19 ديسمبر، 2024 9:01 ص

تتوالى أحزان الأدباء في نفق يضيق ولا يبشر إلا بالمقبل الأسوأ، ففي ظاهرة قد لا تكون الأولى-فمن يعضّون على شفاه صمتهم كثر- نجد تفاقماً لأزمات المجتمع وشرائحه وعلى رأسهم الأديب الحقيقي والرصين…
فهذا هو القاص العراقي الأصيل سعدون جبار البيضاني، الميساني الوديع والمثابر، يضطر لعرض داره ومأوى عائلته الوحيد للبيع…!
بيع الخسارة لا الربح، بسبب مرض ولده الذي يحتاج لعلاج عاجل…!
وهنا تكمن المأساة…
أن يبيع المواطن ملاذه لينجو بروحه، ليستحق لقب الناجي الأكبر في الجحيم…!
الجحيم الذي تمارسه القوى السياسية المتنفذة والممعنة في تجاهلها، وعدم قدرتها على حل الأزمات، أو تقديم يد العون للمحتاجين.
فأين الضمان الاجتماعي؟ وأين التأمين الصحي؟ بل أين الأمن؟ بل أين الماء والكهرباء؟
لعل الجواب الأبرز في زحمة تساؤلاتنا واحتجاجاتنا هو أن لا وجود لبشارة تقي الروح من الضياع، فما يستحصله العراقي اليوم من كل عراقه صراع بشع بين قوى يقال عنها قوى سياسية…!
يالخسارتنا… فالحقيقة أنهم مجموعة مزيفين ينتهجون الخداع ليتفيّؤوا في ضلال سلطة تقيهم من الحرمان الذي يجيدون تلقين الشعب دروسه سنة بعد أخرى.
لقد وصل الأمر ذروته، فالعيب طريقٌ لا تعرفه هذه الوجوه، والعار وصمة تليق بهم…
فهل تساءلوا عمّن يجوع ويعرى؟ وعمّن يصل لهاوية التفريط بسكنه وجسده وأعضائه لينقذ أعزّاءه؟
وفي الوطن آلافٌ، بل ملايين ممن لا يملكون سوى آلامهم، وممن لن يجدوا شيئا يبيعونه حين الفاقة والضر.
فيا أيها المتنمّرون على شعبكم، وفيما بينكم…
لقد آن الوقت لتصنعوا الحياة لفقراء الشعب، فهذا خيرٌ من تقاتلكم المخجل من أجل مناصب تتخذونها فائدة لكم.
أنقذوا ولد صديقنا البيضاني، وبيته ووجوده، فكلمته تمثل البقاء في عالم يهدده الزوال كل يوم وساعة.
وأخيرا…
راجعوا ما قاله السياب في أنشودته، ففيها استباقٌ لوصفكم:
“مطر… مطر… مطر…
وفي العراق جوع…
وينثر الغلالَ فيه موسمُ الحصاد…
لتشبعَ الغربانُ والجراد…
وتحصدَ الشوّانَ والحجر…
رحى تدور في الحقول حولها بشر”.

أحدث المقالات

أحدث المقالات