد يضيف أو يغير و هذا ما يحصل كما في أكثر من تجربة ، و مجلس الوزراء قد يرسلها الى مجلس شورى الدولة و هي جهة استشارية و قد لا يفعل كما جرى مع قانون المحكمة الاتحادية ، بعد ذلك ينتقل مشروع القانون إلى مجلس النواب و في هذا المجلس هنالك لجان مختصة تضطلع بقراءة هذه المشاريع و بإمكانها فعل الشيء الكثير مرة بالمناقشة و الأتفاق مع الجهة المعنية ، و قد لا تفعل هذا ؛ و قبل الخوض في نقاش هذا المسار علينا أن نفصح عما يحصل في الأونة الأخيرة أو هكذا بدا لنا ، فاللجان النيابية بعد أن تكمل عملها في أي مشروع قانون تدفع به إلى المناقشات في مجلس النواب و القراءات و بعد ذلك التصويت ، إلا أن هذه اللجان و نحن نتحدث عن اللجنة القانونية المعنية بقوانين السلطة القضائية و في أكثر من مرة ، قامت بتغييرات و إضافات على مشاريع القوانين بعد أكمال المناقشات و القراءات الأولى و الثانية و قبل التصويت ، و لذا وجدنا أكثر من نائب بل حتى من أعضاء اللجنة القانونية يتفاجأ أنه صوت على قوانين تشتمل على صيغ و مواد لم يقرأها ، و هذا ما حصل في قانون هيأة الإشراف القضائي و قانون جهاز الادعاء العام .
فضلا عن هذه الأخيرة ؛ يمثل مسار مشاريع القوانين أنف الذكر المسار الدستوري و القانوني ؛ إلا أنه يصطدم بقصديات متعددة للدستور و للقانون و للديمقراطية ، فالديمقراطية كمقصد و ليست كأليات تهدف إلى الحد من الديكتاتورية و الظلم السلطوي ، و تحقيق العدالة و التقدم ، و لذا ألزمت بمجموعة من المبادىء بالإضافة إلى تقنياتها و ألياتها ، و هذه المبادىء تشكل ما أسميناه بالقصديات .
فعندما تعمد السلطة التنفيذية و مجلس النواب إلى تصيير القوانين بما يحقق للجهات القائمة على مجلس الوزراء و مجلس النواب في مرحلة ما مصالحها بحجة الصلاحيات ، فهذا خرق دستوري لإنه خرق ديمقراطي ، و لا يجوز سن أي قانون يتعارض مع المبادىء الديمقراطية ، و لم يقل مع السياقات الديمقراطية ؛ فالنظام الديمقراطي ليس نظام طائفي أو عرقي حتى يتيح للجهات الطائفية أن تصير القوانين و التنفيذ و القضاء طائفيا و عرقيا ، كما تفعل جهات تنفيذية و تشريعية . 
يتبع