23 ديسمبر، 2024 11:29 م

من  يصنف عدونا الاول ؟!

من  يصنف عدونا الاول ؟!

قد يختلف العديد من القراء في تناول هذا المقال لما له حساسية ثقافية وفكرية واجتماعية ودينية ، فكل فرد يعطي رأيه في تحديد من هو عدوه الاول ،  او من يصنفه هل المجتمع ام الطبقة السياسية ؟ وتبعاً للموروث  التأريخي والاجتماعي والسياسي قد ينقسم المجتمع  في  معرفة عدوه الاول  ، و سيبرز اكثر من عدو وهنا تكمن الصعوبة في تحديد اولويات العدو الاول . كان العامل الديني هو من اكثر العوامل  تحديداً للعدو الاول جراء الهجمة التي تعرض لها الاسلام بعد ظهور الاستعمار واحتلال الشعوب بالقوة وطمس هويتها الدينية والثقافية ، ومن ابرز الامثلة انحياز المراجع الدينية في العراق الى الحكم العثماني ومحاربة الغزاة الانكليز ومن معهم من الهنود بالرغم مما سببه العثمانيون طيلة خمسة قرون من ويلات وتفرقة بين الشعوب الاسلامية ورفع شعار ( فرق تسد )   ، فضلاً عن العامل القومي والطائفي  واحياناً تكون الاثنية عاملاً ثالثاً . بعد الحرب العالمية الاولى و انتشار الفكر القومي بات الاستعمار الغربي هو العدو الاول ، الا ان التحول الذي طرأ على الفكرالديني والثقافي  في العراق هو بعد انشاء الدولة العبرية في فلسطين عام 1948م واتجهت الانظار الى العدو الاول ( اسرائيل ) جراء اشاعة ثقافة العدو الاول التي عززتها الانظمة العربية لا سيما  النظام السابق في نفوس وضمائر المجتمع . فيما بدأ التراجع واضحاً بعد عام 2003م في السلوك والممارسات واضحى المواطن اكثر جرأة في نقد من يعتبر ان ( اسرائيل ) العدو الاول بسبب عوامل نفسية ورفض سياسية التعبئة والتحشيد السائدة انذاك  ، واصبح المعيار الذي يُحدد العدو الاول مؤطراً بجوانب عديدة جراء المعطيات التي افرزتها المرحلة وما رافقها من تاثيرات وجدانية وحسية جعلت المواطن يعزف عن الخوض في تعريف من هو العدو الاول . نعتقد ان الواقع الحالي قد فرض على المواطن ان ينظر اليه  من زوايا متعددة  وبالتالي سيكون عدوه الاول تبعاً لاراءه ومعتقداته وثقافته ومدى تأثيره المباشر عليه  . اما اليوم فقد نرى ان المواطن قد حسم تحديد عدوه الاول من خلال نظرته الى واقعه وليس الى موروثه وثقافته لا سيما وان حاجته باتت ملحة  اكثر من ذي قبل .  أليس العدو الاول هو من يسرق قوت الشعب في وضح النهار وتحميه قرارات وانظمة و عصابات واحزاب وكتل سياسية  مع سبق الاصرار والترصد ، لذا فمن حق المواطن  ان يعرف عدوه الاول من خلال الاولويات الوطنية والمجتمعية    وليس تنظيرات سوقية غايتها ذر الرماد في العيون وابقاء شعارات الامس عالقة في الاذهان  .