من يستحق نوط الشجاعة؟

من يستحق نوط الشجاعة؟

‏في حوار خاص جمع احد الاعلاميين مع الفريق الركن عبد الغني الأسدي، كان السؤال عن الشجاعة هو مفتاح الحديث، فسأله الصحفي:
‏كم تملك من أنواع الشجاعة؟
‏فأجاب بنبرة الواثق الذي عرف الميدان وخبره:
‏”أنا أمتلك سبع عشرة نوط شجاعة، ومعها وسام الرافدين.”
‏لم تكن الإجابة استعراضاً ولا ادعاءً، بل كانت تلخيصاً لمسيرة رجل حمل بندقيته وقلبه معاً، وواجه الموت مراراً ليمنح الحياة لغيره. رجلٌ عرف كيف يكون الوطن في زمن كثر فيه المتسلقون.
‏سأله بعدها:
‏لمن تمنح نوط الشجاعة؟
‏فقالها دون تردد، وبدون مجاملات أو مواربة:
‏”أمنحه للرجال الشجعان فقط. لا أمنحه لابني حيدر، ولا لابن أخي مفيد، ولا لأي شخص آخر لا يستحقه. هذا النوط ليس إرثاً عائلياً، بل شرف يُمنح لمن نذر نفسه للعراق، لمن ضحى ولم ينتظر مقابلاً، لمن قاتل وهو يعلم أن عودته غير مضمونة.”
‏تلك الكلمات لم تكن مجرد تصريح عابر، بل كانت درساً في النزاهة والوطنية. فالنوط، أيًّا كان اسمه، لا يعني شيئاً إن لم يُعلَّق على صدر من يستحقه. والشجاعة الحقيقية ليست مجرد تهور، بل وعيٌ بالمخاطر وإصرار على مواجهتها من أجل قضية عادلة.
‏الفريق عبد الغني الأسدي، في تلك اللحظة، لم يكن يتحدث كقائد عسكري فقط، بل كأبٍ للوطن، يرفض أن تُباع الأوسمة في سوق المجاملة أو القرابة، ويصرّ على أن تُمنح لمن كتب تاريخه بدمه، لا بحبر التقارير أو تزكية المعارف.
‏فمن يستحق نوط الشجاعة؟
‏الجواب واضح…
‏إنه ذلك الذي يضع العراق أولاً، قبل العشيرة، وقبل الحزب، وقبل الاسم. إنه الذي لا يبحث عن منصب، بل عن موقف، ولا يركض خلف الكاميرات، بل خلف الحقيقة.
‏فلتُرفع نياشين الشرف على صدور الأبطال الحقيقيين، ولتُكتب الشجاعة في صفحات التاريخ بأسماء من قاتلوا وصمدوا وبقوا أو رحلوا من أجل العراق.
‏نعم أيها القائد الأسدي، تقولها دائمًا مدوية وبكل صراحة، تقولها وبكل شجاعة، تقولها كالأسد عندما يصرخ في عرينه. إنها الحقيقة التي لا يستطيع غيرك أن يقولها.